«صفقة القرن 2»

«صفقة القرن 2»

«صفقة القرن 2»

 عمان اليوم -

«صفقة القرن 2»

بقلم _ عريب الرنتاوي

بعد التسريبات المنسوبة لمايك بومبيو عن لقائه في نيويورك بقيادات يهودية أمريكية، يبدو أن «صفقة القرن» التي شغلت بها إدارة ترامب العالم، على وشك السقوط في مستنقع الفشل، ببساطة لأنها «غير للتحقق» كما قال الوزير الأمريكي ... ولكن هذا ليس أكثر ما يثير اهتمامنا في هذه المقالة على وجه التحديد... وسبق أن قتلنا هذا الموضوع بحثاً ونقاشاً خلال العامين الفائتين على أية حال.

ما يهمنا بدل التسريبات عن «صفقة القرن الأولى»، هي التصريحات التي تصدر في واشنطن وعن رموز الإدارة الأمريكية، بمن فيهم ترامب نفسه، والتي تدور في معظمها حول «صفقة قرن ثانية» إن جاز التعبير، يجري التمهيد لها على جبهة ثانية، إيران هذه المرة، فهل تقفز هذه الإدارة من فشلها على الجبهة الفلسطينية – الإسرائيلية، إلى استطلاع حظوظها على الجبهة الإيرانية، بعد أن سجّلت فشلاً ذريعاً على جبهات عديدة أخرى، من بينها كوريا الشمالية وفنزويلا.

بعد أن أوصل ترامب وأركان إدارته «الشرق الأوسط الكبير» إلى حافة الهاوية، إن بالتهديد بـ»إنهاء إيران رسمياً»، وقبلها شروط مايك بومبيو الاثنتي عشرة، وبعدها حشد الأساطيل وحاملات الطائرات وإرسال المزيد من التعزيزات، سجّلت الإدارة «استدارة شبه كاملة» في مواقفها حيال إيران، في محاكاة لـ»سيناريو كوريا الشمالية» بالتمام والكمال ... وبدأت «نبرة» التصريحات تأخذ منحى مختلفاً، فحل «الازدهار» محل «الإبادة»، و»التعاون مع النظام» بدل «إسقاطه» ... والحديث عن حوار غير مشروط، وفي أي زمان ومكان، بات القاسم المشترك الأعظم للتصريحات الأمريكية.

لقد بلغ ترامب في «تقرّبه» من «نظام الملالي» حداً لم يسبقه إليه أي رئيس أمريكي سابق منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران ... تنبأ بازدهار إيران في ظل نظامها القائم، واختصر لائحة مطالبه من إيران، بمطلب واحد: عدم امتلاك القنبلة النووية، ضارباً عرض الحائط بشروط وزير خارجيته التي قلنا عنها في حينها، أنها «صك إذعان» يُراد لإيران توقيعه من دون قيد أو شرط، وأنها «التعبير الدبلوماسي الملطف» عن مطلب «إسقاط النظام»، هكذا من دون زيادة أو نقصان.

كل هذا تغير الآن، وبدأت واشنطن ذاتها بتسيير الوسطاء وتحريك الوسطاء، من بغداد إلى مسقط، وصولاً إلى طوكيو مرورا ببيرن السويسرية .... صمت جون بولتون، وارتضى التركيز على فنزويلا ومادورو بدل إيران والمرشد الأعلى ... أما بومبيو الذي أعلنته بيونغيانغ رجلاً غير مرغوبٍ فيه، فهو نفسه من قضى ثلاثة أيام سويسرية للبحث في فرص التوسط والوساطة، والتأكد من «جاهزية الخط الهاتفي» الذي أودعه ترامب هناك، على أمل أن تجري الحرارة في أسلاكه أو عبر موجاته، بمكالمة هاتفية ينتظرها بشوق من طهران.
إيران بدورها تتابع هذا «السقوط الحر» لإدارة ترامب من فوق قمة الشجرة التي صعدت إليها ... واصلت حديثها بلغة «القوة» و»الندّية»، بل وذهبت إلى حد استعارة «الشروط الأمريكية المسبقة» لإشهارها في وجه الأمريكيين أنفسهم: على واشنطن أن «تغير سلوكها»، وأن تتبع أقوالها بالأفعال، إن هي أرادت لمفاوضاتها غير المشروط مع إيران أن تشق طريقها.

ومن يتابع تصريحات ترامب حول إيران، يرى أن الرجل واثق من قرب التئام مائدة المفاوضات مع طهران، الأمر الذي يبقينا مع ثلاثة احتمالات: (1) أن تكون الوساطات في القنوات الخلفية قد قطت شوطاً واعداً .... (2) أن يكون الرجل وإدارته قد اتخذا قراراً بإعادة انتاج الاتفاق النووي ذاته، وإن بصيغ جديدة تحفظ ماء وجه الإدارة، وتنزع خاتم أوباما عن الاتفاق الأول ... (3) أن تكون لدى الرجل «معلومات» بأن إيران على وشك الانهيار، وأنها ستأتي زحفاً على بطنها للقائه حيثما شاء ووقتما شاء... وثمة احتمال رابع، لم نرغب في إدراجه في لائحة الاحتمالات الجدّية، كأن نكون أمام نوبة هذيان من تلك التي اشتهر بها.

من دون أن نسقط أهمية الاحتمالين الأول والثالث، فإننا نرجح أن يكون الاحتمال الثاني، هو المحرك الرئيس وراء موجة التفاؤل التي تجتاح الرئيس ترامب باستئناف المفاوضات مع طهران، إذ طالما أن الحيلولة بين إيران والقنبلة هي كل أو جُل ما يريده ترامب من خصمه الإيراني، فإن اتفاق (5+1) يضمن ذلك، ولا أحسب أن طهران ستمانع إعادة انتاجه أو حتى إجراء بعض التعديلات الطفيفة عليه، للخروج من شرنقة العقوبات غير المسبوقة التي فرضت عليها ... لكن مثلما لترامب دوافع داخلية، تمنعه من الظهور بمظهر المهزوم أمام «نظام الملالي» فإن لدى القيادة الإيرانية بدورها، دوافع محلية، تدفعها للتريث وطول النفس و»الصبر الاستراتيجي» في التعامل مع رئيس نزق وإدارة تضربها فوضى المواقف والسياسات.

الأزمة الأمريكية – الإيرانية، تبتعد عن حافة الهاوية يوماً إثر آخر، وفرص دخولها على سكة الدبلوماسية أو التفاوض ما زالت قائمة، بل وترتفع باطّراد، وربما نكون أمام «صفقة قرن ثانية»، تستحق هذا الاسم بجدارة بخلاف «صفقة القرن الأولى»، وإن كنّا ما زلنا على توقعنا السابق، بأن المفاوضات الجادة ربما تبدأ بعد الرئاسيات الأمريكية – 2020، مع ترامب أو من دونه، فالتعقيدات الداخلية والإقليمية والدولية التي تحيط بهذا الملف، ترجح احتمالاً كهذا، وإن كانت لا تُسقط «عنصر المفاجأة» من حساباتها ... أليس عهد ترامب برمته، هو مسلسل متعدد الحلقات من المفاجآت والفواجع المتلاحقة؟!

omantoday

GMT 00:04 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

المال الحرام

GMT 14:47 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين: رجل الضريح ورجل النهضة

GMT 14:45 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تنويرية لمدينة سعودية غير ربحية

GMT 14:44 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن

GMT 14:43 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

... في أنّنا نعيش في عالم مسحور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«صفقة القرن 2» «صفقة القرن 2»



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 18:46 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
 عمان اليوم - فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:35 2013 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

النجم محمد باش يهدي المغربية سكينة بوخريص عقدًا ماسيًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab