مرة أخرى عن «طوفان الأسئلة والتساؤلات»

مرة أخرى عن «طوفان الأسئلة والتساؤلات»

مرة أخرى عن «طوفان الأسئلة والتساؤلات»

 عمان اليوم -

مرة أخرى عن «طوفان الأسئلة والتساؤلات»

عريب الرنتاوي

قبل أسبوع من الآن، وفي مقالة في هذه الزاوية بالذات، نُشرت تحت عنوان «طوفان الأسئلة والتساؤلات»، حذرنا من مغبة غياب «الرواية الرسمية» لما يعتقد أنه «تحولات» في السياسة الأردنية حيال كل من جنوب سوريا وغرب العراق، وقلنا إن «فراغ الرواية الرسمية» سيملأه طوفان الشائعات والتكهنات والتأويلات ... الأسبوع الماضي شهد انفجار الروايات التي ذهبت في كل اتجاه، وهذا أمر طبيعي، فالمجتمع مثل الطبيعة: يكره الفراغ.

نعود اليوم لمناقشة الموضوع، بعد أن تطايرت التقديرات والتكهنات في كل حدب وصوب، وبلغت السيناريوهات حد الحديث عن «أردن مترامي الأطراف»، يقتطع أنبار العراق وحوران سوريا وضفة فلسطين الغربية ... فهل هذا السيناريو واقعي؟ ... هل ثمة من بيننا من يؤمن بفكرة من هذا النوع؟ ... هل ثمة في مؤسسات ودوائر صنع القرار، من بلغت به أحلام اليقظة حد تخيّل مثل هذا السيناريو، أو مجرد التفكير بالعمل عليه؟

ثم، هل يظنن أحد، أن شعوب هذه المناطق ومواطنيها، قد سلّموا بـ «لا عراقيتهم» و»لاسوريتهم» و»لا فلسطينيتهم»، حتى يتوافدون زرافات ووحدانا للاستظلال برايات «الأردن الكبير» الذي سيتضاعف مساحةً وسكاناً في غضون أشهر أو سنوات قلائل، وربما بأكثر من مرة؟ ... ثم ماذا عن بقية «سنة العراق من خارج الأنبار» و»سنة سوريا من خارج حوران» و»الفلسطينيين من خارج الضفة الغربية، وتحديداً من قطاع غزة»؟ ... هل من حدود وضوابط لنظرية «التوسع الأردني» وفقاً لنظرية «تكبير المملكة»؟

والأهم من كل ما سبق، ماذا عن موقف الأردنيين من مشاريع كهذه، سواء من أصول فلسطينية وخاصة من الأصول الأردنية؟ ...ماذا عن أسئلة الهوية الوطنية وإدماج ما يقرب من ثلاثة ملايين ونصف المليون «غير أردني مقيم على الأرض الأردنية» من أبناء «الولايات الجديدة» المنوي ضمها وإلحاقها بالأردن؟ ... هل يقبل الأردنيون بأن يكونوا أقلية ضئيلة في بلادهم؟

ثم، ما التداعيات التي ستترتب على مثل هذه الأفكار والمشاريع، على أمن الأردن واستقراره ونسيجه الاجتماعي وسلمه؟ ... فإذا كنا بعد 67 عاماً من النكبة، نواجه مشكلة الهوية وأسئلتها، ونتحسب لمباراة بين فريقي الوحدات والفيصلي، فكيف سيكون حالنا مع «فريق الرمادي» و»منتخب درعا أو السويداء»؟ .

.. أسئلة وتساؤلات تبدو هزلية، لكن من قال إن السيناريوهات التي تتطاير بكثرة هذه الأيام، شديدة الجدية والصرامة؟

الغريب في الأمر، أن كل هذا السجال حول «توسيع الأردن وتكبيره»، إنما ينطلق من «شاهدين اثنين»، الأول والأهم، هو استحضار الراية الهاشمية وتسليمها للقوات المسلحة لترفعها إلى جانب راياتها ... والثاني، هو حديث رئيس الأركان عن الانتقال من «الدفاع» إلى «الردع» في التعامل مع التحديات الأمنية التي تجابه الأردن ... وفي ظني أنه لا هذه الواقعة ولا ذاك القول، يكفيان للذهاب في «الخيال» إلى الحدود التي وصلت إليها عند بعض المحللين والسياسيين.

لكن بفرض أن «أحداً ما» في الأردن أو في المناطق «المُستهدفة» يفكر بموضوع كهذا، فإن عليه أن يتذكر بأن سيناريو كهذا سيؤسس لبداية مرحلة من الاضطراب وعدم الاستقرار التي قد تطيح بهذه الأطراف جميعها، فنصبح كالمنبت الذي لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى ... وسيجد الأردن، الذي نجح في تفادي «الفوضى غير الخلاقة»، نفسه طرفاً مستهدفاً في نزاعات البلدان الثلاثة وصراعاتها الدامية، وسينقسم الأردنيون على أنفسهم وسيتوزعون على خريطة الانقسامات التي عصفت وتعصف بـ «المناطق المضافة» لكيانه، ما يعني أننا سنكون قد ولجنا نفقاً مظلماً بأقدامنا، طواعيةً وبملء إرادتنا.

أحسب أن عملية صناعة القرار في الأردن، أكثر نضجاً وتعقيداً من أن تنزلق وراء أحلام يقظة من النوع الذي أشرنا إليه ... وأحسب أن الأردن ما زال من الناحية الجوهرية في إطار استراتيجيته التي اعتمدها منذ اندلاع الأزمات غرباً وشرقاً وشمالاً ... وأن التعديل الذي طرأ لا يتخطى هذه الاستراتيجية، وإنما يعمل على تكييفها وفقاً لمستجدات الحال على الجبهات وخطوط القتال ... فأنت لا تستطيع أن تقف ساكناً فيما داعش على حدودك الشرقية، والدولة عاجزة عن بسط نفوذها، أو تقديم نموذج جاذب لأهل تلك المحافظات المنوط بها اجتثاث الإرهاب واستئصال «دولة الخلافة» .... وأنت لا تستطيع أن تجلس على مقاعد المتفرجين، فيما جنوب سوريا يعاني فراغ الدولة ويتحول إلى محط رهانات قوى لا يمكن أن تأمن جانبها، من النصرة إلى داعش، وما بينهما من بقية أطياف اللون الجهادي السلفي؟

في ظني أننا أمام الاستراتيجية ذاتها، وإن بديناميات مختلفة تتعامل بكفاءة أعلى مع المستجدات والتطورات الميدانية على الأرض ... ولا أحسب أن الذهاب بعيداً في سيناريو التوسع، يعكس واقع الحال، لكنها قراءة من قراءات، ستظل تتناسل وتتناسخ إلى أن «يتعطف» مسؤول رفيع المستوى على الأردنيين، بشرح وتوضيح الرواية الرسمية.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرة أخرى عن «طوفان الأسئلة والتساؤلات» مرة أخرى عن «طوفان الأسئلة والتساؤلات»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab