حكومة التوافق الفلسطينية

بعد مرور ما يقرب من شهر على إعلان اتفاق المصالحة الفلسطينية، بين حركتي "فتح"، و"حماس"، من مخيم الشاطئ في غزة، والذي تم بموجبه تشكيل حكومة التوافق برئاسة الدكتور، رامي الحمدالله، باعتبارها أُولى خطوات المصالحة التي تم الاتفاق على بنودها، على أن يتلوها خطوات أخرى بمواعيد محددة، يأمل الفلسطينيون ولاسيما سكان قطاع غزة المحاصر، أن تحمل تلك الحكومة حلولًا لما يعانون منه من أزمات متلاحقة، ولكن الأمور بقيت على ما هي عليه حتى الآن، فأزمة معبر رفح ما زالت متواصلة، وأزمة الكهرباء أيضًا، ورواتب موظفي حكومة غزة السابقة، وغيرها الكثير من الأزمات التي سببها الانقسام السياسي الذي تواصل لمدة 7 أعوام.
واستغرب عضو المكتب السياسي في حركة "حماس"، الدكتور موسى أبومرزوق، الذي ترأس وفد "حماس" في المصالحة، ما وصفه بـ"الإبطاء" في تنفيذ اتفاق المصالحة، ووضع العصا في دواليب المصالحة، واختلاق الذرائع".
وأعرب أبومرزوق في تصريحات له، الجمعة، أوردها على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي الـ"الفيسبوك"، عن "أسفه لعدم اكتراث بعض المسؤولين لما يقفز من أسئلة الحائرين عن جدية الخطوة، وحسابات آخرين لا تدور إلا بشأن رضا الغرب وإسرائيل".
وأوضح أبومرزوق، أن "المعالم الرئيسة لاتفاق المصالحة تنتظر التنفيذ"، مضيفًا "عقدنا اتفاقًا شاملًا تتحدث عن تشكيل حكومة توافق وطني، واستئناف أعمال المجلس التشريعي، ليصبح لدينا رئاسة واحدة، ومجلس وزراء واحد، ومجلس تشريعي واحد".
وتابع، "عقدنا اتفاق يتحدث عن لجنة للمنظمة، كإطار مبادئ مؤقت، وتحت سقفها يستظل الكل الفلسطيني، مع شراكة سياسية وانتخابات شاملة ومتزامنة ومنظومة أمنية راقية، تجعل من أبناء شعبنا صفًّا واحدًا منحازًا لمصالحه العليا، بعيدًا عن خدمة الاحتلال ومخططاته، والتنسيق الأمني وجرائمه".
وأضاف، "عقدنا اتفاق وصفنا فيها المرحلة، وتجاوزنا الذرائع المعيقة، والتخوفات الناتجة عن السلوكيات الخاطئة، وركزنا على تعامل مع بعضنا بعضًا، يتسم بالعدالة والمسؤولية والمساواة، بعيدًا عن الحزبية، وتركيزًا على المواطنة، وضمان العيش الكريم، والكرامة الإنسانية، متوجهين لبناء برنامجنا الوطني".
واستطرد، "عقدنا اتفاق أساسها الورقة المصرية، وبجانبها العشرات من الأوراق الشارحة والمفصلة لمستقبلنا الوطني، ونستغرب أشد الاستغراب هذا الإبطاء في التنفيذ، ووضع العصا في دواليب المصالحة، واختلاق الذرائع، وكأننا نقف في صف من عادى الوحدة، وإنهاء الانقسام"، على حد تعبيره.
وكانت مصادر فلسطينية موثوقة، كشفت، أن "مشاورات تجري في تلك الأيام بين عدد من الفصائل الفلسطينية في غزة وخارجها بشأن مستقبل القطاع في حال فشل حكومة التوافق، والبحث عن بدائل مناسبة لإدارة القطاع".
وأوضحت المصادر، اشترطت عدم ذكر اسمها، أن "تلك المشاورات تأتي في ظل التعثر المتزايد لحكومة رامي الحمدالله، وعدم انجاز أيٍّ من ملفات المصالحة، وعدم القيام بمسؤولياتها، واتخاذها لخطوات تكرس واقع الانقسام، الذي ظهر خلال أزمة الرواتب، وخضوعها للضغوط الدولية في هذا المجال".
وأشارت المصادر ذاتها، إلى أنه "حتى تلك اللحظة فإن مجرد توحيد المؤسسات واستلام وزراء الضفة لوزاراتهم في غزة لم يتم"، على حد تعبير المصادر.
وحذَّر رئيس كتلة "حماس" البرلمانية، النائب محمد فرج الغول، من "اتخاذ إجراءات قانونية في حق حكومة التوافق، في حال لم يتم تنفيذ باقي خطوات المصالحة، ولم تقم الحكومة بمسؤولياتها تجاه أبناء الشعب الفلسطيني"، مطالبًا الرئيس محمود عباس، أبومازن، بـ"دعوة المجلس التشريعي، والإطار القيادي المُؤقَّت لمنظمة التحرير للانعقاد"، حسب ما تم الاتفاق عليه.
وأضاف الغول، في تصريح له، "على أبومازن أن يكون رئيس للشعب الفلسطيني كله، ويدافع عن حقوقه، ويرى أن الحكومة الجديدة هي حكومة الشعب الفلسطيني كله، ويدعوها إلى أن تمارس عملها بقوة، وتعمل على العدالة بين أبناء الشعب الفلسطيني، وتأخذ قرارات سريعة وحاسمة لحل أزمة الرواتب وأشياء كثيرة تعترض توحيد مؤسسات الشعب الفلسطيني، وأن تعمل على مواجهة كل التحديات التي تظهر في المستقبل".
وأضاف، "نحن نعرف أن الأمر ليس سهلًا، وصحيح أن الاحتلال سيضع عقبات كثيرة أمام تلك الحكومة، لذلك يجب أن تتقوى بأبناء شعبها والفصائل الفلسطينية، وفي تصوري المسؤولية الكبيرة والكاملة تقع على أبومازن، بدعوة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، للاجتماع ورسم السياسات الرئيسة، ومواجهة التحديات التي تواجه شعبنا".
وقال، "القرار ليس قرار فردي ديكتاتوري لشخص معين يجب أن يكون قرار مؤسساتي جماعي، يشترك فيه الجميع، واعتقد أن الاتفاق (المصالحة)، نص على ضرورة عقد الإطار القيادي خلال أسبوعين، وحتى اللحظة مر حوالي ثلاث أسابيع، ولم يدعو أبومازن الإطار القيادي وتلك مشكلة".
وتابع، الغول "كان من المفترض أن يدعو أبومازن المجلس التشريعي أيضًا إلى الانعقاد، عبر مرسوم رئاسي يصدر خلال أسبوعين من الاتفاق، وينعقد المجلس خلال شهر، أبومازن حتى الآن لم يلتزم بأي شيء مما تم الاتفاق عليه، مما يدل على أنه لا يريد أن يسرع إنجاز خطوات المصالحة، وهذا الأمر يرفضه كل أبناء شعبنا، وهو يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الموضوع، وبعد كل الذي يجري المجلس التشريعي سيأخذ إجراءاته القانونية تمامًا في عمل حكومة التوافق، فهي منقوصة الشرعية حتى اللحظة، فقسمت اليمين الدستورية أمام الرئيس قبل نيل الثقة من المجلس التشريعي، والقانون الأساسي يقول لا يجوز لأي وزير أو رئيس الوزراء ممارسة عمله ومهامه قبل حصوله على الثقة من المجلس التشريعي".
وأضاف، "نحن نقول احترامًا للمصالحة والاتفاقات التي تمت وإرادة الشعب الفلسطيني، وانتظرنا هذه الفترة وننتظر، لكن في حالة عدم تطبيق خطوات المصالحة، وتحمل الحكومة مسؤولياتها، بالتأكيد سنعمل على توحيد المؤسسات الفلسطينية بطريقة أخرى عبر المجلس التشريعي".
واعتبر رئيس كتلة "حماس" البرلمانية، أن "التذرع بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي، نتنياهو، يضع عقبة أمام استلام تلك الأموال ذريعة واهية"، مضيفًا أن "الأصل ألا نستمع لنتنياهو؛ لأن الحكومة حكومة الشعب الفلسطيني".
وقال النائب الغول، الذي كان وزيرًا للعدل في حكومة "حماس"، أن "حركة "حماس" أدارت قطاع غزة خلال سنوات طويلة، وكانت تدخل الأموال وتدير مهامها بكل الطرق، وعلى الحكومة الحالية أن تتحمل مسؤولياتها، وتدفع الرواتب لموظفي غزة، سواء عن طريق ما يصل من قطر وآليات إيصالها، ويجب ألا يجدوا عقبة في توصيلها وكل الطرق مفتوحة".
وتابع، "الالتزامات بين الدول العربية والسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير لا تقرر أن الأموال لـ"حماس" أو "فتح"، والجميع يدفع التزاماته، وهناك طرق قانونية كثيرة لإدخال الأموال"، مضيفًا "هذا ليس عذر، والحقيقة أن هناك من الضرائب والمُخوَّلات لدى السلطة الفلسطينية ما يمكنها من تغطية الرواتب لجميع الموظفين، لذلك حتى العشرين مليون ليست هي المشكلة، والمسألة في قضية النوايا السليمة، هل نريد أن ننجح حكومة الوفاق واتفاق المصالحة، وأن نوحد بين أبناء الشعب الواحد؟".
وأوضح، "نحن نريد أن ننهي الانقسام إلى الأبد، ونُوحِّد الشعب الفلسطيني، لا نريد أن نقول نحن وأنتم، نريد أن تكون حكومة فلسطينية واحدة، ورئاسة واحدة، وانتخابات مستقبلية واحدة، ومؤسسات يتم دمجها بطريقة سليمة ولا نريد عقبات".