الاعتراف بالدولة الفلسطينية هل هو سيئ لإسـرائيل بالضـرورة

الاعتراف بالدولة الفلسطينية... هل هو سيئ لإسـرائيل بالضـرورة؟!

الاعتراف بالدولة الفلسطينية... هل هو سيئ لإسـرائيل بالضـرورة؟!

 عمان اليوم -

الاعتراف بالدولة الفلسطينية هل هو سيئ لإسـرائيل بالضـرورة

عريب الرنتاوي

يتقدم معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل بمقاربة أخرى، غير تلك السائدة في المستوى الحكومي الإسرائيلي، لمسألة “الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية مستقلة في حدود 67”، استجابة لتوجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس للأمم المتحدة، المقاربة الجديدة تقترح أن تبادر إسرائيل للاعتراف بهذه الدولة، وأن تشرع في مفاوضات معها حول الأمن والحدود والمستوطنات وغيرها مما جرى التعارف عليه باسم: “موضوعات الحل النهائي”.

الاعتراف بالدولة لا يعني قيامها على الأرض، كما لا يعني انتهاء الاحتلال ... جُل ما قد يترتب على هذا الإعلان هو زيادة الضغط الدولي على إسرائيل، للدخول في مفاوضات جادة وذات مغزى مع الفلسطينيين، من أجل تجسيد حل الدولتين، وهو أمر لا ترفضه إسرائيل رسمياً على الأقل، وإن كانت تمارس نقيضه على الأرض، ليلا ونهارا.

يستشهد واضعا التقرير، شلومو بروم وشيمون شتاين بوقائع مماثلة من التاريخ الحديث ... فالفلسطينيون سبق لهم في العام 1988 أن أعلنوا “استقلالهم”، وحظي ذلك الإعلان باعتراف دولي واسع، قبل أن يعاودوا الكرّة في العام 2012 حين تقدموا بطلب الاعتراف بهم، دولة غير عضو في الأمم المتحدة، وحظي طلبهم باعتراف دولي واسع، والأمر ذاته قد يتكرر نهاية السنة أو بداية العام المقبل، من دون أن يطرأ تغيير جذري يذكر على الأرض.

لا يبدو أن الكاتبين شديدي الثقة بأن نتنياهو وحكومته، جادان في حديثهما عن “حل الدولتين” ... قبل اثنتي عشرة سنة، رفضت إسرائيل مبادرة السلام العربية، التي فتحت الباب رحباً لسلام وتطبيع بين “المعتدلين العرب” وإسرائيل، شريطة تسهيل إسرائيل قيام دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة للفلسطينيين، لكن إسرائيل منذ ذلك التاريخ، آثرت سلوك طريق آخر، هدفه الأساس: تحقيق السلام والتطبيع مع “عرب الاعتدال” من دون التوصل، أو قبل التوصل لاتفاق سلام مع الفلسطينيين، ينهي الاحتلال ويسمح بقيام دولة فلسطينية.

عدة محاولات بذلها نتنياهو خلال ولايتيه المتعاقبتين لتحقيق هذا الهدف، تارة بحجة أن إيران بأطماعها التوسعية والنووية، هي العدو المشترك الذي يتهدد أمن العرب والإسرائيليين ويوجب “تحالفهما” في خندق واحد لمواجهة هذا التهديد ... وتارة ثانية، راهنة، تحاول فيها إسرائيل أن تجعل من “داعش” عدواً مشتركاً يملي نبذ الخلافات وتوحيد الجهود العربية والإسرائيلية للتفرغ لمواجهة خطر الإرهاب ... وهنا لا يجب أن يغيب عن البال، الجهد الإسرائيلي لوضع “داعش” وحماس وحزب الله، في سلة واحدة، واعتبار هذه القوى، من دون تمييز، عناوين مختلفة لمضمون إرهابي واحد.

على أن تقرير المعهد الإسرائيلي، يبدي شكوكاً في جدية هذا المسعى الإسرائيلي وجدواه، بل ويبدي قدراً أعلى من الشك، في فرص نجاحه ... فأكثر العرب تضرراً من داعش وحماس وحزب الله، وعداءً لها، لن يجرؤ على المقامرة بتوسيع هوامش السلام والتطبيع مع إسرائيل قبل التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، وفي أحسن الحالات، فإن تل أبيب قد تنجح في تفتيح قنوات تنسيق أمني واستخباري متبادل مع بعض عرب الاعتدال، خصوصاً دول الجوار، بيد أنها لن تستطيع أن تسجل “اختراقاً” على دروب السلام والتطبيع مع أي منهم.

الخلاصة التي ينتهي إليها التقرير، أن إسرائيل، إن كانت معنية حقاً، باستئناف المفاوضات، والوصول إلى حل توافقي / تفاوضي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فليس عليها أن تقلق من الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية العتيدة ... بل وعليها أن تبادر إلى الاعتراف بهذه الدولة، بدل صرف الجهود الجبارة لمنع دول أخرى من الاعتراف بها، والمقامرة بتوتير العلاقات بين إسرائيل وهذه الدول ... ومن يدري، فلعل اعترافاّ كهذا، يمكن أن يمهد الطريق لاستئناف المفاوضات.

ولا يغيب عن بال واضعي التقرير، القول: إن على إسرائيل أن تتعامل مع الرئيس عباس بوصفه شريكاً في هذه العملية، وأن تعزز شراكتها معه، وتيسر له أمر استعادة نفوذه في قطاع غزة ... كما يوصي التقرير ساسة إسرائيل، بعدم الارتهان لحسابات السياسة الداخلية عند النظر إلى هذه المسائل، والتعامل معها من منظور المصلحة والأمن الوطنيين، حينها سيكتشف هؤلاء أن ما يقوم به الرئيس عباس من محاولات لإعادة قضية الاعتراف بدولة فلسطينية على رأس جدول الأعمال الدولي، ليس أمراً مقلقاً أو ماسّاً بالمصالح الإسرائيلية بالضرورة.

بالمناسبة، لقد تزامن نشر التقرير المذكور مع تصريحات مثيرة لوزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون أبدى خلالها عدم ممانعة في أنْ يطلق الفلسطينيون على “حكمهم الذاتي” اسم دولة أو امبراطورية ... طالما أن حدود هذه الدولة/ الحكم الذاتي، وحدود سيادتها، والترتيبات الأمنية والاستراتيجية المحيطة بها، تتطلب موافقة إسرائيل وقبولها ... فهل يختلف كلام يعالون عن تقرير المعهد الأمني الإسرائيلي في جوهره ومآلاته ... ليعترف العالم بدولة فلسطينية، ولتعترف بها إسرائيل كذلك، طالما أن كل ما يحيط بهذه الدولة من ترتيبات، يستوجب قبول إسرائيل، قوة الأمر الواقع الاحتلالي، ورضاها ... لماذا التطيّر إذن من قبل بعض الإسرائيليين، ولماذا المبالغة إذن في تصوير حجم الإنجاز الأممي من قبل بعض الفلسطينيين؟

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاعتراف بالدولة الفلسطينية هل هو سيئ لإسـرائيل بالضـرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية هل هو سيئ لإسـرائيل بالضـرورة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab