الأردن كـ «وسيط نزيه»، شرقاً وشمالاً

الأردن كـ «وسيط نزيه»، شرقاً وشمالاً

الأردن كـ «وسيط نزيه»، شرقاً وشمالاً

 عمان اليوم -

الأردن كـ «وسيط نزيه»، شرقاً وشمالاً

عريب الرنتاوي

تطورات هامة ومتسارعة، تجري على مقربة من حدود الأردن الشمالية والشرقية... من تحرير الرمادي، عاصمة الأنبار، من قبضة “داعش”، إلى “الاختراقات” التي يحققها الجيش السوري على الجبهة الجنوبية بعد استرداد سيطرته على مدينة الشيخ مسكين وجوارها ومقر اللواء 82 والتقدم في محيط درعا.
وإذا كان تحرير الرمادي قد تم بمؤازرة الحليف الدولي الأهم للأردن: الولايات المتحدة الأمريكية، فإن تقدم القوات السورية على الجبهة السورية، يتم بدعم وإسناد كثيفين، من روسيا الاتحادية، التي يحتفظ الأردن معها، بعلاقات وثيقة ومتشعبة، ويتربط بها بشبكة تنسيق متعددة المجالات والأغراض... وإذا كان الأردن قد رحب بـ”التطور النوعي” في الحرب على الإرهاب شرقاً، إلا أنه لا يمتلك ترف فعل الشيء ذاته، حين يتصل الأمر بالتطورات الميدانية شمالاً، لكنه في المقابل، لا يستطيع أن يضع نفسه في “الخندق الآخر”، أو أن يتساوق مع دعوات تسليح “الجبهة الجنوبية” وفتح الحدود لإمداداتها بالرجال والعتاد والسلاح، تلك مغامرة غير محمودة، فضلاً عن أنها لا تخدم مصلحة الأردن وأمنه واستقراره.
ليس ثمة ما يقلق الأردن في هذه التطورات، ولا أحسب أن أحداً في مراكز صنع القرار يشتم منها “رائحة” تهديد لأمن الأردن وسلامة أراضيه وأهليه ... بل على العكس من ذلك تماماً، فثمة من يرى في هذه التطورات، فرصاً تفوق ما قد يتأسس عليها من تحديات، وأهم هذه الفرص على الإطلاق، إعادة بسط الدولتين سيطرتهما على حدودهما الدولية، مع كل ما يفتحه ذلك من احتمالات لاستئناف حركة البضائع والأفراد والرساميل والخدمات عبرها، فالأردن في “حصار بري” خانق، بعد سيطرة “داعش” و”المنظمات المسلحة” على المعابر الحدودية الشمالية والشرقية.
والتذرع بالمخاوف المفرطة من تدفق سيول جديدة من اللاجئين، يبدو أمراً مبالغاً فيه، إما عن سوء تقدير، أو عن سوء نيّة ... أما سوء التقدير فيُرد عليه، بأن معركة الرمادي حسمت من دون تسجيل أية موجات لجوء عراقية للأردن ... وخزان اللاجئين من جنوب سوريا للأردن، يكاد أن يكون قد نضب، وإن كانت فيه بعض بقية، فبالإمكان تدبر الأمر عبر إجراءات على الحدود، أو من خلال قنوات التنسيق المباشرة مع النظام في دمشق، أو عبر أطراف المعارضة “الصديقة” في الجنوب، أو بوسائل غير مباشرة، عبر “الوسيط الروسي” الذي تبدو قنواته مفتوحة وسالكة مع عمّان، وفي الاتجاهين.
أما سوء النيّة، فيمكن – ربما – بما يراد تحقيقه من وراء “التلويح” بخطر الموجات الجديدة من اللاجئين السوريين، وغالباً من باب “تحريض” الدولة الأردنية والرأي العام الأردني، لاتخاذ مواقف أكثر تساوقاً مع مواقف المحور القطري – السعودي – التركي من الأزمة السورية، بما فيها الاصطدام مع روسيا، وتصعيد الخلاف مع إيران والتورط أكثر في ثنايا ودهاليز الأزمة السورية، الأمر الذي قاومه الأردن في ذروة انتعاش دور هذا المحور، والأرجح أنه سيقاومه اليوم، وبكفاءة أعلى.
ما الدور الذي بمقدور الأردن أن يضطلع به شرقاً وشمالاً، بما يخدم مصالحه من جهة أولى ويساعد الشعبين والدولتين الجارتين من جهة ثانية، وبأقل الأكلاف والتبعات من جهة ثالثة؟
إنه باختصار : دور “الوسيط” الذي لا يكف عن بذل “المساعي الحميدة” للتحقيق المصالحة بين الأشقاء، وتجنيب مناطق غرب العراق وجنوب سوريا، المزيد من الويلات والكوارث، ويوفر أفضل إطار يمنع تدفق المزيد من اللاجئين، بل وربما، يفتح الطريق أمام عودة جزء منهم إلى بلداته وقراه ومدنه التي هُجّر منها.
شرقاً، للأردن دالة على كثير من عشائر الأنبار وقواها السياسية الفاعلة، وهو يحتفظ بعلاقات طيبة مع الحكومة العراقية، خصوصاً بعد تسلم الدكتور حيدر العبادي لمقاليدها، والأردن “وسيط مقبول ونزيه”، وبمقدوره أن يبذل جهداً أكبر لتسوية الأوضاع في هذه المحافظة، خصوصاً في مرحلة “ما بعد داعش” التي أطلت برأسها من تخت دخان المعارك الضارية في الرمادي، وستكتمل فصولها تباعاً، عندما تبدأ معارك هيت والفلوجة والرطبة وصولاً لطريبيل.
شمالاً، يحتفظ الأردن بعلاقات وثيقة مع كثير من الفصائل المسلحة المنضوية في إطار ما يعرف بـ “الجبهة الجنوبية”، ومعظم قادة هذه الفصائل، يتواجدون على الأراضي الأردنية، هرباً من مسلسل الاغتيالات والتصفيات الغامض الذي حصد الكثيرين منهم ومن غيرهم في الأشهر الأخيرة ... والأردن يحتفظ بعلاقات وثيقة مع مكونات عشائرية وطائفية في المنطقة، ولديه قنوات اتصال مع دمشق، ويتبادل بعض المسؤولين في البلدين، برقيات التهنئة بالأعياد، والأنباء تحدثت عن زيارة غير معلنة للواء علي مملوك للأردن، والأهم من هذا وذاك، أن للأردن علاقات وثيقة، وعلى أرفع مستوى، مع روسيا، تمكنه من تذليل العقبات أمام دور الوسيط الحميد، لترتيب بعض المصالحات الكبرى في الجنوب، وبمستوى لا يقل أهمية عن “هدنة الزبداني - الفوعة – كفريا”، أو اتفاق اليرموك – الحجر الأسود – التضامن – القدم – العسالي، الذي أبرم ما بين النظام و”داعش” بوساطة أممية.
بمقدور الأردن أن يقود مصالحات وطنية في جنوب سوريا، تنجينا وتنجي المحافظات الجنوبية الثلاث، المزيد من ويلات الحرب والدمار واللجوء والإرهاب ... وربما تمهد لإقامة “منطقة آمنة توافقية” على مقربة من الحدود، تتحول إلى نقطة جذب للاجئين والنازحين، ونكون بذلك قد أرحنا واسترحنا ... وأية دعوات بخلاف ذلك، من نوع تصعيد الموقف ورفع حدة الانتقادات والاتهامات، والاقتراح بدخول صراع سياسي مع دمشق أو طهران أو موسكو، أو رفع منسوب التدخل الأردني الميداني في الأزمة السورية، ليست في واقع الحال، سوى دعوات متحمسة في أحسن سيناريو، أو مدفوعة بسوء النيّة والطوية، وفقاً لأسوأها.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن كـ «وسيط نزيه»، شرقاً وشمالاً الأردن كـ «وسيط نزيه»، شرقاً وشمالاً



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab