مكانة إسـرائيل في السجالات العربية حول الانتخابات التركية

مكانة إسـرائيل في السجالات العربية حول الانتخابات التركية

مكانة إسـرائيل في السجالات العربية حول الانتخابات التركية

 عمان اليوم -

مكانة إسـرائيل في السجالات العربية حول الانتخابات التركية

عريب الرنتاوي

لغة «الأبيض والأسود» هيمنت على القراءات والتعليقات التي أعقبت الفوز المدوي لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية الأخيرة ... مؤيدو أردوغان والمعجبين بإنجازات حزبه، اعتبروا فوزه الانتخابي، فوزاً مؤزراً لهم، وخصومه تدثروا بالسواد حداداً على المأساة ... لغة التشفي هيمنت على خطاب فريق، و»حالة الإنكار» ميزت خطاب فريق آخر. وكالعادة في مثل هذه السجالات العقيمة، يجري الزج بإسرائيل للبرهنة على صحة مواقف هذا الطرف أو ذاك، ويجري البحث في ركام التصريحات والتعليقات الصحفية العبرية، عن كل ما يمكن أن يخدم وجهة نظر صاحبها، فتصبح إسرائيل راغبة أو رغم أنفها، طرفاً في سجالاتنا، و»برهاناً» ساطعاً على صحة مواقفنا ودليلاً زيف مواقف الطرف الآخر... والغريب أن كلا الفريقين، المؤيد لأردوغان والمعارض له، تورطا في اللعبة ذاتها. مقال لكاتب إسلامي (إخواني) في صحيفة إسلامية (إخوانية) لم يترك شاردة ولا واردة في صحف تل أبيب العبرية إلا و»حشدها» في مقالته الصغيرة، للبرهنة على أن الإعلان عن الفوز غير المسبوق للحزب التركي ذي المرجعية الإسلامية، كان بمثابة يوم أسود في تاريخ إسرائيل .,.. لم يتطرق الكاتب، وما كان متوقعاً منه أن يتطرق، لكل ما قيل وكتب ونشر في الصحف ذاتها، من وجهات نظر وتحليلات وقراءات، تذهب في الاتجاه الآخر، وتتحدث عن «الفرصة» التي وفرتها الانتخابات لاستئناف العلاقات التركية – الإسرائيلية وتطويرها ... والمؤكد أنه لن يفعل ذلك، فهمه الأول والأخير، البرهنة على «صحة» وجهة نظره، حتى وإن أفضى ذلك إلى تقديم قراءة شوهاء، أحادية الجانب ومزورة للموقف الإسرائيلي من تركيا وانتخاباتها ورئيسها وحزبها الحاكم. في المقابل، فعل خصوم السيد أردوغان من الكتاب والسياسيين العرب، الشيء ذاتها ... فحشدوا كل ما وقع تحت أياديهم من أرقام وإحصاءات وأقوال، للبرهنة على مقولتهم التي تدعي: أن إسرائيل والإخوان المسلمين، وحدهما اللذان أقاما الأفراح والليالي الملاح، احتفالاً بفوز أردوغان وحزبه في الانتخابات ... من وجهة نظر هؤلاء، إسرائيل تنتظر بشوق بالغ، استئناف العلاقات مع أنقرة، ولم لا تفعل ذلك، طالما أن حجم تجارتها الخارجية مع تركيا قد ارتفع إلى خمسة مليارات دولار سنوياً، بعد أزمة «أسطول مرمرة»، وأن أعداد السائحين الإسرائيليين إلى تركيا قد جاوزت المائتي ألف سائح، وأن وزير خارجية تركيا هو ذاته سفيرها السابق إلى إسرائيل، وأن «عزلة» العدالة والتنمية» ستدفعه لتطبيع علاقاته مع إسرائيل، ويستدلون على ذلك بالإشارة إلى أن زعيم الحزب ومؤسسه، رئيس تركيا الحالي، لم يأت على ذكر إسرائيل في حملات حزبه الانتخابية ولم يمسها بكلمة سوء واحدة، بخلاف الحملات الانتخابية السابقة. متلقي هذه القراءات الانتقائية للموقف الإسرائيل، يحار في فهم حقيقة الموقف وسبر كنهه وأغواره ... ويخرج منها أكثر حيرة مما كان عليه حاله قبل الإبحار بين كلماتها وسطورها ... يخرج المتلقي لهذه التحليلات من دون إجابة على سؤاله الرئيس: هل تزيّنت إسرائيل فرحاً وابتهاجاً بنصر أردوغان – أوغلو، أم لبست السواد حداداً وجزعاً؟ والحقيقة أن «واقع الحال» لا يدعم وجهة نظر أي من الفريقين، ولا يخدم أياً من القراءتين ... إسرائيل في قرارة موقفها، ليست سعيدة أبداً بتجرية العدالة والتنمية، ولا بالانفتاح التركي على القضية الفلسطينية، ولا بعلاقات أنقرة مع حماس (والسلطة كذلك)، وهي علاقات طيبة على أية حال ... وإسرائيل غير سعيدة بالأداء التركي في المحافل الدولية، ولا بالتصريحات والمواقف الانتقادية الموجهة إليها من قصر أردوغان الأبيض أو وزارة خارجيته. لكن ذلك لا يعني أن العلاقات ما بين البلدين، قد بلغت حد القطع والقطيعة ... كل الأرقام سابقة الذكر عن التجارة البينية والسياحة بين البلدين، صحيحة مائة بالمائة، وهذا ما لا يريد أنصار أردوغان الاعتراف به، فهم منخرطون في حملات ضد استيراد «المانجا» و»الفجل» من إسرائيل إلى الأردن على سبيل المثال، ويلتزمون صمت القبور عندما يتعلق الأمر بميزان التبادل التجاري التركي الإسرائيلي، وانتعاش ميناء حيفا على أكتاف الصادرات التركية وتجارة الترانزيت التركية. لكن الذين يوردون هذه الأرقام في المقابل للدلالة على «شيء في نفس يعقوب»، يسعون للبرهنة على أن كل ما تقوله تركيا أو تقوم به، ليس سوى مناورات وخزعبلات، لا أكثر ولا أقل، هدفها الحصول على «شعبية رخيصة» وغير مكلفة، فيما العلاقات بين البلدين تمر بشهر عسل طويل وغير متقطع ... وهذه من وجهة نظرنا، محاولة للي عنق الحقائق، وإغراق في التفسير التآمري للتاريخ. تركيا وإسرائيل ليستا على وئام، وثمة خلافات واضحة بين البلدين، ومن بين قضايا الخلاف بينهما، الموقف من القضية الفلسطينية، لكن ذلك لا يجعل من تركيا «دولة مقاومة وممانعة»، فأنقرة في عزّ صعود العدالة والتنمية، رعت واستضافت مفاوضات سورية - إسرائيلية سرية وغير مباشرة، وفضلت دور «الوسيط» على دور «الطرف» في الصراع العربي - الإسرائيلي، وتركيا مستعدة لاستئناف هذا الدور مع سوريا أو غيرها، وهي لم تكن بعيدة عن مشروع «التهدئة المستدامة» أو طويلة الأمد بين حماس وإسرائيل، الذي تولت قطر دور «القابلة القانونية» لإخراجه إلى الحياة ... تركيا ليست متماهية مع إسرائيل ولا هي حليف استراتيجي لها كما كان عليه الحال من قبل، ولكنها في المقابل، ليست دولة معادية لإسرائيل، وتربطها بها شبكة مصالح وعلاقات، وكلتاهما تتلقيان الدعم من «شبكة أمان» واحدة، هي الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ... ومن لا ينظر للمسألة بكلتا عينيه، يكون قد شهد على نصف الحقيقة، أو نام على «حرير أوهامه». 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مكانة إسـرائيل في السجالات العربية حول الانتخابات التركية مكانة إسـرائيل في السجالات العربية حول الانتخابات التركية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab