الاستدارة التركية

الاستدارة التركية

الاستدارة التركية

 عمان اليوم -

الاستدارة التركية

عريب الرنتاوي

ثمة ما يشير إلى قرب حدوث استدارة في الموقف التركي حيال الأزمة السورية، فالسيد أحمد داود أوغلو الذي اشتهر بتصريحاته النارية المحرضة على الحسم والعسكرة وتدخل “النيتو” واستدعاء الباتريوت، بدأ يجنح للحل السياسي للأزمة السورية، باعتباره “الحل الوحيد الممكن للأزمة السورية”، بل ويتعهد أمام نظيره العراقي بالعمل مع المعارضة السورية من أجل الذهاب إلى مؤتمر “جنيف “2، عنوان هذا الحل وخشبة خلاص أصحاب الرؤوس الحامية. وتركيا التي فتحت حدودها لكل صنوف الجهاديين وألوانهم وجنسياتهم، في مسعى منها لتسريع دحر النظام السوري والإطاحة به، بدأت تبني الأسوار على حدودها مع سوريا، وتتبادل القصف المدفعي مع “داعش”، وتسرب الأنباء عن سيارات مفخخة معدة للتفجير في المدن التركية، انطلاقاً من معاقل “داعش” وملاذاتها الآمنة، التي كان للمخابرات التركية الفضل الأكبر في تمكينها وتعزيزها. والعراق الذي قالت فيه حكومة العدالة والتنمية ما لم يقله مالك في الخمر، بات اليوم عامل توازن واستقرار، ومشروع صديق وحليف، وقبلة أنظار تتجه إليها عيون المسؤولين الأتراك، مع أن السلطات العراقية، وعلى أرفع المستويات، سبق وأن اتهمت حكومة أردوغان بالتآمر عليها، بل وتشجيع مكونات العراق الأخرى على التمرد والانفصال وخلق متاعب أمنية لسلطات بغداد وحكومة المالكي. فشلت رهانات أنقرة على قيادة المنطقة، وسقط الرهان على أنظمة ما بعد الربيع العربي، وتعثرت أجندة أردوغان–أوغلو السورية، وأخفقت محاولات جر الولايات المتحدة والأطلسي إلى حرب في سوريا وعليها، وبدا واضحاً في مرحلة ما بعد “صفقة الكيماوي” والمكالمة التاريخية الأشهر بين أوباما وروحاني، أن الإقليم لم يعد يحتمل التصريحات والمواقف “العنترية” لحكومة العدالة والتنمية، وأن أمام تركيا واحداً من خيارين: إما أن تميل مع اتجاهات الريح الدولية وتنحني أمام مقتضيات التوافق الروسي – الأمريكي، وإما أن تتبع ما بات يعرف في الأدبيات السياسية باسم “الدبلوماسية البدوية”، وهذا ما لم تعتده أنقرة وسياساتها الخارجية ودوائر صنع القرار فيها، التي آثرت على ما يبدو أن تحجز لنفسها مقعداً حول مائدة “جنيف 2”، بل ودعت جميع دول جوار سوريا لفعل الشيء ذاته، بدءاً بالعراق. لكن السؤال الذي سيطرح نفسه بإلحاح من الآن وحتى اكتمال الاستدارة التركية هو: هل من الممكن إدارة الانتقال والاستدارة في السياسة الخارجية التركية، بالرموز ذاتها والأشخاص أنفسهم؟ ... ألا يتعين على “أحدٍ ما” أن يدفع ثمن توريط تركيا بمواقف وسياسات رعناء، والمقامرة بتخريب العلاقات العربية – التركية؟ ... هل يصح أن يعود دعاة الحرب والتجييش والحسم، إلىالتدثّر بعباءات السلام الإقليمي و”العمق الاستراتيجي” و”صفر مشاكل”؟ ... هل من الممكن لتركيا أن تستعيد صدقيتها إذا ما استمرت رموز الحقبة السابقة في إدارة السياسة الخارجية التركية المتحوّلة؟ مثل هذه الأسئلة والتساؤلات سيجيب عنها “الناخب التركي” في أول موعد له مع صناديق الاقتراع، وذلك عندما يتعلق باختياراته الكبرى، لكن مصائر موظفين وأكاديميين عملوا في حقل السياسة الخارجية، ربما تحسم قبل ذلك بكثير، فقاعدة”خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام” المعمول بها في دولنا العربية، قد لا تنطبق على دولة قطعت أشواطاً مهمة على طريق الانتقال إلى الديمقراطية مثل تركيا، ويبدو أن السيد أوغلو، كما بعض المسؤولين في دول الجوار العربي القريب أو البعيد من سوريا، سوف يدفعون من حساباتهم الشخصية، ومستقبلهم السياسي، أثمان المواقف والسياسات التي انتهجوها والتي اتسمت بكثير من الخفة والرعونة. أمس، وفي مقالة في صحيفة لبنانية، علّق أحد الكتاب اللبنانيين على تصريحات أوغلو بشأن العراق وحكومة المالكي، متسائلاً: متى سيأتي اليوم الذي نسمع فيه تصريحات مماثلة عن حكومة الأسد تصدر عن أنقرة؟ ... يبدو أن كل شيء جائز وممكن، وقد يحدث بأسرع مما نظن ويظن كثيرون، وصدق من قال “لا أخلاق في السياسة، لا مواقف ثابتة ولا تحالفات ثابتة، بل مصالح ثابتة”، أليس هذا هو غيض من فيض ما يحدث من حولنا وبصورة يومية تقريباً؟

omantoday

GMT 13:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

دعم السوريين في بناء ديمقراطيتهم أمر واجب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الخوف صار هذه الناحية

GMT 13:34 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل يستمر الصراع على سوريا؟

GMT 13:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

البيضة والدجاجة في السوشيال ميديا

GMT 13:31 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة؟

GMT 13:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صناعة الاسم والنجم في دمشق

GMT 13:29 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

التغيير وعواقبه

GMT 13:27 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستدارة التركية الاستدارة التركية



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab