أسئلة «المنظمة» وتساؤلاتها

أسئلة «المنظمة» وتساؤلاتها

أسئلة «المنظمة» وتساؤلاتها

 عمان اليوم -

أسئلة «المنظمة» وتساؤلاتها

عريب الرنتاوي

انتهت “زوبعة” الدورة الاستثنائية (دورة بمن حضر) للمجلس الوطني الفلسطيني، وبدا مؤكداً أن القرار باستدعاء المجلس قد اتخذ على عجل وباستخفاف بالغ، دونما تقدير حقيقي لتوازنات القوى والمصالح على المستوى الوطني العام، أو حتى داخل أطر صنع القرار والموقف في مؤسسات فتح والسلطة والمنظمة، وسقط “الوهم” بأن القيادة الفلسطينية تمسك بقبضة من حديد، تلابيب القرار الوطني الفلسطيني، أو أن مكونات هذا القرار تقع بين يدي رجل واحد، كما كان يعتقد... وبخلاف الزعم السائد، بأننا ما زلنا نتحدث عن “ديمقراطية غابة البنادق”، فإن التجربة الأخيرة أظهرت الحد الذي بلغته حالة الاهتراء والتفكك التي أصابت المؤسسة الفلسطينية وعملية صنع القرار فيها.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: ماذا بعد؟ ... وهل ثمة نيّة (اقرأ مصلحة) في تفعيل منظمة التحرير وإعادة هيكلتها وتجديد روابطها بمختلف مكونات الشعب الفلسطيني في مختلف أماكن لجوئه وانتشاره؟ ... هل يمكن أن تفضي “صدمة التأجيل القسري” لدورة المجلس، إلى التفكير استراتيجياً بضخ دماء جديدة في عروق المنظمة المتيبسة؟ ... وأقل من ذلك، هل يمكننا الجزم باحتمال أن تستل قيادات العمل الوطني الفلسطيني من أدراجها، ركام الاتفاقيات والتفاهمات المبرمة، التي رسمت جميعها خططاً وبرامج لإعادة توحيد وهيكلة وإحياء منظمة التحرير؟
بعيداً عن الخطاب الوعظي أو حتى “الرغائبي” نجزم بأن أحداً ليست لديه النيّة أو المصلحة في فعل ذلك، والذين لديهم هذه الإرادة النبيلة، ليست لديهم القدرة على ترجمتها، فهم خارج مواقع صنع القرار، والذين لديهم القدرة والصلاحية، ليست لديهم المصلحة أو قُل (بفرض حسن الظن) ليست لديهم الأهلية والإرادة للإقدام على خطوة تاريخية بهذا الحجم، وهذا ما يفسر استمرار الحديث لعقود عن الحاجة لتفعيل المنظمة دون تفعيلها فعلاً، وهي ثرثرة ستستمر لسنوات وربما عقود قادمة، ما لم يطرأ ما ليس في حسباننا وتقديرنا.
ونبدأ أولاً بفريق السلطة والمنظمة، ونسأل: هل لهذا الفريق مصلحة في بعث المنظمة من جديد، أم أن حساباته وتطلعاته، في أحسن تجلياتها، تتعارض مع هذا المشروع؟ ... جوابنا على هذا التساؤل، أن فريقاً وضع لنفسه منذ أوسلو، هدفاً استراتيجياً، بعيد المنال، في إقامة دولة الضفة والقطاع، يدرك تمام الإدراك، أن “السيناريو الأفضل” لحل القضية الفلسطينية، لن يشتمل على معالجة عادلة لقضية اللاجئين، سيما وأن مشروع “يهودية الدولة” يجري تطبيقه وتقنينه بشكل منهجي منظم، فيما “السيناريو الأسوأ” لحلها،والمتأسس على استمرار “الزحف الاستيطاني”، يستبطن احتمال زيادة أعدادهم لا ضمان عودتهم، فـ “دولة البقايا” أو “سيناريو الكانتونات”، سيفرض مزيداً من الهجرة والتهجير لبواعث اقتصادية وامنية وعنصرية، ليست بخافية على أحد.
وفي ظل مراوحة الخيارات الاستراتيجية للسلطة والمنظمة بين هذين السيناريوهين/ الحدين، يصبح من المشروع تماماً إثارة الأسئلة والتساؤلات التالية: من ذا الذي سيبادر إلى تمكين مجتمعات اللجوء والشتات وتعزيز دورها ومشاركتها في صنع القرار الفلسطيني، ومن ذا الذي سيعمل على بعث المنظمة وتمكينها، ومن ذا الذي سيفكر بولوج عتبات مرحلة استراتيجية جديدة في مشوار الكفاح الوطني الفلسطيني، ومن ذا الذي سيقبل بإعادة “الولاية للشعب” طالما أن هناك من جَهِد خلال عشريتين من السنين العجاف، إلى اختزال الشعب الفلسطيني بشعب القطاع وما تبقى من سكان الضفة وأهل القدس، على أبعد تقدير.
أضف إلى ذلك، أن “منظومة المصالح” والطبقة الجديدة التي أنشأها اتفاق أوسلو وقيام السلطة، وحالة التهروء التي تصيب النظام السياسي الفلسطيني، ومن ثم الانقسام الأفقي والعامودي، باتت من القوة والصلابة، بما يحول دون امتلاك خيار تفعيل منظمة التحرير، قوة الدفع اللازمة لإنفاذ هذا المشروع وإخراجه من الظلمات إلى النور، هذه “المنظومة” نجحت في “تدجين” المجتمع الفلسطيني حتى الآن، وطوال سنوات عشر، كان لمشروع “الانسان الفلسطيني الجديد”، مشروع دايتون – بلير، تأثيرات اقتصادية واجتماعية بنيوية، ساهمت في إطفاء جذوة الكفاحية الفلسطينية، وبما يتخطى حكاية “التنسيق الأمني” التي لم تعد وحدها تفسر هذا الركود في المشهد الفلسطيني عموماً... والمفارقة أن مشروع استعادة المصالحة الفلسطينية الذي يكاد يُكمل عقده الأول، قد خلق بدوره منظومة مصالح ومنتفعين، يؤثرون استمرار الانقسام على استعادة الوحدة، هؤلاء يفضلون السير على طريق المصالحة ويخشون نهايتها، تحت وطأة التحسب لـ “بطالة” منتظرة، وهي حالة رأينا ما يشببها في تجارب دول ومجتمعات أخرى.
والحقيقة أن ما يُسمى بالفصائل الفلسطينية، فصائل منظمة التحرير، وبعد أن تحولت إلى “جيوش صغيرة من الموظفين”، الهرمين في الغالب، الذي ينتظرون بفارغ الصبر، نهاية كل شهر، وموازنات “بائسة” تتأتى من صناديق السلطة أساساً، لم تعد تمتلك “الطاقة الثورية” لمشروع التفعيل والتثوير وإعادة الربط والهيكلة، ففاقد الشيء لا يعطيه، وهذه الفصائل ذاتها، لم يعد لها وجوداً مؤثراً في الشتات الفلسطيني، ولولا بقايا مكاتب وأعلام في لبنان وسوريا، لاندثرت على نحو مؤسف ... لقد ولّى ذلك الزمن الذي كانت فيه الفصائل والاتحادات الشعبية الفلسطينية، تحظى بقواعد جماهيرية واسعة وعريضة في مختلف الأوساط الفلسطينية، من التشيلي إلى الخليج، مروراً بقارات العالم الخمس، دع عنك في أوساط التجمعات الكبرى في الدول التي كانت تعرف ذات يوم، بـ “دول الطوق”، أو كما أسميت في أدبيات اليسار الفلسطيني ذات مرة: “قواعد الارتكاز”.
على من ستقع مسؤولية بعث وإحياء منظمة التحرير، وإعادة تفعيل علاقاتها وتفاعلاتها مع مجتمعات اللجوء والشتات؟ ... سؤال يتعين التفكير ملياً في الإجابة عليه، قبل أن نشرع في بناء الرهانات والأوهام، حول مرحلة ما بعد الفشل في استدعاء المجلس الوطني الهرم، للمصادقة عل قرارات هي أقرب إلى تصفية الحسابات الشخصية الصغيرة، بين أبناء الحلقة الضيقة الواحدة، المسؤولة بعمومها، عن قيادة الحركة الوطنية الفلسطينية إلى ضفاف الفشل، وهو فشل بيّن وصراح، لن تخفيه ظلال العلم الوطني الفلسطيني الذي سيرفرف على مبنى الأمم المتحدة، ذلك “الانتصار التاريخي” الذي نُفٍخ فيه إلى الحد الذي بدا معه، وكأنه “كرامة جديدة” أو نقطة تحوّل وانطلاق في مسار الحركة الوطنية الفلسطينية.
وغداً سنتحدث عن المنظمة وحماس ومواقف الأطراف العربية والدولية من هذه المسألة.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسئلة «المنظمة» وتساؤلاتها أسئلة «المنظمة» وتساؤلاتها



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab