لندن ـ كاتيا حداد
توصل علماء آثار ألمانيون إلى تحديد عمر أقدم تمثال خشبي في العالم، عُثر عليه في مستنقع روسي منذ 125 عامًا، وبيّن العلماء أن عمر تمثال "شيغير" يبلغ 11 ألف عام، ويتناول رموزاً مشفرة، يمكن أن تكون رسالة من الإنسان القديم، ليصبح بذلك أقدم تمثال خشبي منحوت في العالم.
وزعم العلماء من خلال محاولات تحديد عمر التمثال، بأن عمر "شيغير" يبلغ 9 آلاف و500 عام وعلى سبيل المقارنة، يعود تاريخ مجموعة الآثار الحجرية البريطانية، "ستونهنغ"، إلى 4 آلاف و614عامًا، في حين أن عمر التمثال الخشبي الروسي يبلغ ضعف عمر الأهرامات المصرية.
وأوضح مصدر في متحف التاريخ الإقليمي في سفيردلوفسك، "يمكننا القول إن النتائج مثيرة"، وتابع "العلماء الألمان استعانوا بالتكنولوجيا الأكثر تطوراً في العالم، لتحديد عمر التمثال وإزالة الشكوك حول ذلك".
يُذكر أنه جرى استخراج هذه التمثال من مستنقع حجري في جبال الأورال في روسيا في عام 1890، وبدأت أقدم المحاولات لكشف عمر التمثال بعد الاكتشاف بنحو 107 أعوام، أي في عام 1997.
وأظهرت التحليلات الأوليّة التي جرت عن طريق استخدام الكربون المشع، أن التمثال يعود تاريخه إلى 9500 سنة شمسية، الأمر الذي أثار الكثير من النزاعات في المجتمع العلمي.
وأضاف المصدر "في سبيل استبعاد الشكوك القائمة حول عمر التمثال، وجعل النتائج معروفة ومقبولة، اتخذ العلماء الألمان قرار الاستعانة بالتكنولوجيات الحديثة، لتحديد عمر التمثال من جديد، وأجريت الأبحاث العلمية في مانهايم في ألمانيا، في واحد من أكثر المختبرات تقدما في العالم باستخدام قياس الطيف الكتلي السريع، على سبع عينات خشبية صغيرة جدا".
وتوصلت الأبحاث إلى نتائج مذهلة، حيث كشفت العينات التي أخذها العلماء من الأجزاء الداخلية للتمثال أن عمره يصل إلى 11 ألف سنة تقويمية، أي في بداية عصر "الهولوسين"، فضلاً عن أن التمثال منحوت من شجر الصنوبر الذي كان يبلغ عمره على الأقل 157 عامًا، ولا تدع العينات المقطوعة من جذع الشجرة أي مجال للشك، أن الشجرة مقطوعة بشكل حديث في ذلك الوقت باستخدام أدوات حجرية.
وتابع المصدر "يثبت البحث أن التمثال الكبير هو أقدم تمثال خشبي منحوت في العالم، ويمهد الاكتشاف الطريق لفهم الفن الأوراسي"، وأبرز أن المستنقع الخشبي تمكن من الحفاظ على التمثال، كما لو كان في كبسولة زمن، على أطراف غرب سيبيريا، ويبلغ طول التمثال 9 أقدام أي مايعادل 2.8 متر، والذي كان في الأصل 17 قدمًا أو ما يعادل 5.3 أمتار أي في ارتفاع منزل مكون من طابقين.
وفقد التمثال القديم في الحقبة السوفياتية مترين من طوله، على الرغم من أن رسومات التمثال قدمها عالم الآثار الكبير، فلاديمير تولماشيف، قبل قيام الثورة في روسيا.
وعبّر كبير الباحثين في الأكاديمية الروسية للعلوم في معهد علم الآثار، ميخائيل زيلين، عن شعوره بالإعجاب بالتمثال القديم، وأكّد "تحمل هذه التحفة الفنية قيمة حسية وقوة هائلة، وهو تمثال فريد من نوعه، كما أنه حيوي للغاية ومعقد في الوقت ذاته، كما يضم الكثير من الزخارف المغطاة بمعلومات مشفرة، تكشف أن الناس في هذا العصر كانوا يستعينون بالتمثال لاكتساب المعرفة".