محنة الرئيس

محنة الرئيس

محنة الرئيس

 عمان اليوم -

محنة الرئيس

عريب الرنتاوي

كمناضل في صفوف فتح والمنظمة، عايش الرئيس الفلسطيني محمود عباس مختلف الأزمات والمنعطفات التي جابهتها الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة منذ انطلاقتها قبل نصف قرن... وكرئيس للسلطة والشعب و"الدولة"، واجه أبو مازن المحن والأزمات، من عدوانات إسرائيل وجرافاتها إلى مفاوضاتها، ومن "جولدستون" حتى تجربة الانقسام الأخطر في الشعب والجغرافيا والمؤسسات ... بيد أن عباس لم يواجه أبداً "محنة" كالتي تنتظره "الآن وهنا"، تحت مسمى مشروع جون كيري. هي لحظة الحقيقة والقرار ... إما "مسايرة" جون كيري والقبول بصفقة مُذلة، لا مطرح فيها لحقوق شعبنا الفلسطيني الثابتة وتطلعاته الوطنية المشروعة، وإما "المقامرة" برفضها وفتح كل الأبواب والنوافذ أمام الجحيم ... ولا شك أن وفاة قاتل عرفات قبل أيام، أعادت شريط الأحداث سريعاً أمام ناظري الرئيس ... لا شك أنه يعرف ما ينتظره، ويعرف جيداً أن بندول الساعة يتراقص سريعاً، وأن لحظة النطق بالموقف التاريخي قد أزفت. لا نعترف بيهودية إسرائيل ولا نقبلها، هكذا قال ... ولا نقبل بغير القدس الشرقية عاصمة لدولتنا الفلسطينية المستقلة، هكذا صرّح ... ما يعني أن الرجل يقترب من حسم اختياره واتخاذ قراره، وليكن من بعد ذلك ما يكون. لا شيء يدعو للأمل والتفاؤل في مهمة كيري ... الرجل صمم أفكاره على مقاس أفيغدور ليبرمان، الذي قال مستهجناً بعض الأصوات في حزبه وائتلافه: أن أفكار إسرائيل هي الأنسب لإسرائيل ... لا سيادة للدولة المنتظرة، ولا انسحاب إلى حدود الرابع من حزيران، ولا تماثل أو تساوٍ عند تبادل الأراضي ... لا قدس شرقية عاصمة لفلسطين، بعد أن "لحظت أفكاره تطلعات الفلسطينيين لعاصمة لها في القدس" ... لا عودة للاجئين، وليذهبوا إلى جحيم شتات جديد، ويفضل إلى يكون قصياً، في أستراليا وأكنافها ... حرام على البلابل الفلسطينية الدوح في غور الأردن وباحات الأقصى والمقدسات، حلال للطير من كل جنس... وقبل هذا وذاك، وفوق هذه وتلك، يُطالعنا بـ "يهودية الدولة" التي هي بمثابة احتلال إسرائيلي ثانٍ، ولكن للعقل والذاكرة و"السرد" و"الرواية" الفلسطينية هذه المرة. إن قبل الرئيس محمود عباس بهذه المقترحات، قامر بغضب الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات عليه ... وسيكون قد أنهى رحلة كفاحه وكفاح شعبه بأسواء العواقب وأوخمها ... يكون، وهو الذي بلغ الثمانين من عمره إلا قليلا، قد وضع "إرثه" الشخصي والسياسي والتاريخي تحت قدمي الوزير الأمريكي ... ونربأ بالرجل بشخصه وما يمثل ومن يمثل أن يفعل ذلك. وإن "جازف" برفض هذه الأفكار، سيصبح رجلاً ليس ذي صلة، وستكثر الخناجر التي ستُستل من أغمادها لزرعها في ظهره وخاصرتيها، من الأشقاء قبل الأعداء ومن الدوائر القريبة قبل الدوائر البعيدة، وليس مستبعداً أن يواجه الرجل مصير سلفه الراحل ياسر عرفات، وأن تقيد قضية شهادته ضد مجهول ... أليست هذه هي سيرة الذاتية لكل الكبار من قادة شعب فلسطين؟! هي لحظة تاريخية بامتياز، فيها تتكشف معادن الرجال والقادة، وهي تختصر سير رجلة ومسيرة ثورة وحركة وطنية ... هل تذكرون عبارة ياسر عرفات: شهيداً ... شهيداً ... شهيداً، التي صاح بها من تحت الحصار والدمار، لتجب ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولتنقش اسمه على لائحة الرجال العظام ... أحسب أن لحظة تاريخية لا تقل أهمية وخطورة، تنتظر الشعب الفلسطيني وقيادته، تنتظر الرئيس عباس. هي لحظة المفاضلة التاريخية بين حسابات الشعب والوطن من جهة ومصائر الأفراد، أياً كان دورهم في صنع التاريخ من جهة ثانية ... ونحسب أن الرئيس عباس سينحاز لشعبه وحقوق وحريته وكرامته واستقلاله الوطني ... نحسب أن "أبو مازن" سيلوذ بشعبه وحركته الوطنية، لا بالعواصم المرتجفة والحكام المذعورين... نحسب أن الرئيس لن يُتم عامه الثمانين، قبل أن يستعيد رايات الوحدة والمصالحة، ويسلمها عزيزة وخفاقة للأجيال القادمة من مناضلي فلسطين وحركتها الوطنية ومقاومتها الشعبية، فمن الأفضل لنا ولقضيتنا ولشعبنا، أن نُبقي صفحة هذا الصراع مفتوحة، على أن نغلقها على هذا النحو المهين والمشين ... من الأفضل لشعبنا أن يبقى تحت الاحتلال وفي الشتات، من أن يسلم "ضميره" و"ذاكرته" وأرضه وحقوقه وكرامته على طبق من فضة لنتنياهو وليبرمان وجون كيري.  

omantoday

GMT 06:54 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 06:53 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الجميع يخطب ود الأميركيين!

GMT 06:52 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 06:51 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 06:50 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التحالف العالمي لحل الدولتين لإقامة «الفلسطينية»

GMT 06:49 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 06:48 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

GMT 06:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الجديد في علاج أمراض القلب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محنة الرئيس محنة الرئيس



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 07:43 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 عمان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab