قفزة في المجهول أم «مجازفة محسوبة»

قفزة في المجهول أم «مجازفة محسوبة»؟!

قفزة في المجهول أم «مجازفة محسوبة»؟!

 عمان اليوم -

قفزة في المجهول أم «مجازفة محسوبة»

عريب الرنتاوي

بقبوله استضافة أكبر مؤتمر للمعارضة العراقية السنيّة على اختلاف تلاوينها الاجتماعية والسياسية، السلمية والمسلحة، يكون الأردن قد خطا خطوة “نوعية” على طريق “إعادة التموضع” حيال الأزمة العراقية ... خطوة كهذه لا شك، ستصيب العلاقات الأردنية مع مكون عراقي أساسي آخر، إصابة مباشرة، وهي العلاقات التي بالكاد تعافت من ذيول وتداعيات “الهلال الشيعي”
منذ “غزوة نينوى”، وفيما كان المالكي وأركان قائمته وحكومته، ينتظرون موقفاً أردنياً داعماً، حرص الأردن على أن ينأى بنفسه حيال الاستقطابات السياسية والمذهبية الحادة التي عصفت بالعراق ... ظل الموقف الأردني متمسكاً بالحلول السياسية والحوار الوطني وإعادة التوازن إلى النظام السياسي العراقي، بما يؤشر إلى دعم الأردن لمطالب سنّة العراق العادلة برفض الإقصاء والتهميش، وبهذا المعنى، كان الموقف الأردني متناغماً مع مواقف مروحة واسعة من دول الإقليم والعالم، على اختلاف درجة قربها أو بعدها أن هذا الفريق العراقي أو ذاك.
لكن دعم مطالب العرب السنّة سياسياً ودبلوماسياً شيء، واستضافة مؤتمر للقوى السنية الحركية، التي تعد رأس حربة المعارضة العراقية السياسية والمسلحة، ضد المالكي ونظامه، شيء آخر ... ومن حضروا إلى عمان، هم بالمختصر المفيد، ممثلون عن مختلف الأطياف المسلحة في المحافظات السنيّة، باستثناء “داعش”، وأحسب أن كثيرين منهم لا يرون في “داعش” ما نراه نحن وما يراه العالم بأسره.
وتثير هذه الاستضافة جملة من الأسئلة والتساؤلات حول أهداف الدولة المضيفة، نحن نعرف ما الذي يريده المعارضون العراقيون من أهل السنة، يريدون حاضنة عربية وإسلامية، فأربيل ليست المكان الأنسب لتجمعهم، مع أنهم يجتمعون هناك ويتحالفون مع مسعود البرزاني، لكن لعمان مذاق عربي وإسلامي مختلف، دع عنك حسابات الجوار و”الجيوبوليتكس”.
البعض عزا الأمر إلى ضغوط شديدة تعرض لها الأردن للقيام بهذه الخطوة . لكن الأردن الذي اضطر أحياناً لمسايرة بعض الضغوط، نجح في المقابل في مقاومة “أخطرها”، فالجيران كانوا يريدون لحدود الأردن مع سوريا، أن تكون نسخة بالكربون لحدود تركيا مع سوريا، وهذا ما رفضه الأردن من منظور حسابات أمنه الوطني ومصالحه العليا ابتداءً، فلماذا ننجح في مقاومة الضغوط شمالاً، ونفشل في مقاومتها شرقاً؟
ربما تكون هناك حسابات أردنية كامنة وراء هذه الخطوة، منها أن ثمة إجماع واسع يتشكل خلف المطالبة بـ “تنحي المالكي”، وربما وصلت إلى عمان تقارير تقول أن الرجل بات جزءاً من ماضي العملية السياسة في العراق، لا مستقبلها ... ولكن من قال أن المالكي وحده من بين الفريق الشيعي، هو من ستغضبه خطوة استضافة المؤتمر، ألا يمكن أن تقود هذه الخطوة إلى خلق أزمة ثقة بين الأردن والمكون الشيعي في العراق، والذي سيظل مكوناً رئيساً من مكوناته، بصرف النظر عن مصائر المالكي ودوره الشخصي في قادمات الأيام... سؤال مفتوح، يصعب التيقن من صحة أية إجابة عليه.
البعض يرى أن الأردن الذي كانت له بصمات واضحة في خلق وتنشيط ظاهرة “الصحوات العشائرية” في غرب العراق لمواجهة “الطبعة الزرقاوية من تنظيم القاعدة”، التي استهدفت الأردن في أمنه واستقراره، إنما أراد أن يعيد الكرّة ثانيةً، هذه المرة خطر “داعش” أكبر من خطر “الزرقاوي”، ومقاومة هذا التهديد تستلزم حشد قوى أكبر من “الصحوات” وأكثر فاعلية، فكان ما كان من اتصالات ومشاورات، انتهت إلى جمع بعثيين وشيوخ عشائر ورجال دين وجماعات مسلحة من المحافظات “المتمردة” والهدف هو البناء على علاقات بعضها التاريخية مع الأردن من جهة، واللعب بورقة “المصالح المشتركة” من جهة ثانية، فإذا كان الأردن يريد لحدوده الشرقية الأمن والاستقرار، فهذه المكونات السنية، لها مصلحة استراتيجية بحفظ أمن “رئتها” و”شريانها” الأردنيين، وهذا بحد بذاته، سيكون سداً قوياً لمواجهة تهديد “داعش
ومن يتفحص وجوه المشاركين في المؤتمر، يلحظ أن الأردن بات على قناعة، بأن تبدلات عميقة في أحجام وطبيعة وتوازنات القوى داخل المكوّن السنّي في العراق، فالذين وصلوا إلى البرلمان في الانتخابات الأخيرة، ليسوا سوى فاعلين في هذا الوسط، لكنهم ممثلون حصريون له، بل ويمكن القول أن القوى السنيّة الفاعلة على الأرض، ليست هي القوى الفاعلة في البرلمان، وربما لهذا السبب بالذات، وسعت الدبلوماسية الأردنية، دائرة تحركاتها واتصالاتها.
هناك من يعتقد أن قرار استضافة المؤتمر قد قطع الطريق نهائياً على أحد أكبر المشاريع الاستراتيجية التي عوّل الأردن عليها لحل مشكلتي الطاقة وعجز الخزينة، وهو أنبوب النفط العراقي، بيد أن التفكير ملياً في هذا الأمر، يفضي إلى استنتاج أقل تشاؤماً، مفاده أنه ليس المهم أن تقرر بغداد تصدير نفطها للأسواق العالمية عن طريق الأردن، المهم أن تقرر المحافظات السنيّة كذلك، استضافة الأنبوب وحمايته، فهو سيقطعها في جزئه الأكبر ... ثم أن الأنبوب لا يجلب نفعاً للأردن فحسب، بل ربما تكون لبغداد مصلحة أكبر فيه، سيما في ضوء الالتباس العميق الذي يميز علاقاتها مع أربيل .... ما يعني أن المجازفة في هذا المجال، قد تكون محسوبة كذلك، وليست قفزة في الفراغ، كما قد يظهر من صور المؤتمر وتصريحات الناطقين باسم القوى المشاركة فيه.

 

omantoday

GMT 13:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

دعم السوريين في بناء ديمقراطيتهم أمر واجب

GMT 13:36 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الخوف صار هذه الناحية

GMT 13:34 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل يستمر الصراع على سوريا؟

GMT 13:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

البيضة والدجاجة في السوشيال ميديا

GMT 13:31 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هل «حرَّر» الشرع إيران من الإنفاق على المنطقة؟

GMT 13:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صناعة الاسم والنجم في دمشق

GMT 13:29 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

التغيير وعواقبه

GMT 13:27 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قفزة في المجهول أم «مجازفة محسوبة» قفزة في المجهول أم «مجازفة محسوبة»



بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab