نوبة حنين لأقلام افتقدناها

نوبة حنين لأقلام افتقدناها

نوبة حنين لأقلام افتقدناها

 عمان اليوم -

نوبة حنين لأقلام افتقدناها

بقلم - عريب الرنتاوي

يجتاحني الحنين لأقلام افتقدتها صحافتنا الوطنية، أسهمت على مدى سنوات وعقود في تشكيل وعينا وذائقتنا، ولم تكن نهاراتنا لتبدأ من دون تلقف مدادها، والتفاعل مع ما استنبطته من مفردات وأفكار وصور، تثير فينا الرغبة في التفكير وتحفز قابليتنا للحوار والسجال، وتفتح شهيتنا للمتعة والتذوق، وأحياناً ترسم على وجوهنا ابتسامة صباحية مبكرة.
أفتقد خيري منصور، زميلي و»جاري» لربع قرن في جريدة الدستور، صاحب القلم الرشيق واللغة المتدفقة، المحلق دائماً على ارتفاعات شاهقة، الكاتب الذي تعامل مع اللغة بأدوات «النحّات»، فطوعها رغم أنفها، وخرج منها باشتقاقات لطالما كانت تثير دهشتي وتحرك في داخلي أعمق مشاعر التقدير والاعجاب.
لم أسأل نفسي يوماً «ماذا سيكتب خيري وما الموضوع الذي سيتناوله، فقد كنت مشدوداً على الدوام بـ «كيف يكتب» ومن أي زاوية سيتناول موضوعه ...  لا تبحث في مقالة خيري عن الموقف أو الموضوع، على أهمية نبل المواقف ورفعة المقاربة، فالدهشة والجدّة يرافقانك دوماً وأنت تمر بين كلماته وعباراته التي قُدّت من جلمود صخر.
وأشتاق كلما مررت بهاتفي وما يحتويه من أرقام عند جلال الرفاعي، الفنان الكبير والصديق الأنيق، عفيف القلب واللسان، استجمع صوراً في ذاكرتي للوحاته ورسوماته التي طالما زيّنت الصحيفة، حين كان يختصر برشيته الرشيقة، ما كنا نجهد في التعبير عنه، بسيل وافر من الكلمات والجمل والفقرات ... ولا أدري لماذا كلما مر جلال بخاطري أو قلّبت ألبوم رسوماته، استذكر صديقاً آخر، عيسى الشعيبي، أمد الله في عمره، فقد عرفتهما سوية، وظلت صورتاهما تداهماني مجتمعتين كلما خطر أحدهم بالبال.
ولا تغيب عن البال، «مواجز» محمد طملية، المفعمة بالكوميديا السوداء، فلا تعرف هل تضحك أم ترثي لحاله وحالك وحالنا ... الصوفي، الزاهد المتعبد، الذي نبش عميقاً في دواخلنا، وعرّى جُل ما حرصنا على إخفائه، فكان صادماً برفق، يصفع بابتسامة، ولا تملك وأنت تقرأ له، سوى أن ترفع القبعة لهذا القلب النابض بأصدق المشاعر وأنبلها.
أما «عامود الصحافة الوطنية» فهد الفانك، فقد ترك فراغاً لا يملأه أحد ... كنت أقرأ «الرأي» من صفحتها الأخيرة، فلا شيء أهم مما سيأتي «أبو جهاد» ... لم أكن على وفاق معه دائماً وفي كل المقامات، بيد أن مقالته اليومية، التي لم تنقطع في مختلف الظروف والأحوال، كانت تفيض بالأفكار والمعطيات، فضلاً عن الإيجاز غير المُخل، والذهاب مباشرة إلى لُبّ الفكرة وجوهر المسألة.
وأصدقكم القول، إنني افتقد لناهض حتّر «صديقي اللدود»، الذي لم اتفق معه يوماً على فكرة واحدة، حتى أنه لم يتردد في قيادة تظاهرة تهتف ضدّي ذات يوم ... بغيابه غاب المحاور المُحمّل بالأفكار الإشكالية ... وهل أفضل من «خصم» ذكي ومحاور مثقف؟ ... ناهض مثّل طيفاً سياسياً وفكرياً، لم ينتج بعد، متحدثاُ باسمه، يمتلك القدرة على التأطير والتنظير له.
ولا يسعني في لحظة الشوق والحنين التي تجتاحني سوى التذكير بقامتين كبيرتين: محمود الشريف الذي اتصل بي ذات يوم غاضباً على مقالة لي انتقدت فيها دولة عربية، مذكراً بأن «الدستور» بنيت على التقوى، وأنه لا ينوي الانقطاع عن زيارة تلك الدولة بسببي، فعندما أجبته بأنني لست من «كفار قريش»، أطلق ضحكة مجلجلة، وانتهى الموقف عند هذا الحد.
أما حسن التل، فكان كلما صادفني في الجريدة، يدعو الله بأن يكون قلمي نصيراً للإسلام وسيفاً بيد المسلمين، وكنت دائماً ما أجيبه، بأن الحملات الصليبية انتهت منذ زمن بعيد، وأن «سحنتي» لا تدل على أنني من بقاياهم، فينتهي الأمر بمداعبات منعشة، تجدد الهمة والرغبة في الاستمرار والاختلاف.
كثيرون آخرون، لا يتسع المقام لذكرهم، لهم كل التقدير ومنهم الاعتذار، وعذري أنني لا أكتب بحثاً عن قادة الرأي والفكر وفرسان الكلمة والموقف، بل هي خاطرة اجتاحتني وفضلت أن أشرككم بها.

 

omantoday

GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

GMT 08:29 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

ترامب يدّعي نجاحاً لم يحصل

GMT 08:24 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

فلسطين وإسرائيل بين دبلوماسيتين!

GMT 08:23 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

أزمة الثورة الإيرانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نوبة حنين لأقلام افتقدناها نوبة حنين لأقلام افتقدناها



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 09:36 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

افتتاح معرض ومؤتمر سلطنة عمان للبيئة "جلف إكو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab