بمَ يفـكـر نتنياهـو

بمَ يفـكـر نتنياهـو؟

بمَ يفـكـر نتنياهـو؟

 عمان اليوم -

بمَ يفـكـر نتنياهـو

عريب الرنتاوي

أكثر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مؤخراً، من التلويح بورقة «الخطوات أحادية الجانب»، وهو إذ حرص على أعادة اجترار الفكرة ذاتها، إلا أنه طرحها في سياقات مختلفة ...  في واشنطن، جاء عرض الفكرة من باب درء الضغوط التي كان يمكن أن يواجهها من قبل إدارة أوباما، لتقديم «شيء ما» للفلسطينيين لضمان صمتهم وهدوئهم، في ظل الانحباس المديد لعملية السلام ... ولدى عودته إلى إسرائيل، جدد عرض الفكرة في سياق تهدئة روع بعض الإسرائيليين من مغبة أن تقود سياساته إلى سيناريو «الدولة الواحدة ثنائية القومية» ... وفي اتصالاته المباشرة وغير المباشرة مع الفلسطينيين، يحرص الرجل على طرح الفكرة من منظور «ردعي»، أي بمعنى خطوات أحادية الجانب إسرائيلية لمواجهة أية خطوات أحادية الجانب من قبل الفلسطينيين ... وهكذا، تتعدد المناسبات والسياقات، والفكرة واحدة.

لكن، وما أن أقدم نتنياهو على طرح الفكرة لأول مرة، حتى ثارت في وجهه عاصفة من الانتقادات، مصدرها الرئيس حلفاؤه في جبهة اليمين المتطرف، ومن داخل الليكود ... هؤلاء اعتبروا الأمراً تنازلاً مجانياً أمام الفلسطينيين، وتفريطاً بـ «البيت اليهودي» و»إسرائيل الواحدة» ... أما على جبهة اليسار، فقد جاءت الانتقادات مُشككةً بنوايا نتنياهو ومناوراته، والتي لا يمكن مقارنتها بخطوة أريئيل شارون الأحادية في غزة، او حتى بقبول بن غوريون مشروعي التقسيم لفلسطين في العامين 1937 و1947.

في مواجهة هذه الانتقادات التي قد تمس سلامة ائتلافه وحكومته، عاد نتنياهو للحديث أمام كتلة الليكود في الكنيست، بأن لا خطط لديه للانسحاب من جانب واحد، أو تسليم أراضٍ مجاناً» للفلسطينيين ... وتوسع الرجل في شرح أفكاره عندما قال بأن لا انسحاب للجيش الإسرائيلي عن نهر الأردن وفقاً لأي سيناريو، وحتى بوجود اتفاق سلام مع الفلسطينيين، كما أن الكتل والتجمعات الاستيطانية في الضفة، ستظل حالها، أما حال القدس فليس خاضعاً لأي نقاش أو تفاوض، لا الآن ولا في المستقبل.

نتنياهو على رأس ائتلاف اليمين واليمين المتطرف، الديني الأرثوذوكسي والقومي الاستئصالي، لن يذهب إلى «حل الدولتين»، وهو برغم إعلاناته المتكررة المراوغة منذ خطاب بار إيلان في العام 2009 عن الاستعداد للقبول بسيناريو «دولتين لشعبين»، فعل كل شيء ممكن لمنع قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، ونجح منذ ذلك الخطاب، في زرع أكثر من مائة ألف مستوطن جديد في الضفة والقدس ... خيار الدولتين، بات وراء ظهرونا، وكل من تتحدث إليه من خبراء ودبلوماسيين وباحثين، عرب وأجانب، يوافقك على هذه الحقيقة.

في المقابل، لا يبدو أن أحداً في إسرائيل مستعد حتى لمناقشة خيار «الدولة الواحدة ثنائية القومية»، ولن تجد حتى في صفوف أنصار السلام وقادة معسكره، من يقبل بمنح «الهوية الإسرائيلية» لملايين الفلسطينيين في الضفة والقدس والقطاع، في إطار حل «الدولة الواحدة» فالهاجس الديموغرافي، هو أكثر ما يقض مضاجع الطبقة السياسية والرأي العام الإسرائيليين على حد سواء، والمؤكد أنه حتى إشعار آخر، فإن سينايو كهذا لن يكون مدرجاً على جدول أعمال المجتمع الإسرائيلي.

إسرائيل ذاهبة إلى سيناريو «الأبارتهيد»، وهو سيناريو يَحتَمل إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي من بعض مناطق الكثافة السكانية الفلسطينية، وتمكينها من إدارة شؤون نفسها بنفسها، سواء في إطار كيان فلسطيني واحد، كالسلطة الفلسطينية على سبيل المثال، أو في إطار عدد من الكيانات و»الإمارات» الموزعة على المدن و»المعازل الفلسطينية»، مع الإبقاء على السيطرة الأمنية الإسرائيلية على الحدود والأجزاء والمعابر، والاحتفاظ بحرية الحركة للجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية في هذه المعازل.

الضفة الغربية ليست قطاع غزة، هذا ما قاله نتنياهو لزملائه في الكنيست، وأية خطوات أحادية سيقدم عليها، لن تكون على شاكلة وطراز ما فعله سلفه «البلدوزر» في قطاع غزة ... لكن نتنياهو يجد نفسه مجرداً من الخيارات والبدائل في ظل إصراره على تدمير أية فرصة لعملية سلام حقيقة تقود إلى «حل الدولتين»، ورفضه المطلق لأي حل يقوم على «الدولة الواحدة» ... بين هذين الحدين، تندرج خطوات نتنياهو الأحادية، والمؤكد أن الرجل بدأ التحضير لمثل هذا السيناريو، وما يدلي به يومياً من تصريحات، ثم العودة عنها أو التخفيف من وقعها أو محاولة تفسيرها بصورة مغايرة، إنما يندرج في إطار التحضير لآخر سيناريو عملي يمكن أن تقدم عليه حكومته، في إطار سياسة فرض الأمر الواقع، ودائماً من جانب واحد.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بمَ يفـكـر نتنياهـو بمَ يفـكـر نتنياهـو



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab