بقلم : عريب الرنتاوي
تحت عنوان «إيران تحلم بتأسيس ناتو شيعي»، نشرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا»، مقالاً للكاتب الروسي إيغور سوبوتين، تحدث فيه عن «معاهدة دفاعية – أمنية»، يعكف مجلس الشورى الإيراني على إعدادها، على أمل توقيعها من قبل حلفاء طهران، حكومات ومنظمات، وتشكيل صيغة أقرب ما تكون لحلف الناتو، لضمان «ردّ جماعي» على أي هجوم إسرائيلي أمريكي، يتعرض له أحد الأطراف المتعاقدة.
وينقل سوبوتين عن الخبير الروسي في الشؤون الإيرانية، نيكيتا سماغين، أن المبادرة تهدف إلى «ترسيم» العلاقات غير الرسمية التي تقيمها طهران حاليا مع لاعبين في المنطقة...الخبير الروسي المقيم في إيران، قدّر ألا يُحِدثَ هذا الإطار الجديد أي تغيير جدي، ورأى أن الأطراف ستجد مشكلة في الالتزام بفكرة الرد الجماعي، وأن بعض الأطراف القريبة من إيران لا ترغب في «ترسيم» علاقاتها معها، وأن كثيرٍ منها، لا يمكن وصفه بالاتباع، بل «متعاونين» لديهم مصالح تتلاقى مع المصلحة الإيران، مشيراً إلى وقائع وأمثلة، لم تتوافق فيها المصالح، ورفض فيها الشركاء الامتثال لطلبات طهران، من دون إيراد أمثلة ملموسة دالّة على صحة فرضيته.
ما حاجة طهران لـ»ترسيم» علاقاتها» مع أطراف حليفة وصديقة لها؟ ...وهل مشروع «الناتو الشيعي» ينهض كشاهد على «صلابة» العلاقات البينية بين أطراف هذا المحور، أم أنه تعبير عن الخشية من تمزقه وانهياره؟ ...سؤال قرع مخيلتي، قبل أن أشرع في قراءة مقالة ثانية للكاتب اللبناني راجح خوري في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، وجاءت بعنوان «الجسر الإيراني يتداعى!»
خوري يتنبأ بتداعي الجسر الإيراني، ومن أجل البرهنة على صحة فرضيته، يحشد كل ما نعرفه من أخبار ومعلومات وتسريبات، تتصل باحتمالات التحاق سوريا بعملية السلام والتطبيع مع إسرائيل، والخلاف الروسي – الإيراني في سوريا وعليها، ومحاولات موسكو إبقاء حبال الودّ ممدودة مع تل أبيب، من دون أن ينسى التعريج على العراق، وصراع الكاظمي لاستعادة الدولة العراقية في مواجهة مليشيات الحشد الشعبي.
الصحفي اللبناني، يذكرنا من بين وقائع عديدة، بالإطار الثلاثي للقاء مسؤولي الأمن القومي في كل من روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل، بوصفه المدخل والإطار لجذب سوريا إلى مسار السلام والتطبيع...ثم يعرج على تصريحات الوزير والسفير والقيادي البعثي مهدي دخل الله، والتي «نعى» فيها محور المقاومة، وتحدث عن سلام سوريا مع إسرائيل بشرط استعادة الجولان وقيام الدولة الفلسطينية مكرراً بذلك أقوال رئيسه بشار الأسد في غير مناسبة، ولم تغب عن بال خوري الإشارة إلى الأنباء التي تحدثت عن استضافة قاعدة حميميم الروسية اجتماع المملوك-إيزنكوت، وهو الاجتماع الذي صمتت عنه موسكو وتل أبيب، ونفته دمشق.
ما يريد خوري قوله، أن ثمة تطورات تتفاعل في المشهدين الإقليمي والدولي، وبشكل خاص في كل من سوريا والعراق، وأن ثمة انعطافات وتحولات في مواقف الأطراف ومواقعها، تشي باحتمال تداعي «الجسر الإيراني» الممتد من قزوين إلى المتوسط، وأن هذا الجسر قد يُكسر في حلقتيه السورية والعراقية، وإن حصل ذلك، فإن «الحلقة اللبنانية» ستصبح فاقدة لأهميتها، لا محالة.
يشي ذلك بالاستنتاج بأن «الناتو شيعي»، لا ينهض كشاهد على متانة العلاقات البينية بين «محور المقاومة»، وإنما كتعبير عن الخشية من «تداعي الجسر»...أما حكاية الشواهد على اتفاق وافتراق أطراف هذا المحور وأولوياته، والتي أحجم نيكيتا سماغين عن ذكرها، فلدينا منها الكثير، أقله فلسطينياً (تردد حماس) و»الاستقلالية النسبية للحوثي»، والانقسام داخل العراق حول إيران، وصمت دمشق عن حكاية «جبهة المقاومة في الجنوب السوري»، وغير ذلك من شواهد لا مجال لتفصيلها.