في الجدل حول «الإعدامات»

في الجدل حول «الإعدامات»

في الجدل حول «الإعدامات»

 عمان اليوم -

في الجدل حول «الإعدامات»

عريب الرنتاوي

نعود فجأة، وبعد انقطاع طويل، لتنفيذ أحكام الإعدام ، ما أثار عدد  من التساؤلات والنقاشات المحيطة بهذه المسألة، حيث ذهبت الآراء والمواقف في شتى الاتجاهات، وانقسمت بين مؤيد ومعارض كما هي العادة في مثل هذه الحالات.
الحكومة استندت في تقريرها للإعدامات، إلى “الحاجة لفرض سيادة القانون واستعادة هيبة الدولة ومحاربة الجريمة التي شهدت ارتفاعاً ملحوظاً”، مؤيدو القرار توسعوا في “سرد “المبررات” واستحضروا “أحكام الشريعة”، وآخرون عادوا إلى نتائج استطلاع للرأي العام الأردني يؤكد تأييد سبعين بالمائة من الأردنيين للإبقاء على هذه العقوبة وتفعيلها، فيما رأى آخرون، أنها الوسيلة للحد من ردود الفعل الانتقامية لذوي المجني عليهم، ووقف عمليات الترحيل القسري (الجلوة) لعائلات وذوي الجناة، عملاً بالقانون “الموازي” أو “العدالة غير الرسمية”، وفي تعبير آخر “القانون العشائري”.
أما معارضو الخطوة، فحشدوا بدورهم كافة الحجج والمبررات، من المواثيق والتوجهات الدولية، إلى النظريات التي لا تقيم رابطاً بين تنفيذ العقوبة وانخفاض معدلات الجرائم، إلى “البعد الإنساني” للمسألة، ،  وأن الإنسان، أياً كانت درجة تورطه في الجريمة، يستحق على الدوام، فرصة ثانية.
المؤسف أننا حين استيقظنا على الحاجة لتنفيذ أحكام الإعدام، ونفذناها ، ومن دون تهيئة أو تمهيد سابقين، كنا نتصرف بنظام “الفزعة” كعادتنا، وبطريقة “موسمية” في الغالب، لا تعرف الديمومة والمأسسة والاستمرار ... فالتراخي في إنفاذ مبدأ سيادة القانون، بدءاً من مخالفات السير، إلى الاعتداء على الممتلكات العامة مروراً بالجريمة بمختلف أشكالها ودرجاتها، هو الذي قاد إلى حالة الانفلات الأمني، وأضعف هيبة الدولة، وشجع على التطاول على الممتلكات العامة، وساهم في رفع نسب الجريمة.
وعندما استيقظنا على “هول” ما نواجه من مظاهر “عنف مجتمعي وجامعي” وتفشي مظاهر الاعتداءات وارتفاع منسوب الجريمة، وجدنا أنفسنا أمام خيار أخير، أو “أبغض الحلال”، وجدنا أنفسنا مضطرين لتدارك ما يمكن تداركه، حتى وإن أفضى ذلك، إلى المقامرة بإثارة عاصفة من التساؤلات والانتقادات المحلية، مع أننا كنا في غنى عن ذلك كله، فما لدينا من قوانين وعقوبات رادعة، كانت كافية لو أنها وجدت من يسهر على إنفاذ القانون، بعدالة بين الناس، ومن دون وساطة ومحابة و”تبويس لحى”، ولما كنا بحاجة لتجديد العمل بعقوبة الإعدام..
والحقيقة أن الكثير من الأبحاث والدراسات الجادة، تقلل من أثر العمل بعقوبة الإعدام، على خفض مستوى الجريمة، وخلاف ذلك، غير مثبت على الإطلاق ... الدولة، أية دولة، عندما تصوغ قوانينها وتقرها بالمراحل الدستورية المعروفة، تجعلها واجبة النفاذ على الدوام، وفي كل الأوقات، ولا تجعل منها وسيلة للترهيب، أو تلوح بها، والحكومة مكلفة بالسهر على إنفاذ هذه القوانين، وعدم السماح بفرض أي “قانون خاص” او غير رسمي، عملاً بمنطق المحاباة وتفادياً لابتزاز المتنفذين ...
أما حكاية “الجلوة” أو “التهجير القسري” لعائلات الجناة، فذاك نمط آخر على “تراخي” الدولة في إنفاذ قانونها السيّد، وأحسب أن المجتمع الأردني، مر بظروف أفضل على هذا الصعيد، لكأننا نرجع للوراء بدل أن نتقدم للأمام، والدولة بمؤسساتها المختلفة، مسؤولة عن ذلك، وهي ذاتها، بدأت بتسيير الجاهات والعطوات، بدل أن تتصرف بوحي من “سيادة القانون” وولايتها بالسهر على إنفاذه، وحفظ أمن المواطنين وردع المتجاوزين وإعطاء كل ذي حق حقه.
لسنا في الأصل مع عقوبة الإعدام والتاريخ الإنساني حافل بقصص عن أخطاء في الأحكام القضائية، وكم من بريء واجه العقوبة لتثبت براءته بعد فوات الأوان، وتكفي “مظلمة” رجل واحد فقد حياته على حبل مشنقة نظامية ظلماً، حتى تكون سبباً لمراجعة العقوبة بأسرها، وثمة أحكام كالمؤبد ومدى الحياة، أشد قسوة من الإعدام، ولا أحسب أننا بحاجة في هذا الظرف بالذات، لأمر كهذا ... وعلينا أن نستفيد من الدرس، وأن نشرع في اجتراح وتنفيذ استراتيجيات جديدة، لبسط سيادة القانون واستعادة هيبة الدولة وحفظ المؤسسات والممتلكات، والأهم، حفظ أرواح العباد وأعراضهم وممتلكاتهم، والتي تعرض لأخطار جسيمة، بسبب “التراخي” المستدام، وليس بسبب تأجيل إعدام حفنة من المجرمين.

omantoday

GMT 19:41 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

الثرثار الرائع

GMT 19:40 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

صور متخيلة لعالم وهو ينتقل من عام إلى آخر

GMT 19:39 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

أزمة السودان وخطاب الإقصاء

GMT 19:38 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

للمرة الأولى بعد «الطائف» هناك فرصة لبناء الدولة!

GMT 19:37 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

كليوباترا وسفراء دول العالم

GMT 19:36 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

«قيصر» وضحايا التعذيب في سوريا

GMT 19:34 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

طرق معبّدة نحو ألماس الدم

GMT 19:33 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

عالم جديد جداً

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الجدل حول «الإعدامات» في الجدل حول «الإعدامات»



أحدث إطلالات أروى جودة جاذبة وغنية باللمسات الأنثوية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 09:56 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

طرق فعالة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab