مسيحيو غزة والموصل

مسيحيو غزة والموصل

مسيحيو غزة والموصل

 عمان اليوم -

مسيحيو غزة والموصل

عريب الرنتاوي

في حمأة المذابح والمجازر في قطاع غزة، لم ينتبه كثيرون لموقف الكنيسة “الغزّية” مما يجري في القطاع المحاصر و”المجوّع” ... الكنيسة فتحت أبوابها لمئات اللاجئين الفلسطينيين، ودعت أئمة بعض المساجد المدمرة بالقصف الإسرائيلي إلى رفع الأذان من الكنيسة ... موقف وطني نبيل يصدر عن مسيحيي فلسطين، وهو أبداً ليس غريباً عنهم، فلقد ظلوا على الدوام في صدارة الحركة الوطنية والاستقلالية الفلسطينية منذ فجر الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي وحتى يومنا هذا.
يذكرنا هذا الموقف المشرّف بما يتعرض له مسيحيو سوريا والعراق من قتل وتهجير على أيدي “مجاهدي داعش” وأخواتها ... يُخيَّرون بين التخلي عن دينهم أو ترك أوطانهم أو دفع الجزية عن يدٍ وهم صاغرون ... كنائسهم تحرّق وبيوتهم تدمر، ومطارنتهم يختطفون ويقتلون، أما عامتهم، فيسامون سوء العذاب والتحقير والتمييز.
الموصول، حاضنة المسيحية العراقية منذ القرن الأول للميلاد، تُفرّغ من مسيحيّها، وقبلها كانت الرقة حقلاً لأبشع الابتلاءات التي تعرض لها مسيحيو سوريا، ومن بعدها معلولا وكسب وغيرها ... ومع ذلك، لم نسمع أصواتاً قوية من الحركات الإسلامية أو رجال الدين الإسلاميين أو دور الإفتاء، وإن صدرت مثل هذه الأصوات، فغالباً ما تكن خافتة وعلى استحياء ومن دون تسمية الأشياء بأسمائها.
ويزيد الطين، أن مسيحيين مقتدرين (متمكنين) لا نراهم يبادرون إلى تحمل أعباء مسؤولية الدفاع عن أهلهم وأشقائهم في سوريا والعراق ... لم نر أقباط مصر يتحركون، وهم أصحاب “ماكينة ضخمة”، إن تحركت، تحرك معها “لوبي” كبير في الولايات المتحدة وأوروبا، ولم نر مسيحيي لبنان يتحركون بقوة برغم قدرتهم على فعل الكثير في هذا المضمار، ودائماً هناك أسباب سياسية تحول ربما إطلاق أوسع حملات التضامن والحماية للمسيحيين العرب والمشرقيين في سوريا والعراق.
ثمة تيار مسيحيي في لبنان، دأب لأسباب سياسية على إنكار حجم التهديد التي يتعرض له مسيحيو سوريا والعراق، لأن هذا التيار وضع نفسها في صفوف محور عربي بعينه، يبدأ بتحالف 14 آذار اللبناني ولا ينتهي بمعسكر الاعتدال العربي ... هذا التيار وضع نصب عينيه محاربة إيران وحلفائها بوصفها ووصفهم، العدو الأول والأخطر، أي حديث عن مصائر صعبة تواجه المسيحيين في ظل معارضات مختطفة من السلفية الجهادية بأسمائها المختلفة، كان يعني إضعاف هذا المحور، وإعطاء قدر من الصدقية للمحور الآخر: إذن، ليذهب المسيحيون إلى الجحيم؟!
أما أقباط مصر، فلم نعرف لهم تاريخياً، وربما القصور من عندنا، أنهم كانوا شديدو التفاعل مع مشكلات أشقائهم في دول المشرق وبلدان الانتشار المسيحي العربية ... سمة الانعزال عن قضايا الإقليم، طبعت مواقف الكنيسة القبطية، مع أن مسيحيي العراق بعضهم أقباط، وهي السمة التي تتفاقم إلى نوع من “الانعزالية” الداخلية، لكأن أقباط مصر لا يتحركون إلا عندما تلسع ألسنة النار كنائسهم وبيوت عبادتهم.
الحركة الإسلامية العربية، الأوسع انتشارا والأكثر تنظيماً، اكتفت بعض فروعها الإخوانية بإصدار بيانات خجولة دانت فيها ما يتعرض له مسيحيو الموصل، بيد أنها لم تأت على ذكر معاناة مماثلة لمسيحيي الرقة وكسب ومعلولا، طالما أن رأس الأسد هو المطلوب، والأهم من كل هذا وذاك، لم تذهب البيانات حد “التأصيل” لموقف بديل من حقوق المسيحيين و”مواطنتهم”، فجاءتإنشائية، ومن باب رفع العتب، لا أكثر ولا أقل.
أما السؤال عن دور “المؤسسات الدينية الرسمية” فيظل مشروعاً ... ومن حقنا أن نسأل عن دور دائر الإفتاء وعلماء الدين والأوقاف والأئمة من هذه الأفعال المشينة، ولماذا لا يتصدى “أهل الحل والعقد” إلى هذه الممارسات الشاذة والفتاوى الغريبة، لماذا لم يقل لنا أحدٌ شيئاً عن جواز فرض الجزية في “دولة المواطنة المدنية الديمقراطية”، ونحن في مفتتح القرن الحادي والعشرين... لماذا لم ينبر العلماء لتجديد الخطاب الديني في هذه الميادين والمجالات.
ما يجري في الموصل وسهل نينوى، جريمة كبرى، تجري بصمت متواطئ من قبل أطراف عديدة، وفي ظل عجز وتقصير شمل المسجد والكنيسة، رجال الدين المسلمين والمسيحيين، ورجال السياسة والدولة والأحزاب، وبعد ذلك يسألونك عن أسباب هجرة المسيحيين، وفراغ المنطقة من بقاياهم، وهم المكون المؤسس والتاريخي لدولنا ومجتمعاتنا.

omantoday

GMT 06:54 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

تحليل التحليل «السياسي»

GMT 06:53 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الجميع يخطب ود الأميركيين!

GMT 06:52 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التغيير الدرامي لمسلمي وعرب أميركا تجاه ترمب

GMT 06:51 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 06:50 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

التحالف العالمي لحل الدولتين لإقامة «الفلسطينية»

GMT 06:49 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

عصافير عدّة بحجر واحد

GMT 06:48 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شوية كرامة بَسْ

GMT 06:47 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الجديد في علاج أمراض القلب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسيحيو غزة والموصل مسيحيو غزة والموصل



هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 07:43 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك
 عمان اليوم - البدلة النسائية الخيار الأمثل لإبراز شخصيتك وأناقتك

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab