عن «الهبّة» ونتنياهو وبضاعة كيري الكاسدة

عن «الهبّة» ونتنياهو وبضاعة كيري الكاسدة

عن «الهبّة» ونتنياهو وبضاعة كيري الكاسدة

 عمان اليوم -

عن «الهبّة» ونتنياهو وبضاعة كيري الكاسدة

عريب الرنتاوي

تغيرت نبرة رئيس الوزراء الإسرائيلي عند الحديث عن “الهبّة الشعبية” الفلسطينية، فمن اتهام لحماس بالتخطيط والتنظيم، وللسلطة بالصمت والتواطؤ والتحريض على “الإرهاب المنظم”،  إلى حديث عن “إرهاب فردي” سلاحه “سكاكين المطابخ”، تصعب السيطرة عليه، برغم الإجراءات البربرية والعقوبات الجماعية التي أقرها مجلس الوزاري المصغر، وتحديداً ضد مدينة الخليل وأهلها، والتي بلغت ذروة عنصريتها، بدعوته الإسرائيليين إلى اخذ زمام أمنهم بأيديهم، استكمالاً لدعوات سابقة لهم، بحمل السلاح والتصرف عند الضرورة.

هو اعتراف رسمي غير مسبوق، بأن هذه “الهبّة” وقودها جيل من الشبان، جيل ما بعد أوسلو، خارج عن سيطرة السلطة وفتح وحماس والفصائل، بعد أن توصل إلى “وعي جمعي” بأن بقاء الحال من المُحال، وأن لهذا الجيل مطالب تتعدى “الأكل والشرب واللهو”، إلى الحقوق والكرامة والحرية والاستقلال... جيل لن ينتظر وصول الموفدين، ولا المؤتمرات الصحفية المشتركة الممجوجة، فقرر أخذ زمام قضيته الوطنية بيديه.
ليس “الأقصى” وما يتعرض له من من تهديدات وانتهاكات، سوى واحد فقط من “المحركات” التي تدفع هذا الجيل لامتشاق الحجر والسكين والنزول إلى الشارع بحثاً عن أول هدف ... بل وليس الفقر والبطالة هو “الباعث” الأول على تفاقم غضب هذا الجيل، بدلالة السير الذاتية للشهداء الذين اخذوا على عاتقهم مسؤولية القيام بدور طليعي ومبادر إلى “الهبّة”، حتى الشهادة ... الإسرائيليون يعترفون، بعضهم على الأقل، بان “خنق القدس” من جهة، وانعدام أي أفق أو أمل بمستقبل وطني أفضل، هي في صدارة الدوافع والأسباب التي تحرك هذا الجيل، لا في القدس وحدها، بل في عموم المناطق الفلسطينية المحتلة.

وهي ظاهرة مقلقة للمستويين الأمني والسياسي في إسرائيل، حيث تقف حكومة نتنياهو بعد سبعة أسابيع على اندلاع “الهبة”، عاجزة عن وقفها أو احتوائها، والأرجح أن تصعيد الإجراءات العقابية الجماعية والفردية، لن يؤدي إلا إلى زيادة الغضب وتسعير المواجهة وصب المزيد من الزيت على نار الاحتجاجات المتأججة ... وهذا الوضع الآخذ في التصاعد، هو ربما، ما جاء بوزير الخارجية الأمريكية ثانية للمنطقة، في مسعى لاستعادة الهدوء والاستقرار.

كيري في جولته السابقة، أعطى إذناً من طين وأخرى من عجين لكل المطالب والنداءات الفلسطينية، كل ما همّ الرجل واهتم به، هو تدارك العلاقات الأردنية – الإسرائيلية ومنعها من الانهيار، لذلك اقتصرت التفاهمات التي توصل إليها في عمان على القضايا العالقة بين الجانبين، وظل الرئيس محمود عباس، شاهداً ومتفرجاً، على المباحثات التي تدور أساساً حول مسألة هي في صميم ولايته والمفروض أنها على رأس جدول أعماله.

لقد ظن كيري، وربما كثيرون غيره، إن بعض الإجراءات بخصوص الحرم الشريف، كفيلة باستعادة التهدئة وجلب الاستقرار، وهو أمرٌ سخرنا منه وحذرنا من مغبة الوقوع في رهانات خاطئة عليه، لكن بعد عدة أسابيع من إبرام تلك التفاهمات، ظل الوضع على ما هو عليه، بل تفاقم وازدادت حدة التوتر ... هذه المرة، يبدو أن أجندة كيري تحمل عناوين فلسطينية – إسرائيلية، لم يتطرق إليها في مهمته السابقة، فهل سينجح الرجل؟

الحقيقة أن هناك قليل من التفاؤل في قدرة الوزير كيري على اجتراح المعجزات ... الإدارة التي جاء “يتوسط” باسمها، أعلنت انسحابها من دورها في استعادة عملية السلام واستنهاض المحاولات لاستئنافها، أقله حتى نهاية ولاية أوباما ... والرجل أخفق قبل عام ونصف، في آخر وأحدث محاولاته لاستئناف مسار تفاوضي ذي مغزى، بسبب إصرار إسرائيل على “مفاوضات بلا شروط ولا مرجعيات ولا أجندات زمنية” ... والمؤكد أنه سيعمل بعقلية “احتواء الأزمة وإدارتها”، وليس بعقلية البحث عن حلول جذرية ونهائية لها ... وهذا الأمر بحد ذاته، هو وصفة مسبقة للفشل والإخفاق، في ظل انهيار جدران الثقة بين الجانبين، واكتواء الفلسطينيين المتكرر بنار التسويات المؤقتة وأنصاف الحلول وأربع المعالجات.

ثم إذ كانت للإسرائيليين مصلحة في استعادة الهدوء، بما يوفر لحكومة الاستيطان فسحة زمن إضافية لاستئناف التوسع الاستيطاني من دون أية كلف من أي نوع ... وإذا كانت للأردن أولويات مباشرة تتصل بإطفاء الحرائق ومصادر التهديد المحيطة به من جهاته الثلاث الأخرى، فليس معنى ذلك أن للفلسطينيين المصلحة ذاتها، وشعار استعادة الهدوء والاستقرار وإطفاء الهبة الشعبية، لن يجد من يشتريه من الفلسطينيين، بمن فيهم قطاعات وشرائح واسعة من السلطة وفتح.

للفلسطينييين مصلحة في استمرار الهبة وتطورها إلى انتفاضة شعبية...وصغيرهم قبل كبيرهم، يدرك تمام الإدراك، أن هذا هو الطريق لاستعادة الاهتمام الدولي بقضيته بعد سنوات من الترك والنسيان، ويعرف تمام المعرفة، أن نتنياهو وحكومته، لن يصغيا إلى مطالب الفلسطينيين من دون أن تهتز الأرض من تحت أقدامهما، لا بل أن كثيرا من الخبراء والسياسيين الإسرائيليين، يعترفون سراً وعلانية، بأن نتنياهو لن يتزحزح خطوة للأمام ما لم يشعر أن ظهره إلى جدار ، فهو لم يقبل بتطبيق اتفاق الخليل إلا بعد “هبّة النفق” في العام 1996، وهو لم يُبد استعداداً للتفاوض مع حماس، وإن بصورة غير مباشرة، إلا بعد الحرب الثالثة على غزة التي وضعت إسرائيل بمجملها، ولأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي تحت مرمى النيران الفلسطينية.

إن كان عنوان مهمة كيري “استعادة الهدوء” فمن الأفضل ألا يكلف نفسه عناء السفر ووعثائه ... إما إذا كان لديه ما يقوله، فالأفضل له ولنا وللمنطقة عموماً، أن يبدأ من بند وقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى والأسيرات، ورفع القيود والعقوبات الجماعية، وتمكين الفلسطينيين من العيش على وطن أبائهم وأجادهم، بحرية وكرامة واستقلال، شأنهم في ذلك شأن سائر خلق الله. -

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «الهبّة» ونتنياهو وبضاعة كيري الكاسدة عن «الهبّة» ونتنياهو وبضاعة كيري الكاسدة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab