رد الحزب «المحسوب» بدقة

رد الحزب «المحسوب» بدقة

رد الحزب «المحسوب» بدقة

 عمان اليوم -

رد الحزب «المحسوب» بدقة

بقلم : عريب الرنتاوي

لا يضير حزب الله إن جاء رده على العدوان الإسرائيلي «محسوباً» بدقة، ومتوخياً تفادي الانزلاق لحرب شاملة، لا أحد يريدها ... الحزب أوفى بوعده، ووجه ضربة لإسرائيل تستطيع ابتلاعها ... إسرائيل بالمناسبة فعلت شيئاً مشابهاً، فردها على ضربة حزب الله، جاء محسوباً بدقة كذلك ... صحيح أنها أطلقت مئة قذيفة مدفع رداً على رشقة الصواريخ المضادة للدروع التي أطلقها مقاتلو الحزب، بيد أن من شاهد صور القصف الإسرائيلي قرب بلدة مارون الراس، لا شك أدرك أن استهداف المناطق الخالية من السكان، لم يكن خطأ في «التصويب»، بل «تصويباً» لخطأ اقترفه نتنياهو عندما قرر خرق قواعد الاشتباك.

البعض، في لبنان والمنطقة، سخر من رد الحزب المحسوب والمضبوط، مع أنه كان سيقيم الدنيا ولا يقعدها، لو أن رد الحزب جاء أهوج، وتسبب في إطلاق سلسلة دامية من الأفعال وردود الأفعال، وربما الانزلاق إلى الحرب الشاملة ... هؤلاء لا نعرف ماذا يريدون بالضبط، هل يريدون للحزب أن يكون منضبطاً أم متفلتاً؟ ... لا شيء يرضي هؤلاء ولا شيء يسعدهم، خصومتهم السياسية والعقائدية مع الحزب، تجعلهم قادرين على قول الشيء ونقيضه، دون أن يرف لهم جفن.

في ظني أن الحزب فعل ما كان منتظراً منه ... لم يصمت على الخرق الإسرائيلي المتعجرف لقواعد الاشتباك المستقرة منذ حرب تموز 2007... ولم يجازف بدفع لبنان في أتون حرب مدمرة ... اجتاز محنة الضغوط الهائلة التي تعرض لها للامتناع عن الرد على الخرق الإسرائيلي... حفظ وحدة الموقف اللبناني وحال دون الانزلاق إلى أزمة حكم وحكومة ... سجل موقفه فالفعل لا بالقول ... أما الذين ينظرون باستخفاف لهذه «المباراة العصيبة» التي وقعت خلال الأيام الثمانية الفاصلة بين عدوان الضاحية ورد الحزب، فلا أظن أنهم يعون ما يقولون.

إسرائيل «ابتلعت» فكرة رد الفعل اللبناني على عدوانها ... ساعدها في عملية البلع والهضم، أنها لم تُمنَ بخسائر بشرية (البعض يتحدث عن عدد قليل من الجرحى بإصابات طفيفة) ... نتنياهو المقبل على انتخابات مصيرية، قرر ابتلاع الضربة، وهو الذي انتفخ كالطاووس خلال الأيام الماضية، مهدداً لبنان بالويل والثبور وعظائم الأمور ... حتى منافسه من «أزرق أبيض» الجنرال بيني غانتس الملطخة أيديه بدماء الفلسطينيين، الذي هدد بإعادة لبنان إلى «العصر الحجري»، قرر بدوره أن يبتلع الضربة ... هذه الجولة المحدودة من التصعيد بين لبنان وإسرائيل يبدو أنها انتهت، وإن كانت الحرب لمّا تضع أوزارها بعد.

ستعاود إسرائيل التحرش بحزب الله، إن لم يكن الآن فبعد وقت قد لا يطول ... قد تكون هذه آخر ضربة يأمر بها نتنياهو من موقعه كرئيس للحكومة وقد لا تكون ... لكن المؤكد أن إسرائيل لديها حساب طويل وعريض لتسويه مع حزب الله .... الحزب يدرك ذلك، ويبدو مستعداً لمختلف الاحتمالات ... إسرائيل تدرك أن أي ضربة توجهها للحزب، ستتلقى مقابلها ضربة مضادة، مساوية في المقدار ومعاكسة لها في الاتجاه ... توازن الردع سيستمر، ما لم يقرر أحد الطرفين لأسباب عديدة، خرقه والسعي لإعادة بنائه على حساب الطرف الآخر ... هذا الأمر سيحدث، إن لم يكن عاجلاً فآجلاً.

لبنان خرج من عنق الزجاجة، صحيح أن ثمة إجماع لبناني على اعتبار ما جرى في الضاحية عدواناً سافراً على لبنان وكل اللبنانيين ... لكن نفراً من اللبنانيين، لم يستطع الصبر، ولم يطق الانتظار ... انبرى مهاجماً الحزب ومنددا بميله للمغامرة وجنوحه لتوريط لبنان في حرب لا يحتاجها في هذه المرحلة بالذات ... رد الفعل «المحسوب» و»العاقل» من قبل الحزب، حفظ وحدة اللبنانيين، ومنع انفجار أزمة داخلية، تريدها إسرائيل وتنتظرها بفارغ الصبر، من دون أن يبدو أمام الإسرائيليين بمظهر الضعيف أو الذي يطلق وعوداً ولا يحترمها ... اللبنانيون جميعاً ربحوا ... إسرائيل ونتنياهو هما الخاسران في هذه الجولة، وإن كانت خسارتهما من النوع القابل للاحتواء والابتلاع ... المفروض أن هذه الجولة انتهت

 

omantoday

GMT 00:04 2024 الجمعة ,22 آذار/ مارس

المال الحرام

GMT 14:47 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين: رجل الضريح ورجل النهضة

GMT 14:45 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تنويرية لمدينة سعودية غير ربحية

GMT 14:44 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن

GMT 14:43 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

... في أنّنا نعيش في عالم مسحور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رد الحزب «المحسوب» بدقة رد الحزب «المحسوب» بدقة



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 09:36 2013 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

افتتاح معرض ومؤتمر سلطنة عمان للبيئة "جلف إكو"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab