الهم العام والوجع الخاص

الهم العام والوجع الخاص

الهم العام والوجع الخاص

 عمان اليوم -

الهم العام والوجع الخاص

بقلم:مصطفى الفقي

أنتمى إلى ذلك النوع من البشر الذى تنعكس لديه الهموم العامة للتحول إلى أوجاع خاصة، ومنذ السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣ غداة الاحتفال بعيد العبور ونصر أكتوبر العظيم عام ١٩٧٣، فإذا الأنباء تتوالى عن اشتعال الأحداث بين حركة المقاومة الإسلامية حماس ودولة إسرائيل، فى تصعيدٍ غير مسبوق يوحى بأننا أمام منعطف خطير وتحول كبير فى الصراع العربى الإسرائيلى.

وما زاد من إحساسى بذلك هو ما أشاهده من بالونات اختبار وتصريحات إسرائيلية وغربية متناثرة حول إمكانية قبول مصر باقتطاع جزء من أراضيها على الحدود مع غزة لينتشر فيها الفلسطينيون، تجسيدًا لسياسة التهجير القسرى، وتنفيذًا لمؤامرة قديمة طرحتها إسرائيل وحلفاؤها فى مناسبات سابقة، وهى تعنى باختصار محاولة حل القضية الفلسطينية على حساب أرض مصرية.

وهو ما رفضته مصر من قبل فى ظل حكوماتها المتعاقبة، واستهجنته كمحاولة خبيثة لتصفية القضية الفلسطينية برمتها، ودق إسفين بين المصريين والفلسطينيين وربما بين الدولة المصرية والدول العربية الأخرى، ولا شك أن تكرار هذا السيناريو والإلحاح عليه يعنى أن ذلك المخطط يقبع فى مقدمة الأفكار الشريرة التى يتمتع بها الإسرائيليون غير مدركين للمخاطر الضخمة التى يمكن أن نتعرض لها نحن وغيرنا، ولقد تضمنت صفقة القرن التى بشر بها الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب هذا المفهوم الفاضح فى سلسلة التآمر على الدولة المصرية، باعتبارها الراعية الكبرى للحقوق الفلسطينية.

والداعمة الدائمة لذلك الشعب الباسل فى مختلف المواجهات التى مر بها، والحروب التى تعرض لها، وكأنما قدر مصر أن تدفع الثمن غاليًا فى كل مرحلة. وأنا أتذكر شخصيًا أن الرئيس الراحل مبارك عندما بدأت همسات تتحدث حول هذا المشروع التآمرى قال يومها إن استمرار الحديث فى ذلك السياق هو إنهاء لاتفاقية السلام مع إسرائيل، كما أنه يعنى عودة حالة الحرب بين البلدين.

ولكن عندما وصلت «الإخوان المسلمين» إلى الحكم فى مصر لم يمانع الرئيس الأسبق محمد مرسى فى إعطاء موافقة شفوية للجانبين الإسرائيلى والأمريكى على استقطاع جزء من شمال سيناء يحتوى الفلسطينيين من أهل غزة، وقد أزعجنى ذلك الهاجس دائمًا حتى تحدثت مع صديقى الفريق محمد العصار- رحمه الله- عن المخاوف التى أشعر بها تجاه ذلك الأمر الجلل، فحدد لى العصار موعدًا مع المشير عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع حينذاك، والذى استقبلنى فى حضور الفريق العصار.

موكدًا أن يقظة الجيش المصرى أقوى مما يتصور الجميع، وأن مثل هذه الشائعات لن يكون لها مجال على حساب سيادة مصر على أرضها، باعتبارها حقيقة تاريخية ثابتة منذ آلاف السنين، ومصر التى حررت سيناء بالدم لن تسمح بفقدان بوصة واحدة منها مهما كانت الظروف. إننى أقول ذلك الآن وأنا أتابع فى حزن عميق المواجهات الدامية بين الجيش الإسرائيلى ومقاتلى حماس، حيث تجاوز رد الفعل المسارات المعروفة وتحول إلى عقاب جماعى أقرب إلى عمليات الفصل العنصرى أو الإبادة العرقية.

ولا شك أن ذلك كله ينعكس على حياة الكثيرين وأنا منهم، فيصيبنى بغصة فى الحلق ولوعة فى الفؤاد وحزن عميق يتسلل إلى داخلى، لهذا فإننى أكتب عن انعكاس الهم العام على الوجع الخاص وهو أمر عانى منه جيلى كثيرًا وعاش معه طويلًا، وهو ينعكس فى النهاية على حالة الاكتئاب التى تسود كثيرًا بين الأوساط نتيجة الأخبار السلبية دوليًا وإقليميًا ومحليًا، وما يؤدى إليه ذلك من إحباط يؤثر بالضرورة على حياتنا ومستقبل أجيالنا القادمة التى سوف تواجه بالقطع تحديات كبرى، فى ظل حياة جديدة وعالم مختلف!.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الهم العام والوجع الخاص الهم العام والوجع الخاص



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 10:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab