نقاضي «من لا يملك»، فلنحاكم «من لا يستحق»

نقاضي «من لا يملك»، فلنحاكم «من لا يستحق»

نقاضي «من لا يملك»، فلنحاكم «من لا يستحق»

 عمان اليوم -

نقاضي «من لا يملك»، فلنحاكم «من لا يستحق»

بقلم : عريب الرنتاوي

أن تقاضي السلطة بريطانيا العظمى لمقارفتها جريمة “وعد من لا يملك لمن لا يستحق”، فهذا أمر مرغوب ومطلوب، حتى وإن قال البعض فيه: “صح النوم” أو “نعيماً” كما قرأنا على صفحات التواصل الاجتماعي ... لكن ألا يثير خبرٌ كهذا شهية المستمعين للسؤال: لماذا نقاضي “من لا يملك” فقط، ولا نقاضي “من لا يستحق” ... لماذا نقاضي بريطانياً الفاعل الأول في جريمة النكبة والتشريد والتبديد، ولا نقاضي الكيان على قام على أنقاض الأرض والحقوق والذاكرة والجغرافيا والتاريخ؟

بريطانيا قارفت جريمة قبل مائة عام، وبهذه المناسبة أدعو كل المهتمين من فلسطينيين وعرب وأحرار وشرفاء، لتحويل العام القادم، عام مئوية “وعد بلفور”، إلى مناسبة لفضح هذا النص الإمبريالي، وشرح مراميه للأجيال القادم، وتنظيم حملات إدانة وتنديد، بمن وعد والموعود له ... والجريمة البريطانية من النوع الجاري، على طريقة الصدقة الجارية، أي أن المتضررين منها، لا يتوقفون عند حد، وشرور تلك الفعلة النكراء، تتفاقم كل صباح، ومئات ألوف الأرواح أزهقت، جراء “جرة القلم” البريطانية، وبريطانيا في عصرها الكولونيالي، مشهورة “بجرات أقلامها الكارثية”.

لكن لماذا لا تقدم السلطة على مقاضاة إسرائيل، و”جرجرتها” في ميادين العدالة الدولية، وهي صاحبة السجل الأغنى في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية .... لماذا نهرب من مقاضاة وملاحقة العدو القريب، ونشرع في محاربة العدو البعيد، وهو عدو آيل للسقط على أية حال، ومهدد بداء التفكيك، الذي أصاب به جميع مستعمراته السابقة، من دون استثناء.

لماذا نريد محاكمة التاريخ، على أهمية الأمر، ومن دون التقليل من أهميته أو التثبيط من عزائم القائمين عليه... ولا نسعى في محاكمة “الحاضر” و”المستقبل”، الحاضر الاستعماري الصهيوني الاستعماري الإجلائي الإحلالي، الذي يتهدد مستقبل الفلسطينيين مثلما تهدد ماضيهم وحاضرهم على حد سواء؟

تذكرنا “محاكمة بريطانيا” على الرغم من غنى وغزارة الجهود الفقهية والقانونية القيّمة والرفيعة، التي ستستهلكها خلال سنوات طوال قادمة، بأبحاث قيمة وعظيمة، أنجزها علماء تاريخ وآثار وحفريات وأديان واجتماع عرب، أظهرت بما لا يدع مجالاً للشك، بأن فلسطين التي نعرف، وطن الفلسطينيين التاريخي، ليست هي “جغرافيا التوراة” وأن اليهود جاءوا من أماكن أخرى، البعض ينسبهم لجزيرة العرب والبعض الآخر يذهب بهم إلى أقاصي آسيا ... وهي أبحاث تثلج صدور أصحاب الرواية الفلسطينية المستمسكين بوطنهم التاريخي الذي لا يعرفون غيره، ولكن هيهات أن يكون لهذه الأبحاث، وزن يذكر على موائد التفاوض وفي حسابات موازين القوى بين الجانبين.

حتى لو هزمنا بريطانيا في ساحات التقاضي والتحكيم الدولية، فكيف يمكن لذلك الانتصار أن “يتقرش” في يوميات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ... سنشعر بالرضى من دون شك، وسيكتشف كثيرون في هذا العالم، أنهم كانوا طوال سنوات وعقود، ضحايا “بروباغندا” صهيونية استعمارية ... ولكن مرة أخرى، كيف سندخل ذلك في حسابات موازين القوى أوراق التفاوض وتكتيكاته؟

لنذهب حتى نهاية الطريق في مقاضاة بريطانياً و”جرجرتها” في المحاكم الدولية ... هذا أمرث يسعدنا ويعيد لنا بعض الاعتبار والتوزان النفسي ... ولكن لنذهب ومن دون إبطاء، إلى مطاردة المجرم الذي ما زال يقبض على الخنجر بيد والفأس باليد الأخرى، ليزرعهما في ظهورنا وصدورنا ... لنذهب إلى ملاحقة إسرائيل جنائياً، علنا ننجح في “نزع الشرعية” عن اغتصابها وتوسعها واستيطانها وعدوانها.

لا بأس من الانتصار للتاريخ والذاكرة والرواية والسرد الفلسطيني الذي لا تساورنا أية شكوك بشأنه، ولكن لنتخذ من القضاء الدولي وساحاته، وسيلة للانتصار لحاضرنا والذود عن مستقبل أجيالنا القادمة كذلك ... هنا يحتاج الأمر لجرعة شجاعة إضافية، ولإرادة سياسية أكثر حزماً، فإسرائيل طالما تهددت وتوعدت بالويل والثبور وعظائم الأمور، إن “ركب الفلسطينيون رؤوسهم” وقرروا المنازلة في ساحات جنيف ولاهاي... لنرد على الصلف الإسرائيل بإرادة الصمود والتصدي، ولنبدأ بمطاردة مجرمي الحرب الصهاينة، فوراً ومن دون إبطاء ...هنا الوردة فلنرقص هنا أولاً.

 

omantoday

GMT 13:15 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 08:11 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

الأردن و«حل الدولة الواحدة»

GMT 07:47 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

ما الأفضل لفتح: قائمة مـوحـدة أم قائمتان؟

GMT 07:42 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

«وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقاضي «من لا يملك»، فلنحاكم «من لا يستحق» نقاضي «من لا يملك»، فلنحاكم «من لا يستحق»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab