مجلس الأمن الدولي

رجح دبلوماسيون، اليوم (الخميس)، أن يصوّت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اليوم على مشروع قرار صاغته بريطانيا يطالب بوقف حصار «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية لمدينة الفاشر في شمال دارفور بالسودان.كما يطالب مشروع القرار الذي اطلعت عليه «رويترز» بوقف فوري للقتال وبإنهاء التصعيد في المدينة وما حولها وانسحاب كل المقاتلين الذين يهددون سلامة المدنيين وأمنهم.

وتطالب بريطانيا بأن يعقد مجلس الأمن المؤلف من 15 عضواً تصويتاً على المشروع بعد ظهر اليوم.ويحتاج إقرار المشروع إلى موافقة 9 أعضاء على الأقل وعدم استخدام روسيا أو الصين أو الولايات المتحدة أو بريطانيا أو فرنسا حق النقض.

واندلعت الحرب في السودان في أبريل (نيسان) من العام الماضي بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» ما أدى إلى أكبر أزمة نزوح في العالم.

والفاشر هي آخر مدينة كبرى في منطقة دارفور بغرب السودان التي لا تخضع لسيطرة «قوات الدعم السريع». واجتاحت «الدعم السريع» وحلفاؤها 4 عواصم ولايات أخرى في دارفور العام الماضي وسط اتهامات لها بالمسؤولية عن حملة من عمليات القتل بدوافع عرقية استهدفت القبائل غير العربية، وغير ذلك من الانتهاكات في غرب دارفور.

وحذر مسؤولون كبار بالأمم المتحدة في أبريل من أن نحو 800 ألف شخص في الفاشر معرضون «لخطر شديد ومباشر» في ظل تفاقم أعمال العنف التي تهدد «بإطلاق العنان لصراع طائفي دموي في جميع أنحاء دارفور».

ويطالب مشروع قرار مجلس الأمن «جميع أطراف الصراع بضمان حماية المدنيين، بما في ذلك السماح للمدنيين الراغبين في التنقل داخل الفاشر وخارجها إلى مناطق أكثر أمنا بالقيام بذلك».

كما يحث الدول على الامتناع عن التدخل بما يؤجج الصراع وحالة عدم الاستقرار، وأن تدعم بدلاً من ذلك الجهود الرامية إلى تحقيق سلام دائم.

وتقول الأمم المتحدة إن ما يقرب من 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، يحتاجون إلى المساعدات، وأن نحو 8 ملايين فروا من منازلهم وأن الجوع يتفاقم.

أبلغ مسؤول أميركي رفيع، مجموعة من السودانيين من بينهم قيادات بارزة في «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، أن مفاوضات غير مباشرة تجري بين الجيش و«قوات الدعم السريع». ووفقاً لمصادر تحدثت لــ«الشرق الأوسط»، فإن «النقاش مستمر لاستئناف المفاوضات»، وكانت تشير إلى الاتصالات التي أجراءها المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيريلو، مع كبار المسؤولين من الطرفين وجهود رؤساء وقادة دول الجوار الأفريقي للوصول إلى حل سلمي متفاوض عليه.

ورأت المصادر نفسها، أن التغيير المفاجئ في موقف قادة «مجلس السيادة» السوداني المتشدد في رفض العودة إلى المفاوضات، إلى الحديث بإيجابية عن عملية الحوار، جاء نتاج المناقشات مع المبعوث الأميركي.

وغادر المبعوث الأميركي، الأربعاء، القاهرة إلى واشنطن على أن يعود إلى المنطقة بعد عيد الأضحى المبارك مباشرة.

بدورها، أكدت جهات مقرّبة من الدوائر الأميركية الممسكة بملف السودان، أن توم بيريلو أجرى خلال زيارته إلى دول المنطقة (إثيوبيا، كينيا، أوغندا ومصر) اتصالات مباشرة مع قادة طرفي الحرب، الجيش السوداني و«الدعم السريع».

وأوضحت أن «واشنطن تتواصل مع كل القوى الإقليمية وشركائها في المنطقة لإقناع القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد (الدعم السريع)، محمد حمدان دقلو (حميدتي) بالعودة إلى مسار التفاوض السلمي في أقرب وقت».

وقالت تلك الجهات واشترطت عدم الكشف عن هويتها، إن الإدارة الأميركية «تعمل عبر اتصالات مباشرة خلف الأبواب المغلقة على توصل الطرفين إلى اتفاق شبه كامل قبل الذهاب إلى طاولة المفاوضات في منبر جدة للتوقيع عليه».

وبحسب المصادر نفسها، أثمرت تلك النقاشات مع طرفي الصراع عن نتائج «جيدة ومتقدمة»، من دون ذكر المزيد من التفاصيل.لكنها أشارت إلى أن موقف قادة الجيش السوداني في الاتصالات المغلقة، «يبدو أكثر إيجابية في التعاطي مع التحركات الأميركية الأخيرة، بعكس ما يرددونه في العلن».

ومن جهة ثانية، أكد قيادي بارز في «قوات الدعم السريع» وجود اتصالات مستمرة مع القادة الكبار في «القوات»، لكنه نفى علمه بأي نتائج تم التوصل إليها. وقال لــ«الشرق الأوسط»: «أبلغنا الوسطاء في المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة أن (الدعم السريع) على أتم الجاهزية في أي وقت للعودة إلى المفاوضات في منبر جدة».

وأضاف أن «قيادتنا على تواصل مستمر مع المجتمعين الإقليمي والدولي، وتستمع إلى أطروحاتهم، كما نتبادل الأفكار والمقترحات لتسهيل عملية التفاوض للوصول إلى سلام».

وأكد القيادي، وهو من أعضاء وفد التفاوض، أن «(قوات الدعم السريع) لا تضع أي شروط للعودة إلى محادثات السلام، لكن الطرف الآخر ليست لديه الرغبة في إنهاء الحرب؛ لأنه لا يملك القرار».

وقال، إن «الإسلاميين يسيطرون بالكامل على القرار داخل الجيش، ويضغطون على قادته لعدم الذهاب إلى طاولة المفاوضات في (منبر جدة) للوصول إلى اتفاق لوقف الحرب، بهدف العودة مجدداً إلى السلطة».

وأوضح القيادي بـ«الدعم السريع»، أن «الإسلاميين عملوا على إفشال كل ما تم التوصل إليه في (منبر جدة)، وكذلك في اتفاق المنامة العاصمة البحرينية». وقال، «إن الكرة الآن في ملعب الوسطاء في المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية للتنمية (إيغاد)، للضغط على الجيش السوداني للعودة إلى (منبر جدة)».

حكومة جنوب دارفور

ومن جهة ثانية، أعلنت «قوات الدعم السريع» على منصة «إكس» عن تشكيل حكومة مدنية في ولاية جنوب دارفور، ثاني أكبر مدن الإقليم، بعد مدينة الفاشر التي تدور حالياً فيها اشتباكات بين طرفي القتال .

وبحسب «الدعم السريع» فإن السلطة في تلك الولاية «تم تشكيلها من المجتمع المحلي، أسوة بالإدارات المدنية في ولايات الخرطوم والجزيرة وعدد من مدن دارفور الأخرى» التي تقع تحت سيطرتها.

وقالت، إن هذا يأتي «في إطار الحكم الفيدرالي، بحيث يشارك مواطنو المناطق في الحكم لإدارة شؤونهم، فيما يتعلق بتيسير الحياة وتوفير الخدمات العامة للسكان، ومهمة (الدعم السريع) بسط الأمن والاستقرار».

 قد يهمك أيضا:

انقسامات في مجلس الأمن والسبب "إعلان كورونا"

مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة لمناقشة التصعيد الأخير في سورية