إرهاصات تحوّل استراتيجي

إرهاصات تحوّل استراتيجي

إرهاصات تحوّل استراتيجي

 عمان اليوم -

إرهاصات تحوّل استراتيجي

عريب الرنتاوي

صاحب الانفراجة الأخيرة في علاقات إيران بالغرب ومهّد لها، نوع من "التنظير" القديم – المتجدد من قبل بعض دوائر الغرب ومراكز تفكيره، ينهض على فرضية "استعادة" التحالف مع الإسلام السياسي الشيعي، وإعطائه الأولوية على العلاقة "المتميزة" القديمة – المتجددة أيضاَ مع "الإسلام السياسي السنّي"، وفي صدارتها "الإخواني"، على اعتبار أن حركات الإسلام السياسي السنّي، هي "البيئة الحاضنة" للجهادية والإرهاب، وأن تياراتها الأكثر اعتدالاً وسلمية بطبعاتها الوهابية والسلفية والتقليدية، لم تنتج سوى أنظمة  ديكتاتورية وفاسدة، لعبت دوراً في تفريخ ظاهرة "القاعدة" و"الحادي عشر من أيلول". هذا "التنظير" ليس جديداً كما أسلفنا، بيد أن تأثيره في مطابخ صنع القرار الدولي، انحسر بصعود الخطاب المعادي للغرب و"الاستكبار العالمي" و"الشيطان الأكبر" الذي رافق وأعقب انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وانخراط طهران وحلفائها في محور "المقاومة والممانعة" واعتماد خطاب "إزالة إسرائيل" ونفي "الهولوكوست"، بل والتبشير بقرب انمحاء الدولة العبرية عن خرائط المنطقة. الآن، تبدو الصورة مختلفةً بعض الشيء ... إيران وفقاً لتقارير استخبارية إسرائيلية ودولية، تبدو على شفا حافة التحوّل من "الثورة" إلى "الدولة"، وروحاني كما أشرنا عند انتخابه، جاء كتعبير عن هذا التحول ورافعة له ... وهو إذ بدأ من الملف الأثير على قلوب الغرب: إسرائيل، معتمداً خطاب انفتاحي على "اليهود" و"التنديد بالهولوكوست"، سارع إلى إبداء الاستعداد لإخضاع البرنامج النووي لبلاده، للتفتيش والقيود الدولية، فيما وزير خارجيته، استبدل خطاب "الاستكبار" بمخاطبة "الأصدقاء الغربيين". رغم الصعوبات والعوائق التي تعترض طريق التقارب الإيراني – الغربي، ثمة ما يدعو بأن هذا الطريق بات سالكاً وآمناً بالاتجاهين، فالتيار المركزي في إيران داعم لتوجهات روحاني وإن غضب المتشددون ... والتيار المركزي في الغرب، يدعم فكرة التقارب برغم محاولات العرقلة والابتزاز التي يمارسها نتنياهو وأركان حكومته وائتلافه، وبرغم حالة الغضب التي تجتاح بعض العواصم العربية المتخوفة من "صفقة" تضع حدوداً ضيقة لأدوارها ومصالحها وزعامتها. وثمة من المداولات الهامسة التي تجري في بعض أوساط القرار الدولي، تنبئ باحتمالات تعميم نموذج التغيير القطري، إلى دول عربية أخرى، فشلت حتى الآن في احتواء أزمات الحكم فيها ... وثمة مراجعات للاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، تنطلق في واحدة من مكوناتها، من هذا "التنظير"، وصولاً لاعتماد سياسة "العمل مع الشركاء" لحل الأزمتين السورية والإيرانية، وبصورة تلحظ دوراً لطهران وحلفائها البحث عن حلول سياسية لهذه الأزمات، بعد أن كان يُنظر لهذا المحور بوصفه جزءاً من المشكلة، إن لم يكن المشكلة برمتها. مثل هذه "الإرهاصات" التي استشعرتها عواصم الإقليم، وأثارت قلق وغضب بعضها، تدفع للاعتقاد، بأن عملية تحوّل وتبدل واسعة، ذات طبيعة استراتيجية، ستشهدها المنطقة في قادمات السنين، حيث ستتبدل أدوار وتتغير أحجام اللاعبين الإقليميين، فيما الباب سيبقى مفتوحاً لنشؤ تحالفات ومحاور جديدة، تحل محل الانقسامات التي عرفتها المنطقة، خلال السنوات العشر الفائتة، وتملي على كل الدول والأطراف في المنطقة، المسارعة إلى مراجعة وإعادة تقييم وتقويم مواقفها وتحالفاتها، بل وإعادة انتاج "أولوياتها" المّاسة بقوة، بعميق مصالحها وحساباتها. فالذين اعتادوا النظر إلى إيران بوصفها "شراً مستطيراً"، آن لهم أن يعيدوا التفكير بهذا الموقف، فهم سيكونون ملزمين التعامل مع جمهورية إيران الإسلامية لسنوات، وربما لعقود عديدة قادمة ... والذين يحتفون اليوم بـ"النصر غير الإلهي" الذي سجلته طهران، عليهم أن يتأملوا صورة إيران وموقعها وموقفها بعد سنوات قلائل. إيران الإسلامية باقية، والأرجح أن دورها الإقليمي سيتعاظم ... لكنها "إيران الدولة"، لا "إيران الثورة والمقاومة"، الأولى ستطفو على سطح التقارب الإيراني – الغربي وستتعزز بديناميكياته وحساباته، فيما الثانية، ستتراجع شيئاَ فشيئاً تحت ضغط المصالح وحسابات "إعادة التأهيل" وضرورات الاندماج في المجتمع الدولي.

omantoday

GMT 05:38 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

بالفصحى

GMT 05:37 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

حالة انتخابية في أميركا

GMT 05:35 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

في معنى الاحتفاء بالمؤرخ ابن عيسى

GMT 05:34 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

غزة...الهدف والرهينة

GMT 05:33 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

أشواك القرنفل

GMT 05:32 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

زوج الرئيسة

GMT 05:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

الموت بالقطّاعى والموت جملة

GMT 05:31 2024 السبت ,26 تشرين الأول / أكتوبر

كلب الهرم وتوابعه!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إرهاصات تحوّل استراتيجي إرهاصات تحوّل استراتيجي



هيفاء وهبي بإطلالات متنوعة ومبدعة تخطف الأنظار

مسقط - عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab