اعترافات ومراجعات 76 يوم وفاة المشير أحمد إسماعيل في لندن

اعترافات ومراجعات (76).. يوم وفاة المشير أحمد إسماعيل في لندن

اعترافات ومراجعات (76).. يوم وفاة المشير أحمد إسماعيل في لندن

 عمان اليوم -

اعترافات ومراجعات 76 يوم وفاة المشير أحمد إسماعيل في لندن

بقلم:مصطفى الفقي

كنت دبلوماسيًّا شابًّا أعمل فى السفارة المصرية بلندن مع مطلع سبعينيات القرن الماضى، وانتهت حرب أكتوبر بما رد لنا نحن المصريين فى الخارج الاعتبار والثقة من نتائجها التى قلبت الموازين وغيرت المشهد تمامًا، وبعد ذلك بعدة شهور وصلت برقية إلى السفارة المصرية تشير إلى موعد وصول المشير أحمد إسماعيل، القائد العام للقوات المسلحة المصرية وبطل الحرب الظافرة.

حيث قرر الرئيس الراحل أنور السادات إيفاده على عجل لاستكمال علاجه فى العاصمة البريطانية، ووصل المشير أحمد إسماعيل إلى مطار لندن، وكان فى استقباله الفريق سعد الدين الشاذلى، رغم ما كان بينهما من خلافات واختلافات، لكنها التقاليد التى تلزم كل مسؤول بواجباته، وكانت ترافق المشير زوجته الفاضلة التى رحلت عن عالمنا منذ سنوات قليلة، وأعنى بها السيدة سماح شلقانى، رفيقة عمره وشريكة حياته.

وكان معهم أيضًا الابن اللامع والدبلوماسى الصاعد محمد أحمد إسماعيل الذى شرفت بصداقته منذ ذلك الحين من خلال صديق مشترك هو الأستاذ محمد أنيس الذى كان دبلوماسيًّا بالسفارة يصغرنى بأعوام قليلة، وكان هو وأنا معًا نرافق زميلنا ابن المشير باعتباره صديقًا فوق كل اعتبار، وجرى إدخال المشير الراحل إلى مستشفى ويلينجتون فى حى سان جونز وود.

وكان واضحًا أن الحالة الصحية للمشير أحمد إسماعيل متدهورة بعد رحلة عمر طويلة ضابطًا شجاعًا وقائدًا ناجحًا تولى رئاسة أركان حرب القوات المسلحة بعد استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض، حيث كان معروفًا للرئيس عبدالناصر والمشير عامر منذ سنوات الدراسة فى الكلية الحربية، ولقد كانت رحلته طوال خدمته العسكرية رحلة شقاء وجهد ومسؤولية، وقد خدم ابنه الصديق محمد أحمد إسماعيل فى المجلس الوطنى للدفاع قبل أن يلتحق بوزارة الخارجية دبلوماسيًّا مرموقًا اختتم حياته فى السلك الدبلوماسى المصرى سفيرًا ناجحًا لمصر فى دمشق ومساعدًا لوزير الخارجية المصرية، ولقد كان تأثر محمد أحمد إسماعيل بالتطورات الصحية لوالده واضحًا.

وسمعته يقول بعد خروجه من حجرة والده ونحن فى المستشفى إن تنفس المشير غير منتظم وإنه يمضى صعودًا وهبوطًا بشدة ملحوظة، وكان يخامرنا جميعًا القلق حول الرجل الذى عاش وسط غبار المعارك وقاد حرب أكتوبر إلى جانب قائده أنور السادات بحكمة واقتدار وصدق ونزاهة، وكان يُسمح لنا أحيانًا بالدخول إليه فى حجرته أثناء لحظات التحسن النسبى فى حالته الصحية.

وأذكر أنه قال لى بحنان الأب: (يا مصطفى ماذا تفعل مع السفير الشاذلى؟) فقلت له إن علاقتى به طيبة، فأجاب: احرص على ذلك فخبرته العسكرية والسياسية كبيرة تدعو للاستفادة منها مهما اختلف البعض حول مسيرته الطويلة، وكان المشير الراحل ينظر إلينا، محمد أنيس وأنا، بمثل نظرته إلى ابنه الراقى خلقًا وعلمًا الدبلوماسى الزائر مرافقًا لوالده فى رحلة العلاج التى كان يتابعها الرئيس السادات يوميًّا باتصال هاتفى، وتوطدت علاقتنا بالسيدة سماح، رحمها الله، التى كانت تعاملنا مثلما تعامل ابنها النابه الدبلوماسى محمد.

وقد مرت عشرات السنين بعد ذلك لكى تدعونى، رحمها الله، فى اتصال هاتفى للاشتراك معها فى جمعية علاج مرضى السرطان التى كان مقرها مستشفى صغيرًا فى بدروم أحد مساجد مصر الجديدة بشارع العروبة، ولقد ظللت معها فى خدمة هذه الجمعية وأصبحت نائبًا لها حتى رحلت عن عالمنا، وكانت تتعامل معى مثل تعاملها مع ابنها تمامًا، لذلك اقتربت من هذه العائلة، وكان لى شرف التواصل مع أفرادها منذ ذلك الحين، وذات صباح انقض علينا الخبر الحزين من إدارة مستشفى ويلينجتون معلنًا رحيل المشير أحمد إسماعيل عن عالمنا بعد أن توج حياته العسكرية المجيدة بنصر أكتوبر العظيم عام ١٩٧٣.

وظلت علاقتى بالصديق محمد أحمد إسماعيل مبعث احترام ومصدر سعادة لى ولزملائى، ولقد ترك المشير أحمد إسماعيل ذكريات طيبة فى محاور وشوارع القاهرة، وبزغ نشاط ابنته الكبرى السيدة الفاضلة نرمين التى اكتشفت أن فندق الشام فى العاصمة السورية قد خصص جناحًا باسمها نزلت فيه هى ذات يوم، فقررت إدارته أن يظل الاسم مرتبطًا بابنة أبيها المشير الراحل، رغم أن الابنة الثانية قد أصبحت الآن عضوًا فى البرلمان المصرى ليظل اسم العائلة متألقًا فى تعيين حفيد للمشير وزيرًا مصريًّا يتصدى لواحدة من أصعب الحقائب الوزارية على الإطلاق، هذه صفحات مطوية من ذكرياتٍ غير منسية لواحد من أبطال القوات المسلحة وقادتها العظام.

 

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 76 يوم وفاة المشير أحمد إسماعيل في لندن اعترافات ومراجعات 76 يوم وفاة المشير أحمد إسماعيل في لندن



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:15 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab