تركيا  خطوتان إلى الوراء

تركيا ... خطوتان إلى الوراء

تركيا ... خطوتان إلى الوراء

 عمان اليوم -

تركيا  خطوتان إلى الوراء

عريب الرنتاوي

خطت السياسة التركية الخارجية خلال الأيام الفائتة، خطوتين إلى الوراء، بعد أن بلغت “حافة الهاوية” أو كادت ... الأولى على جبهة كوباني– عين العرب، عندما أعلنت أنقرة بأنها سمحت بمرور مقاتلين من البشمرجة العراقية إلى عين العرب عبر أراضيها، مع أسلحتهم وعتادهم... والثانية، بعيداً عن حدودها الجنوبية الملتهبة، إلى الجبهة الليبية المشتعلة، عندما أوفدت نائب رئيس الحكومة أمر الله إشلر إلى ليبيا، ليجدد اعتراف بلاده بالبرلمان المنتخب وحكومة عبد الله الثني المنبثقة.

على جبهة عين العرب –كوباني، أثار الصلف التركي في رفض إمداد الأكراد بالمساعدات غضب المجتمع الدولي واستنكاره، حتى أقرب حلفاء أنقرة على الساحة التركية، سعوا في تمييز مواقفهم عن مواقف أنقرة ... فرنسا نأت بنفسها عن الموقف التركي المتعنت حيال الأكراد وكذلك فعلت بريطانيا، فيما تجادل واشنطن بأن الإحجام عن تقديم الدعم للأكراد، هو موقف “غير مسؤول” و”لا أخلاقي”، حتى أن الإدارة الأمريكية رفضت أن يؤخذ أكراد سوريا بجريرة حزب العمال الكردستاني التركي، وميزت بين الاتحاد الديمقراطي الكردي من جهة والحزب المحظور في تركيا في من جهة ثانية، وقالت أن الأول ليس مدرجاً على لوائح الإرهاب ... عند هذا الحد، كان لا بد لتركيا أن تتخطى عناد رئيسها، وأن تنحني قليلاً أمام هبوب الريح الدولية العاتية، وهذا ما فعلته حين أبرمت تسوية مع واشنطن بهذا الصدد، سيما وأن أنباء الاتصالات بين واشنطن والاتحاد الديمقراطي وصلت إلى مسامع أنقرة، كما أن دوائر التحالف الدولي، تبشر بقرب ضم أكراد سوريا إلى صفوفه.

على أية حال، ما زالت هناك خلافات كبيرة بين التحالف وتركيا حول الموقف من المسألة الكردية عموماً، فضلاً عن شروط أنقرة الأربعة للانضمام إلى صفوفه، والعلاقة التركية مع “داعش” التي تثير شكوك الغرب وتستدعي انتقادات وضغوطات واسعة، تسعى أنقرة في احتوائها من خلال تقديم تنازلات “تكتيكية” في مضمونها، ومتأخرة في توقيتها.

في الملف الثاني، وبعد أن فجرت تصريحات أردوغان في سبتمبر / أيلول الفائت، أزمة مع البرلمان الليبي المنتخب وحكومة الدكتور عبد الله الثني، ما استوجب استدعاء السفير الليبي من أنقرة، رداً على تلك التصريحات التي شككت في شرعية المجلس والحكومة، من خلال التشكيك في اتخاذ “طبرق” مقراً لاجتماعاتهما، وهو أمر رأى فيه ليبيون كثر، تعبيراً عن انحياز تركيا للإخوان المسلمين و”أنصار الشريعة” الذين يقاتلون الحكومة وجيشها ولا يعترفون ببرلمانها المنتخب، بخلاف الأمم المتحدة والجامعة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وعشرات الدول والمجاميع الدولية الأخرى.

إشلر حمل رسالة واضحة إلى “طبرق” فيها تجديد للاعتراف بشرعية الحكومة والبرلمان، وإعلان خصومها “خارجين عن الشرعية” ودعوتهم لإلقاء السلاح ونبذ العنف والالتحاق بالبرلمان والحكومة الشرعيين ... هنا يمكن القول، أننا أمام أوضح انقلاب تركي على إخوان ليبيا، الذين طالما دعمتهم من ضمن منظور تحالفي استراتيجي مع كل من قطر وجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة عموماً.

قبل ذلك، كانت أنباء تحدثت عن احتمال إقدام أنقرة على الطلب من بعض قادة الإخوان اللاجئين على أرضها، تجميد أنشطتهم أو مغادرة البلاد، في مسعى لاحتواء التدهور في علاقات تركيا مع الدول العربية الفاعلة، من مصر إلى السعودية، مروراً بمروحة واسعة من الدول والعواصم.

لا شك أن “عزلة” تركيا، ووصولها إلى وضعية “صفر أصدقاء” في الإقليم، هي في خلفية هذه التراجعات التكتيكية، التي تقدم عليها مكرهة، وتحت ضغط المجتمع الدولي، وبإلحاح مصالحها الضاغطة في ليبيا، حيث تتطلع تركيا للقيام بدور نشط في مشاريع إعادة إعمار ليبيا وقطاع النفط والطاقة والبنى التحتية، ما قد يوفر مليارات الدولارات للشركات التركية، التي تستحق معها، التضحية بحليف إيديولوجي صغير كإخوان ليبيا.

لا ندري إن كانت هذه التراجعات ستشكل بداية لمزيد منها، وفي ساحات أخرى، أم أن أنقرة ستتوقف عند هذا الحد، لكن من العبث القفز عن هذين المؤشرين، واعتبارهما عديمي الأهمية ... سيما وأنهما يمسان عصبين حساسين في حسابات أنقرة: المسألة الكردية والتحالف مع الإخوان المسلمين.

ملاحظة: بعد نشر مقال “تركيا بين رقمين ومرحلتين” قبل خمسة أيام، أخبرني مصدر في الأمم المتحدة بأن تركيا أحجمت قبل عدة أشهر، عن حجب الثقة على ترشيح إسرائيل لعضوية “نائب رئيس لجنة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة” ضمن المجموعة الغربية، بل أنها رفضت اقتراحاً بمنافسة إسرائيل على هذا الموقع، رغم ارتفاع فرص فوزها بالمقعد بدلا عن دولة الاحتلال الوحيد المتبقي في القرن الحادي والعشرين في العالم ... تركيا راهنت في المقابل على دعم المجموعة لترشيحها لعضوية مجلس الأمن، إلا أن رهانها خاب، ولم تحظ بدعم إلا 60 دولة فقط ... المصدر قال: أن ثمة حالة من الغطرسة في الحسابات التركية، فلم يسبق لدولة في العالم أن ترشحت ثانية لعضوية مجلس الأمن، ولمّا تمضي سوى أربع سنوات فقط على انتهاء عضويتها في المجلس، هذا سبب آخر لعب دوراً في فشل الدبلوماسية التركية في الأمم المتحدة.

omantoday

GMT 06:54 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 06:53 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الجميع يخطب ود الأميركيين!

GMT 06:52 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 06:51 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 06:50 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التحالف العالمي لحل الدولتين لإقامة «الفلسطينية»

GMT 06:49 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 06:48 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

GMT 06:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الجديد في علاج أمراض القلب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا  خطوتان إلى الوراء تركيا  خطوتان إلى الوراء



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 07:43 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 عمان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab