الرئيـس الأخـيـر

الرئيـس الأخـيـر؟!

الرئيـس الأخـيـر؟!

 عمان اليوم -

الرئيـس الأخـيـر

عريب الرنتاوي

فتحت الاستقالة المُتَرَاجع عنها، للرئيس الفلسطيني محمود عباس، شهية المحللين ومراكز البحث، لبناء سلسلة من السيناريوهات المحتملة لمرحلة «ما بعد عباس» في الحياة السياسية الفلسطينية ... أكثر هذه السيناريوهات انتشارها وإثارة للفضول، تلك التي حملت عناوين مختلفة وجاءت بمضمون واحد: «الرئيس الأخير».

صائب عريقات، الاسم الأكثر تداولاً للخلافة، الذي صار أمينا لسر المنظمة، أي في موقع الرجل الثاني، بروتوكولياً على الأقل، بعد أن ظل يشتهر بلقب «كبير المفاوضين»، قال إن الاحتلال هو من سيرث الرئيس عباس ويخلفه، في رده على الأنباء حول خلافته لرئيسه، وفي مسعى لدرء «الاتهام» وإبداء الزهد بالمنصب.

هذا السيناريو، ينطلق من فقدان السلطة لسلطتها منذ عملية «السور الواقي»، وميل اتجاهات فلسطينية متزايدة لفكرة «حل السلطة» بعد أن فقدت دورها كمشروع للدولة و»نواة» لها ... كما أنه يأخذ بنظر الاعتبار، تعاظم احتمالات انهيار السلطة، في ضوء سياسة الإضعاف المنهجي المنظم التي تتبعها إسرائيل حيالها، حيث لم يبق للسلطة من وظائفها سوى «التنسيق الأمني»، وهو أمرٌ يُصر فلسطينيون كثر على وجوب وقفه، فوراً ومن دون إبطاء.

سيناريو ثانٍ، جرى طرحه في الجلسة الفلسطينية لمؤتمر «الأردن في بيئة إقليمية متغيرة=سيناريوهات للمستقبل» الذي نظمه مركز القدس للدراسات السياسية أواخر الشهر الفائت، تحدث عن «خلفاء» و»وورثة» للرئيس، لا خليفة واحد أو وريث بعينه ... هذا السيناريو انطلق من الوقائع التي نجحت إسرائيل في فرضها على الأرض، والمتمثلة في تقطيع أوصال الضفة الغربية وعزل القدس وتطويقها، سعياً في تدمير «حل الدولتين» والقضاء على فرص بناء دولة مستقلة قابلة للحياة ومتصلة جغرافياً... هذا السيناريو يتحدث عن «أمراء كانتونات»، يديرون «دولة/دول البقايا»، أحدهم في الخليل وثانيهم في نابلس، وثالثهم في رام الله، ولا بأس من تفعيل مسار التفكيك، ليصبح لكل مدينة وبلدة إمارتها وأميرها الخاصين.

أما السيناريو الثالث، الأكثر تفاؤلاً، فيتحدث عن انتقال هادئ من داخل حلقة السلطة الأضيق المحيطة بالرئيس... هنا يجري تداول قائمة غير منتهية من المرشحين والبدائل، أكثرهم تكراراً صائب عريقات ومدير مخابرات السلطة اللواء ماجد فرج، وهناك أسماء أخرى تحيط بكل واحدٍ منها، ملاحظات وقيود وعقبات ... ميزة هذا السيناريو أنه ينطلق من «تأجيل» حكاية «الرئيس الأخير»، ويتحدث عن «رئيس انتقالي»، بيد أنه انتقال نحو الأسفل والوراء، لا نحو الأعلى أو إلى الأمام ... رئيس تلفظ السلطة في ولايته الأولى، أنفاسها الأخيرة، والسبب وراء هذا التقدير، أن «الانتقال» في الشروط الفلسطينية الراهنة، سيتم كما يشير أصحاب هذا السيناريو، من داخل «حلقة رام الله الضيقة» وامتداداً لسياساتها، أي أننا سنكون أمام «العباسية» ولكن من دون عباس.

الراغبون في «الوراثة» و»الخلافة» كثر، والزاهدون فيها فعلاً لا قولاً، لا وجود لهم ... كل عضو لجنة مركزية في فتح مرشح للخلافة ما لم يثبت العكس، وثمة حفنة من الشخصيات المستقلة، يسكنها هذا الهاجس، ولا يمنعها من البوح به سوى «متلازمة» فتح والسلطة، والتي تعني أن «الطريق إلى رأس السلطة، يمر حكماً بلجنة فتح المركزية ... وفي حماس، ثمة رغبات دفينة بتمديد مظلة سلطة الحركة من القطاع المحاصر إلى الضفة المحتلة، وتصريحات موسى أبو مرزوق عن استعداد الحركة لاستلام السلطة، وطلبه إلى عباس قبل سنوات، التفكير بنقل السلطة إلى حماس بدل التلويح بحلها، تشف عن بعض الرغبات الدفينة، والتي لا شك أنها انتعشت في ظل تزايد التكهنات بالوصول إلى اتفاق تهدئة مع إسرائيل بوساطة طوني بلير ودعم من قطر وتركيا ... إن نجحت حماس في «امتحان التهدئة» في غزة، فليس ثمة ما يمنع من التفكير بإعادة انتاج التجربة في الضفة.

والخلاصة، طالما أن هناك سلطة، فإن من الطبيعي أن يكون لها رئيساً، بالتعيين والأفضل بالانتخاب ... والسلطة مستمرة بفعل نظرية «القصور الذاتي» في الميكانيكا، وهي وإن فقدت وظيفتها في خدمة مشروع الحرية والاستقلال الوطني الفلسطيني، فإن بقائها واستمرارها، أصبحا متطلباً لنظرية الأمن الإسرائيلية، وحاجة للأنظمة والحكومات العربية التي لا تريد ما أو من يصرفها عن مشكلاتها وتحدياتها الداخلية والإقليمية الضاغطة، والسلطة «استثمار» للمجتمع الدولي، لا يريد التفريط به، طالما أنه يفتقر لأية بدائل أو خيارات أخرى.

الأرجح أن يعود الرئيس عن نيته الانسحاب من المشهد السياسي الفلسطيني، والمؤكد أنه لن يكون «الرئيس الأخير»، وما لم يطرأ ما ليس في الحسبان، فإن «سيناريو التآكل» الذي يفعل فعله في الأرض والحقوق والمقدسات الفلسطينية، سيظل السيناريو الحاكم للمرحلة المقبلة، حتى يطرأ من الأحداث والتطورات، ما يُمكّن الفلسطينيين من تغيير قواعد لعبتهم الوجودية مع الإسرائيليين.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرئيـس الأخـيـر الرئيـس الأخـيـر



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab