جانب من مناورات قوات مكافحة الشغب التابعة لـ«الحرس الثوري» في جنوب طهران - صيف 2015

أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية عن رفضها مشروع دوريات قوات "الحرس" في طهران، مشددة على لسان الناطق باسمها سلمان ساماني، على أنها لم تطلب مساعدة من أي جهة لضبط الأمن في الشارع الإيراني، وذلك غداة إعلان قائد "الحرس الثوري" في طهران محمد رضا يزدي عن إطلاق "دوريات خاصة" لمواجهة "الزلزال الاجتماعي".

ولم يتأخر تعليق المتحدث باسم الداخلية الإيرانية سلمان ساماني على ما أعلنه قائد "الحرس الثوري" في طهران محمد رضا يزدي حول إطلاق دوريات خاصة لقوات "الحرس الثوري" لمواجهة من وصفهم بـ"الأراذل والأوباش"، وهي تسمية تستخدمها السلطات في وصف عصابات تنتشر في أحياء الصفيح والأحياء الفقيرة في محيط المدن الكبيرة، خصوصا العاصمة طهران.

واختار قائد "الحرس الثوري" محمد علي جعفري، اللواء محمد يزدي لقيادة قاعدة "محمد رسول الله" بدلا من اللواء محمد كاظميني. وتعد القاعدة مسؤولة عن التنسيق بين قوات "الحرس الثوري" و"الباسيج" لحماية العاصمة طهران في الأوضاع المتأزمة، حيث تصدر ملف الأزمات الاجتماعية مرة أخرى واجهة المواقع الإيرانية بعد تباين المواقف بين وزارة الداخلية الإيرانية و"الحرس الثوري".

وعزا القيادي في "الحرس الثوري" خلال خطاب له في اجتماع مجلس شورى بلدية طهران، أول من أمس، قرار قواته بإطلاق دوريات خاصة في المدن الإيرانية، إلى رصد 23 من المخاطر الاجتماعية على يد "الحرس الثوري" وقوات "الباسيج"، من دون تقديم تفاصيل عنها، إلا أنه تحدث عن "زلازل اجتماعية" في العاصمة الإيرانية تتطلب تدخلا مباشرا من قواته.

ويأتي إعلان "الحرس الثوري" بإطلاق دوريات خاصة في طهران بعد شهر من إعلان قوات "الباسيج" التابعة لـ"الحرس الثوري" إطلاق دوريات في أحياء المدن الإيرانية لمساندة قوات الشرطة، وفق ما ذكره قائد تلك القوات اللواء غلام حسين غيب بور. كما تحدث القيادي الإيراني عن برامج تنظيمية واسعة بين منتسبي قواته للقيام بدور مماثل على شبكة الإنترنت، ورغم ذلك، فإن غيب بور حاول تبديد المخاوف الداخلية من إطلاق دوريات "الباسيج"، بقوله إنها "لن تتدخل في المجال الخاص بحياة الإيرانيين"، موضحا أن الهدف منها تقليل نقاط التفتيش واستبدال الدوريات في المدن بها.

وكانت تقارير إيرانية سابقة تحدثت عن إطلاق "الحرس الثوري" مشروعات مماثلة لمواجهة احتجاجات محتملة تشهدها المدن الإيرانية، بينما شهدت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي جرت في مايو (أيار) الماضي، سجالا كبيرا حول الأزمات الاجتماعية، بين الرئيس الإيراني حسن روحاني وخصومه. حينذاك حاول مرشحا التيار المحافظ إبراهيم رئيسي ومحمد باقر قاليباف استخدام ورقة الأزمات الاجتماعية؛ ومن بينها تفشي البطالة والفقر، للضغط على روحاني، لكنه لجأ إلى وعود بتعزيز الحريات الاجتماعية لوقف نزف سلته الانتخابية. ودفع التلاسن بين المرشحين في الانتخابات الرئاسية المرشد الإيراني علي خامنئي حينها إلى إطلاق تحذيرات إلى مرشحي الانتخابات الإيرانية من تحريك قضايا تؤدي إلى زلزال كبير في الداخل الإيراني.

ومع ذلك ذكر القيادي في "الحرس الثوري" أن الإدمان على المخدرات "بلغ الذروة" في العاصمة الإيرانية، مبررا إطلاق دوريات التفتيش الخاصة في طهران بتفشي السرقة على يد من يوصفون بـ"الأراذل والأوباش" في طهران؛ وهي إشارة في إيران إلى من يتجرون بالمخدرات ويتوسلون بالعنف للقيام بسرقات في مناطق مختلفة من طهران، لكن المتحدث باسم الداخلية الإيرانية سلمان ساماني قال أمس في تصريح لوكالة "إيلنا" الإصلاحية إن ضبط الأمن من واجبات قوات الشرطة، مشددا على أن القوات التابعة للداخلية الإيرانية "لم تطلب مشاركة أو مساعدة" من قوات أخرى في ضبط الأمن.

وقال ساماني إن مواجهة المخاطر الاجتماعية من واجبات وزارته وفقا لقرار اللجنة الاجتماعية في إيران، موضحا أن اللجنة وضعت حلولا قانونية للأجهزة المكلفة تنفيذ قراراتها فيما يتعلق بالمخاطر الاجتماعية.

وبحسب القوانين الداخلية الإيرانية، فإن وزارة الداخلية وقوات الشرطة مسؤولة عن ضبط الأمن الاجتماعي في المدن الإيرانية، بما فيه ما تطلق عليها السلطات "مكافحة المفاسد الاجتماعية". ونفى ساماني أن تكون وزارة الداخلية الإيرانية أهملت ملف المخاطر الاجتماعية، كاشفا عن اجتماعات خاصة للجنة الشؤون الاجتماعية الإيرانية أطلعت فيها المرشد الإيراني علي خامنئي على حقيقة تلك المخاطر.

وفي نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن وزير الداخلية عبد الرضا رحماني فضلي أنه قدم تقريرا حول المخاطر الاجتماعية للمرشد الإيراني علي خامنئي. ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن رحماني فضلي قوله عقب اللقاء إن المرشد الإيراني طالب بوضع ملفات "مكافحة المخدرات ومواجهة الإدمان، وانتشار ظاهرة أحياء الصفيح، والطلاق، ومكافحة الجريمة، والقضايا الاجتماعية المتأزمة" ضمن أولويات وزارة الداخلية وإدارة روحاني، وقبل ذلك في 7 يونيو (حزيران)، أطلق المرشد الإيراني علي خامنئي مصطلح "حرية إطلاق النار" خلال خطاب انتقد فيه الأوضاع الاجتماعية الإيرانية بشدة. حينذاك دعا خامنئي الأجهزة "الثورية" إلى المبادرة باتخاذ قرارات إذا ما رأت تباطؤا من الأجهزة المسؤولة في مواجهة المخاطر الاجتماعية.

وأثار مصطلح "حرية التعبير" ردود فعل متباينة في الشارع الإيراني، فيما حاولت وسائل الإعلام المحافظة والمقربة من "الحرس الثوري" توظيف المصطلح في سياق المناوشات الإعلامية، بينما دافعت وسائل الإعلام الإصلاحية والمقربة من إدارة روحاني عن "تأويل" مصطلح روحاني في ممارسة للضغط. لكن المتحدث باسم الداخلية الإيرانية لفت في تصريحاته أمس إلى أن مواجهة المخاطر الاجتماعية على رأس أولويات وزارته، في سياق ما أطلق عليه "تقسيم العمل الوطني في إطار لجنة الشؤون الاجتماعية"، مضيفا أن الداخلية الإيرانية نشرت إحصاءات سابقة تظهر مشاركة الأجهزة المختلفة في القرارات الصادرة عن لجنة الشؤون الاجتماعية، واتهم ساماني قوات "الحرس الثوري" ضمنا بتجاهل قرار لجنة الشؤون الاجتماعية الإيرانية المسؤولة عن الرصد واتخاذ السياسات وتقسيم العمل بين الأجهزة الإيرانية في شؤون المجتمع الإيراني.

يأتي هذا في حين تفاخر عدد من المسؤولين الإيرانيين خلال العام الماضي بـ"قوة الأمن" في إيران.