هل تجاوزت الحكومة سياسة «النأي بالنفس» عن أزمة «الإخوان»

هل تجاوزت الحكومة سياسة «النأي بالنفس» عن أزمة «الإخوان»؟

هل تجاوزت الحكومة سياسة «النأي بالنفس» عن أزمة «الإخوان»؟

 عمان اليوم -

هل تجاوزت الحكومة سياسة «النأي بالنفس» عن أزمة «الإخوان»

عريب الرنتاوي

رسمياً، نأت الحكومة بنفسها عن الأزمة الداخلية التي عصفت بجماعة الإخوان المسلمين ... عملياً، لا تخفي الحكومة انحيازها الظاهر لفريق “الجمعية” على حساب فريق “الجماعة” ... أما المأمول فهو أن تُتبع الحكومة القول بالفعل، وأن تقف على مسافة واحدة من الأطراف المختصمة، والأهم ألا تجعل من أدوات السيطرة الحكومية من إدارية وأمنية وقانونية، وسيلة لترجيح كفة فريق على حساب آخر.
نقول ذلك، ونحن نرى إرهاصات تصعيد محتمل بين الحكومة والجماعة على خلفية مهرجان الذكري السبعين المنوي تنظيمه الجمعة القادمة ... ما صدر من مؤشرات حكومية حتى الآن، يتعارض مع سياسة “النأي بالنفس”، ومع التطمينات والتأكيدات التي عرضها رئيس الحكومة على وفد الجماعة الذي التقاه قبل حين ... ما صدر ويصدر من مؤشرات، يشي بقرب دخول العلاقة بين الحكومة والجماعة، بل وبين الحكم والجماعة، مرحلة تنازع جديدة، نحن في غنى عنها وعن عواقبها، لا سيما في هذا التوقيت الرديء بالذات.
“الجماعة” تريده مهرجان “رد اعتبار” و”عرض قوة” و”استعراض عضلات” بعد أن أصاب صورتها ومكانتها ما أصابهما من تشويه وتشويش خلال الأشهر الفائتة، ونظن أنها تسعى لجعله مهرجاناً حاشداً بكل ما في الكلمة من المعنى... وهذا حقها على أية حال، وهو من أولى أبجديات العمل السياسي ... في المقابل، كان يتعين على “الجمعية” التي تنازع “الجماعة” الشرعية والأحقية، أن تعمل على تنظيم مهرجان مماثل( متزامن، سابق أو لاحق)، وأن تثبت من خلال ألوف المشاركين، أنها فعلاً لا قولاً، الممثل الشرعي الوحيد للحركة السياسية الأقدم والأكبر في البلاد ... يبدو أن “الجمعية” ليست واثقة تماماً من قدرتها على التحشيد ... ويبدو أن الهدف الكامن وراء رفض الترخيص للاحتفالية (لم ترفض رسمياً حتى الآن)، إنما يستهدف التغطية على حقيقة أن “الجماعة” ما زالت وحدها القادرة على حشد جمهور الحركة الإسلامية وكوادرها وأعضائها، وبأعداد غفيرة ... أقله هكذا قرأنا الرسالة كمراقبين من خارج الحركة.
مع اندلاع الأزمة الداخلية للجماعة قبل سنوات، منذ “زمزم” وحتى “الجمعية” قلنا ونقول: (1) أن ليس من مصلحة الأردن، أمنا واستقراراً، تشجيع الانقسامات والانشقاقات داخل الحركة الإسلامية، فأي عاقل يمكنه أن يقترح ترك الجسم الرئيس للحركة لمن يوصفون بتيارات الصقور والتشدد و”القطبية” وغيرها مما يردده الإعلام من توصيفات... مصلحة الأمن والاستقرار على المدى الأبعد، تستوجب إبقاء من يوصفون برموز الاعتدال والإصلاح في صفوف الحركة، وليس إضعافهم بإخراجهم منها ... (2) مصلحة تحصين الوحدة الوطنية الأردنية تقتضي عدم العبث بوحدة الجماعة، بوصفها وعاءً كبيراً من أوعية هذه الوحدة، وكل من يسقط البعد “المنابتي” في انقسامات الجماعة وانشقاقاتها المتتالية (بل وحتى عمليات النزف الفردي التي تعرضت لها في السنوات الأخيرة)، إما واهم أو مجامل أو ساع في حجب شمس الحقيقة بغربال... (3) أما الجماعة فعليها أن تدرك أنه يتعين عليها ألا تبحث كثيراً وطويلاً في “الأسباب والأيادي الخارجية” التي أدت إلى اندلاع أزمتها وتفاقهما ... فالعامل الخارجي لا يمكن أن ينجح في تحقيق مآربه إن لم تتوفر له “بيئة داخلية” مواتية، والأسباب الأعمق في أزمة الإخوان داخلية بامتياز، بعضها يعود للخطاب وبعضها الآخر متعلق بالممارسة.
مثل جميع التيارات والجماعات الإسلامية وغيرها، ضرب زلزال “الربيع العربي” جماعة الإخوان في الأردن ... لم تجر عمليات تكيف وتكييف للخطاب السياسي والفكري ... لم تُجرَ المراجعات المطلوبة والضرورية للخطاب والممارسة ... لم تُجرَ أية معالجات جديدة لحل بعض “الثنائيات” الضاغطة على عقل الجماعة الذي آثر الإمعان في”حالة الإنكار”: “ثنائية الوطني والأممي”، “ثنائية السياسي والدعوي”، “ثنائية الحزب والجماعة”، دع عنك ثنائيات أعم وأشمل من نمط: “الدين والدولة” “الإسلام والعلمانية” “السلفية والحداثة” وغير ذلك كثير.
كنّا نتوقع من “شيوخ الحركة الإسلامية” قدراً أعلى من “الترفع” عن صغائر الصراعات الحزبية وحروب المراكز والمواقع والنفوذ ... كنّا نتوقع ممن قضوا عشرات السنين في صفوف الحركة أن يظلوا على عهد “العيش المشترك والتساكن”، أو أقله “التفارق بإحسان”، لكن يبدو أن حروب الضواري، سمحت للأطراف بالدخول في صراعات “كسر عظم” و”استقواء بالخارج على الداخل”، وحملات “شيطنة” و”اغتيال شخصية”، وغير ذلك مما ستكون له أفدح العواقب على راهن الحركة بجناحيها، ومستقبلها.
نعود للعلاقة بين الحكومة والحكم والجماعة، فنشدد على أهمية استئناف مسار الاحتواء الذي تميّز به الأردن وأصبح “علامة مسجّلة” باسمه، على مسالك الاقصاء والتهميش المجربة في غير دولة ومجتمع مجاورين ولم يترتب عليها سوى أوخم العواقب ... نشدد على وجوب أن تقف الحكومة على الحياد أو على مسافة واحدة من فريقي الانقسام، حتى وإن كانت في سريرتها، ترقص طرباً لأخبار الانشقاقات والانقسامات، ينبغي ضبط المشاعر وتغليب المصلحة العليا والأبعد على المكاسب الآنية التي سرعان ما ستتبدد وتذهب جفاءً... علينا أن نتعلم من تجارب السنوات العشر أو العشرين الفائتة، عندما استسهل البعض منا سياسة العبث بـ “الوحدة الوطنية” للتضيق على “الإخوان”... أو عندما استمرأ تدعيم وتشجيع تيارات سلفية نكاية بهم، فكانت النتيجة: مقامرة بمصالحة عميقة وبعيدة بحثاً عن مكاسب وأغراض آنية ومؤقتة ... تلكم مقامرة لا يجوز تكرارها أو المضي فيها.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تجاوزت الحكومة سياسة «النأي بالنفس» عن أزمة «الإخوان» هل تجاوزت الحكومة سياسة «النأي بالنفس» عن أزمة «الإخوان»



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab