الجزائر - العرب اليوم
ردّد آلاف الجزائريين، السبت، في مظاهرات “الجمعة 29”، شعار “لا انتخابات تنظمها العصابات”، وكان ذلك بمثابة رفض قاطع لمحاولات السلطة فرض “رئاسية”، حسم قائد الجيش الجزائري الجنرال قايد صالح موعدها، إذ أعلن أن استدعاء الهيئة الانتخابية “من الأجدر أن يكون في 15 سبتمبر (أيلول)” الجاري، ما يعني أنها ستكون بعد ثلاثة أشهر من هذا الموعد. وطالب المتظاهرون بـ”دولة مدنية”، رافضين “الحكم العسكري”، وهو شعار يثير غضب قادة المؤسسة العسكرية.
وكان لافتًا أن حراك العاصمة كان في غالبيته موجهًا ضد الجنرال صالح الذي هاجم المتظاهرين في أربعة خطابات متتالية خلال الأسبوع المنقضي، فوصفهم بـ”أذناب العصابة” التي يقصد بها بقايا نظام بوتفليقة، وذلك بسبب رفضهم إجراء الانتخابات حاليًا. ودوى شعار “بركات بركات (يكفي) من خطاب الثكنات”، في إشارة إلى كثافة تصريحات قايد صالح في المدة الأخيرة، وكانت نارية. كما رددوا “لن تكون هناك انتخابات، حبَ من حبَ وكره من كره”، في رد واضح على صالح الذي صرَح الأسبوع الماضي بأن الاقتراع سيتم في أقرب وقت “حبَ من حبَ وكره من كره”. وأكد بعض المتظاهرين أنهم “يفصلون جيدًا بين الجيش كمؤسسة وقيادتها”، على أساس أن صالح لا يعبِّر بالضرورة عن موقف المؤسسة العسكرية حيال أزمة الحكم.
وقياسًا إلى الأسابيع الماضية، كان عدد المتظاهرين أكبر في كل الولايات، فقد عاد الآلاف من العطلة والتحقوا بالمظاهرات، ولوحظ انخفاض في درجات الحرارة، ما شجع الكثيرين للخروج إلى الشارع. كما ولوحظ بالعاصمة أن الشرطة أحاطت بعض ساحات الاحتجاج بصفائح حديدية، ما ضيق الفضاء على المتظاهرين الذين عدوا ذلك “عملًا عدوانيًا من جانب الحكومة”. وانتشرت قوات الأمن بكثافة، كعادتها، عند مداخل المدن الكبيرة. وتم تفتيش أصحاب العربات بصرامة، وأخذت منهم القصاصات الورقية وقطع قماش، مكتوب عليها خطاب حاد ضد قايد صالح. كما تم حجز الرايات الأمازيغية، التي جرم القضاء رفعها في المظاهرات، وسجن العشرات منهم. ويصف المتظاهرون هؤلاء المساجين بـ”معتقلي الرأي”، وطالبوا بالإفراج عنهم، كأحد شروط تنظيم الانتخابات.
وعلى عكس العاصمة، كانت التدابير الأمنية، التي أحاطت المظاهرات ببقية الولايات، أقل شدة، خصوصًا ولايات القبائل الناطقة بالأمازيغية بالشرق، حيث تتفادى السلطات مواجهة سكانها المعروفين بخصومة شديدة مع النظام، وهذا منذ الاستقلال، بسبب رفض الحكومات المتعاقبة الاعتراف بالبعد الثقافي الأمازيغي لمنطقة القبائل. وتراجعت السلطة عن موقفها حيال “القضية الأمازيغية”، بوصول عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم. ففي 2002 تم الاعتراف بالأمازيغية لغةً وطنيةً في تعديل دستوري، وفي 2016 أضحت لغة رسمية.
وعبَّر المتظاهرون، من جديد، عن رفضهم المساعي التي تقوم بها “هيئة الحوار والوساطة” وخطتها المتمثلة في إقناع الطبقة السياسية والمجتمع المدني بعقد رئاسية قبل نهاية العام. وهاجموا رئيسها كريم يونس، الذي يواجه رفضًا شعبيًا، وجرى منعه من طرف المتظاهرين، من تنصيب ممثلين له في الولايات.
وكتب أستاذ القانون البارز رضا دغبار، عن الانسداد بين المتظاهرين والسلطة، “لو كانت النية صادقة منذ البداية لذهبت السلطة مباشرة إلى اتخاذ الإجراءات التي تضمن حقًا نزاهة الانتخابات الرئاسية المقبلة التي تشكل محل إجماع، إن في شقها القانوني أو السياسي، ولكن الذين يقودون النظام يريدون استمرار التزوير بكافة أشكاله”. وأضاف: “يبدو أن تمسكهم في البداية بأحكام المادة 7من الدستور (الشعب مصدر السلطة)، هو تمسك صادق مع فارق أن كلمة (شعب) الواردة في المادة 7 عندهم تنصرف إلى شعب آخر غير الشعب الجزائري، تنصرف فقط إلى أوجه النظام التي تحاورت مع بعضها، وقررت أن العبيد مثلنا لا يصلحون لممارسة الديمقراطية، فعقولنا قاصرة على استيعاب المخاطر المحدقة بالوطن، ولا نملك المعلومات التي يملكونها، علينا فقط في نظرهم أن نكتفي بالوقوف في الطابور للتسجيل في قوائم التزوير، ثم الوقوف في الطابور للإدلاء بصوت سبق لهم أن عبروا عنه، لأننا ببساطة لا نصلح أن نختار بل نصلح فقط ليختار لنا”.
وقد يهمك ايضا:
الجيش الجزائري يدمر 7 قنابل تقليدية الصنع شرقي البلاد
السلطات الجزائرية تحتجز 170 فلسطينياً لدخولهم البلاد بطريقة غير شرعية