الإخوان و«التجربة الفرنسية»

الإخوان و«التجربة الفرنسية»

الإخوان و«التجربة الفرنسية»

 عمان اليوم -

الإخوان و«التجربة الفرنسية»

عريب الرنتاوي

أورد محللون اسم جماعة الإخوان المسلمين في قائمة “الخاسرون” من حادثة الاعتداء على صحيفة “شارلي بيدو” وما سبقها وأعقبها من هجمات إرهابية في فرنسا ... هؤلاء المحللون يعرفون أن الجماعة لا دخل لها في هذه الفعلة النكراء، بيد أنهم يستندون إلى قراءة تفترض ازدياد صعوبة التفريق بين الجماعات الإسلامية المختلفة في أوروبا والعالم، والميل المتعاظم لخلط حابل هذه الجماعات بنابلها، فتدفع الجماعة الإخوانية، ثمن ما تفعله داعش والنصرة والسلفية الجهادية وغيرها من منظمات التكفير والعنف.
ويضيف هذا النفر من المحللين إلى ذلك، توقعات بتراجع حماسة الغرب تحديداً، لإشراك جماعة الإخوان المسلمين في العمليات السياسية الجارية في عدد من دول العالمين العربي والإسلامي، بعد ثلاث أو أربع سنوات، من الحماسة لتجربة الإسلاميين في الحكم، والتي وصلت في بعض الأحيان حد الاشتباك مع أنظمة محسوبة على الغرب لإصرارها على إقصاء وتهميش جماعة الإخوان.
واستتباعاً لهذا التحليل، ولكي “يُبنى على الشيء مقتضاه”، يرى هؤلاء المحللون، أن مراجعات كبيرة سوف تجري في قادمات الأيام، ستطال كثيرا من جوانب السياسات الغربية في المنطقة ... فهناك من بات يرجح استعجال الحرب البرية على داعش، وهناك من يتوقع اقتراباً غربياً من نظام الأسد وحلفائه الإقليميين: إيران بخاصة، وهناك من يتنبأ بعلاقات وطيدة مع النظام المصري، إلى غير ما في الجعبة من توقعات ونبوءات.
أحسب أن قراءة كهذه تنطوي على قدر كبير من الصحة والجدية ... فالجماعة أخفقت في تظهير موقف قاطع ضد الإرهاب، فلم نر إدانات أو بيانات استنكار للجريمة، ولم نر تفنيداً للمنطق، أو بالأحرى “اللامنطق” الذي لجأ إليه من أمر وخطط ونفذ للمذبحة ضد الصحيفة الباريسية، بل على العكس من ذلك، رأينا هجوماً عنيفاً وانتقادات لاذعة لتظاهرة باريس المليونية.
مبرر هذه الجماعة / الجماعات، أن الصحيفة المستهدفة، امعنت في الإساءة للإسلام والمسلمين ... والحقيقة أن أحداً ليس بمقدوره أن يدافع عن صحيفة هابطة ورسوم كاريكاتيرية مستفزة وساذجة في الشكل والمضمون، لكن شتان بين الحق في إدانة الصحيفة وانتقادها، بل وانتقاد السياسة الفرنسية والتنديد بها من جهة، والصمت البالغ حد “الموافقة” و”التبرير” الذي يتطلى بلغة “التفسير” للفعلة الإرهابية من جهة أخرى... لا بل إننا قرأنا مقالات على موقع الجماعة، تعيد انتاج خطاب “الكهوف” المحرض على “صدام الحضارات والثقافات” واصطراعها الأبدي، فالعالم من وجهة نظر بعض ما يُنشر، يتوزع على ثلاثة أقسام: المسلمون، وهم ورثة الرسالات والأنبياء، والشرق المشرك والملحد والغرب الصليبي، والحرب بين هذه الأطراف مفتوحة إلى أن يرث الله الأرض وما عليها.
والحقيقة أنه من الظلم وضع جميع هذه الجماعات في سلة واحدة، بما فيها تلك المحسوبة رسمياً على التنظيم الدولي للجماعة، فثمة أحزاب وحركات إسلامية حاكمة في المغرب العربي، تبنت مواقف مغايرة، من دون أن تتورط في الدفاع عن الصحيفة المذكورة أو تقع في “العشق الحرام” مع الغرب أو فرنسا، والمؤكد من دون أن تنسى الإرث الكولونيالي لها، فهي تنتمي لدول ومجتمعات، رزحت طويلاً تحت سلطة الانتداب و”الفرنسة” وعانت من ويلاته ما عانت.
لكن عجلة التاريخ لا تتوقف، ومواقف الدول والحركات والمنظمات، لا تصنعها “الثارات القبلية... التطلع للأمام وعدم البقاء في الماضي، هو سمة الشعوب والمجتمعات الحيّة، وهو وحده الذي يصنع مستقبلات بديلة لبلداننا وشعوبنا، ومن دون ذلك، سنبقى على قارعة التاريخ.
في المقابل، وجدنا خطاباً إخوانياً مشرقياً، أقرب للتشفي، بل وربما تراود أصحابه فكرة “توظيف” هذا التطرف المجنون، لتحقيق مآرب وأهداف سياسية، من بينها– ربما - “تأديب” الغرب وفرنسا بخاصة على ما تتمتع به من منظومة حريات، ومن بينها أيضاً، التذكير المستمر للغرب بأن السماح باستهداف الإسلام المعتدل لن يأتيه إلا بإسلام “داعش والنصرة” ... ومن بينها ربما توظيف المشاعر الدينية الكامنة في صدور ملايين العرب والمسلمين، لاستعادة الدور واستنهاض الجماعة، بعد الضربات الماحقة التي لحقت بها خلال الأشهر الماضية... وأياً كانت دوافع هذا الموقف ومبرراته، فقد سقط بعض هذه الجماعات في امتحان “التجربة الفرنسية”.
أياً يكن من أمر، فإن إخفاق كثير من الجماعات الإسلامية في تظهير مواقف قاطعة، لا تبريرية، حيال ما يجري من جرائم ترتكب باسم الإسلام وتحت رايته، لن يساعدها في مسعاها لأن تكون جزءاً من العملية السياسية، ولن يبدد مناخات انعدام الثقة بجميع المدارس السياسية الإسلامية، التي تعزز انتشارها هذه الأيام، وسيُعَقّد جميع المحاولات الرامية لإدماج هذه الجماعات، في النظم والعمليات السياسية الجارية في بلادنا.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان و«التجربة الفرنسية» الإخوان و«التجربة الفرنسية»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab