عن زليخة وباسل

عن زليخة وباسل

عن زليخة وباسل

 عمان اليوم -

عن زليخة وباسل

بقلم - عريب الرنتاوي

لن نلوذ بالصمت المتواطئ حيال ما جرى ويجري من حملات «شيطنة وتكفير» ضد زميلين عزيزين، ولن ننتظر حتى تنطلق رصاصات الغدر لانتزاع حياة كاتبين أردنيين: زليخة أبو ريشة وباسل الرفايعة ... هذا ليس خياراً على الإطلاق، ولا يتعين أن يكون كذلك، لا بالنسبة للكتاب والمثقفين ولا لنشطاء المجتمع المدني وحقوق الانسان والأحزاب والشخصيات السياسية ... لا يجب ترك كاتب أو مثقف، مهما بلغت درجة الاتفاق أو الاختلاف معه، وحيداً في مواجهة القطعان السائبة التي تستبيح الدماء والأعراض وتستمرئ اغتيال الشخص والشخصية، وليس لديها من ذخيرة سوى التكفير والتخوين والترويع.

ما تعرض له الزميلان العزيزان، تعرض له من قبل زملاء آخرون، ومن بينهم كاتب هذه السطور، وأودى بحياة زميل آخر، لم أتفق معه يوماً، ولكنني فجعت بمقتل ناهض حتر على النحو الذي حصل، وقبلها كنّا والعزيز جريس سماوي، هدفاً لمطاردة فرسان الظلام والتكفير، والمؤكد أن القائمة لن تقفل أو تتوقف عند هذا الحد.

الذين تعرضوا لزليخة وباسل، صنفان: تكفيريون رأينا أقرانهم يعيثون فساداً وقتلاً وتدميراً في دول مجاور ومجتمعات شقيقة ... ومتشددون متنكرون بزي إسلام وسطي معتدل، مع أن خطابهم وحملاتهم تقطر سُماً ضد أخصامهم في الفكر والمرجعية، يعتقدون أن الحرب على العلمانيين مقدمة على أي حرب أخرى، هم أنفسهم الذي قاتلوا الشيوعين واليساريين على الجبهات البعيدة، مرجئين حربهم  على الاحتلال الإسرائيلي، ودائماً من باب فقه الأولويات؟!

قبل أيام، أمدني الصديق العزيز عزام الصمادي بمقطع فيديو مصور في إحدى المهرجانات الانتخابية للبلديات واللامركزية، بُح صوت الخطيب الإذاعي وهو يحرض الجمهور على انتخاب قائمة ليس لها من اسمها نصيب، ولمّا عيل صبره ورأى مظاهر الخمول والاستنكاف على وجوه المشاركين، استحلفهم بالله «شد الرحال» إلى صناديق الاقتراع لمطاردة العلمانيين والليبراليين، فمن وجهة نظره – لا فض فوه – ليس للمجالس المنتخبة أي دور جدي يذكر، لكن للانتخابات وظيفة تاريخية -  دينية، بمطاردة العلمانيين والليبراليين الذين تجرأوا على خطاب الحركات الإسلامية واستحقوا الملاحقة والمطاردة.

زليخة ناقدة جريئة للجهل والخرافة ، وهذا من حقها، وهي داعية لا تكل ولا تمل لتطوير المناهج والعملية التربوية، وهذا حقها، وباسل ناقد لاذع للإسلام السياسي الحركي ولجماعة الإخوان على نحو خاص، وهذا حقه أيضاَ ... وسواء أعجبنا ما يصدر عن الزميلين أم لم يعجبنا، فنحن في بلد يعترف بالتعددية، تعددية الرأي والفكر والعقيدة ولن نكف عن المطالبة بتوسيع هوامش الحرية ومتونها... أما ومنتقدو باسل وزليخة، الذين يتبجحون ليل نهار بأنهم مع «الإصلاح» و»الديمقراطية» و»حرية الرأي والتعبير والاعتقاد»، بل والدولة المدنية، فلماذا تضيق صدورهم بالنقد حينما يوجه إليهم أو إلى مرجعياتهم، وهل المطلوب من المثقف أو الإعلامي أو الكاتب، أن ينبري فقط للدفاع عن هؤلاء وتبني خطاب «المظلومية» الذي نشأوا وترعرعوا عليه؟ ... من يقرر سقوف الحرية ويرسم خطوطها وحدودها، وهل يتعين أن تكون منضبطة ومفصلة على مقاس هذا التيار الإسلاموي أو ذاك؟

ثم من قال إن الاجتراء على خطاب هذه الحركات والشخصيات والمرجعيات، هو اجتراء على الدين، وهل للدين ناطقون باسمه لا يتعين على أحد غيرهم أن يشاطرهم مهمتهم؟ ... بل وهل للدين قراءة واحدة فقد لا يجوز الخروج عنها أو عليها، ولماذا تعددت المذاهب إذن، ولماذا ينقسم أهل المذهب الواحد على أنفسهم شيعاً وقبائل متناحرة؟ ...  هل ثمة وكلاء حصريون للدين يقررون من هو المخطئ ومن هو المصيب، من هو الضال ومن هو المهتدي، يوزعون صكوك الغفران للمحاسيب والأتباع الذي أقسموا على السمع والطاعة، وينذرون أخصامهم بالويل والثبور وعظائم الأمور ... من أعطى هؤلاء الحق في إطلاق العنان لغرائزهم العدوانية، ورغباتهم الجامحة في سحق الآخر وإلغائه، وربما تصفيته.

ثم لماذا الاستقواء على أسماء بعينها، مع أن في صحافتنا من يتجرأ على هذه الجماعات ويقول فيها ما لم يقله مالك في الخمر، ومن أين يستمد هؤلاء استقواءهم؟ ... من أين يستمدون قناعاتهم بأنهم قادرون على المضي قدما في ممارسة طقوس البلطجة، وأنهم سيتمكنون من تكميم أفواه خصومهم في الفكر والسياسة والثقافة؟ ... وبم يختلف هؤلاء عن «القبضايات والزعران» الذين تحدث عنهم قبل أيام الزميل محمد داودية، والذين يعيثون في أسواقنا فساداً وبلطجة و»خاوات»... هؤلاء يمارسون البلطجة لإسكات الأصوات التي تفضح بضاعتهم الفاسدة، وأولئك يمارسونها تحت طائلة تهديد التجار بـ «كساد بضاعتهم»، اما القاسم المشترك بينهم فهو الجنوح الأصيل للابتزاز وأخذ زمام القانون بأيديهم، لكأننا نعيش في ظلال شريعة الغاب بلا دولة ولا قانون سيّد.

ثم أين الدولة بمؤسساتها المختلفة من تفشي هذه الظواهر، وهل يكفي استدعاء هنا أو إلغاء «بوست» هناك، حتى نقول إنها قامت بوظيفتها بحماية مواطنيها، وهي الوظيفة الأولى للدولة منذ أن ظهرت الدولة كشكل لتنظيم الاجتماع البشري ... وإلى متى ستبقى مؤسسات الدولة عرضة للابتزاز، وتبقى الكثير من المشاريع والاستراتيجيات والخطط، عرضة للتبديل والتغيير والتحنيط، خشية استثارة أصحاب الحناجر المنتفخة والعضلات المفتولة؟ ...  ولماذا يقال إن الدولة صاحبة الحق الحصري في استخدام القوة، إن كانت لا تستخدمها في الموضع الصحيح، وتركت للآخرين أمر استخدامها بطرقهم ووسائلهم ودائماً بالضد من مصلحة الدولة وسلامة المواطن وطمأنينته.

المصدر - جريدة الدستور

omantoday

GMT 14:47 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين: رجل الضريح ورجل النهضة

GMT 14:45 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

رؤية تنويرية لمدينة سعودية غير ربحية

GMT 14:44 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وواشنطن

GMT 14:43 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

... في أنّنا نعيش في عالم مسحور

GMT 14:42 2021 الأربعاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو عمار... أبو التكتيك

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن زليخة وباسل عن زليخة وباسل



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس
 عمان اليوم - فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:35 2013 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

النجم محمد باش يهدي المغربية سكينة بوخريص عقدًا ماسيًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab