مراكش - ثورية أيشرم
شهدت مدينة مراكش، منذ ما يزيد عن أسبوع حركة دائمة، فرغم ارتفاع درجة الحرارة في مراكش والتي تجاوزت 48 درجة مئوية فهذا لم يمنعهم من الخروج والتجول في مختلف أسواق المدينة من أجل الاستعداد لاستقبال عيد الفطر السعيد، إذ بدأوا في ممارسة شعبيتهم من جديد راغبين في إحياء التقاليد والعادات التي يتمسك بها المغربيين عامة والمراكشيين خاصة، إذ تجد المحلات الخاصة ببيع الملابس سواء العصرية أو التقليدية تعج وتكتظ بالراغبين في اقتناء ملابس العيد لهم ولأولادهم وتشهد المحلات التجارية رواجًا كبيرًا، كما أن أسواق مراكش تحولت إلى مهرجان من المنتجات المعروضة أمام الزبائن لاختيار ما ينال إعجابهم من مأكولات ومشروبات وملابس وأحذية وغيرها من الأمور التي اعتاد المراكشيون على اقتنائها والقيام بمختلف الطقوس والعادات لاستقبال العيد في جو حميمي دافئ يملؤه الحب والتسامح والتآزر والتآخي فيما بينهم.
ولا تختلف أجواء الاستعداد لاستقبال عيد الفطر في مدينة مراكش عن باقي المدن المغربية، إلا أنها تتنوع، إذ تجد المراكشيين يشرعون في تنظيف فضاءات المنزل وغسل الثياب وتنظيف الأواني النحاسية والفضية بمواد خاصة لجعلها أنيقة تلمع في استقبال العيد الذي تكثر فيه الزيارات بين الأهل والأصدقاء والأحباب، إضافة إلى استغراق وقت في إعداد مختلف أطباق الحلويات التقليدية الخاصة بعيد الفطر بأيام قبل حلوله، إضافة إلى شراء مجموعة من المواد الغذائية الخاصة التي لا بد من توفرها طيلة أيام العيد في كل منزل مراكشي، إذ لا يمكن أن تدخل بيتًا دون أن يتم الترحيب بك بهذه الأطباق المعروفة والمشهورة التي يتقدمها طبق "هربل" وهو إعداد طبق من القمح المقشر بالحليب على نار الفحم الهادئة منذ ليلة العيد إلى صباح يوم العيد وهو طبق تتخصص في إعداده الجدات أكثر من الأمهات وهو مراكشي وتجاوز المدينة الحمراء ليصبح الآن طبقًا مغربيًا تجده في معظم البيوت والمدن المغربية، كما أن من بين الأطباق الرائعة التي أصبحت عادة لصيقة بمراكش منذ قرون وهي حلوى " الغراف " التي ذاع صيتها في كل أرجاء المملكة المغربية التي لا يمكن أن تجد طاولة العيد خالية منها، فضلًا عن حلوى " رزة القاضي" التي كانت منذ القديم طبقًا ملوكيًا مشهورًا يخصص للشخصيات وأعيان البلد والذي بقي المراكشيون محافظون عليه على مر الزمان والذي تجده كذلك على طاولة الإفطار في عيد الفطر وحتى في عيد الأضحى، بالإضافة إلى مجموعة من الأطباق التقليدية الممزوجة بالأكلات العصرية مثل " كعب الغزال " و المسمن " والبطبوط " و " البغرير " ومختلف أطباق الكيك العصري التي اجتاحت الساحة حاليًا والتي لا تكتمل مهما كانت متنوعة ولذيذة وشهية إلا بتواجد الأطباق التقليدية التي يقبل عليها الصغير قبل الكبير كلها مرفوقة بأباريق الشاي المغربي المنعنع الذي لا يمكن أن يخلو منه كل بيت مغربي.
وتبدأ أجواء العيد منذ أداء صلاة الفجر في مراكش حيث تستيقظ الأمهات والجدات للشروع في إعداد هذه الأطباق واستعدادًا كذلك للزيارات التي يبدأ فيها الأهل والأصدقاء بعد أداء صلاة العيد، حيث تتحول الشوارع إلى موكب كبير من الناس من مختلف الأعمار بلباسهم التقليدي الذي يجمع على حبه الكبار والصغار إذ ما زال المراكشيون يتمسكون به لأقصى الحدود، وتراهم وهم يباركون العيد بعضهم لبعض حتى وإن لم تكن هناك معرفة تجمعهم فتجدهم يسلمون على بعضهم البعض وهم يرددون " مبارك عواشركم " ، كما أن معظم المراكشيين لاسيما سكان المدينة العتيقة تجدهم يتجهون صوب مسجد الكتبية رفقة الأبناء من أجل أداء صلاة العيد والقيام بعدها بجولة العيد المعروفة بين سكان المدينة الحمراء، ثم التوجه إلى ساحة جامع الفنا من أجل شرب أكواب العصير والقيام بجولة الصباح وتزيين أيادي الفتيات بنقش الحناء، قبل التوجه إلى منزل الأهل والأقارب من أجل مباركة العيد ثم العودة إلى المنزل لتناول وجبة الإفطار المتنوعة رفقة الأسرة أو العائلة الكبيرة .
ولا يمكن لطقوس العيد في مدينة مراكش أن تختفي أو تغيب لاسيما أن سكانها يتمتعون بالشعبية الكبيرة فهم من عشاق كل ما هو تقليدي وله علاقة بالتراث المغربي والطقوس المغربي التي تعتبر الزيارات من أهمها وصلة الرحم أفضلها والتي تبقى على مدى 3 أيام قبل أن تعود الحياة من جديد إلى طبيعتها ليبقى العيد مناسبة دينية مهمة في قلوب المغاربة والمسلمين عامة حيث تجدهم أكثر بهجة وسرورًا في استقبال عيد الفطر الذي يعد أحد أهم عيدين في المغرب، تصاحبه مظاهر وأشكال وطقوس خاصة يفتخر بها كل مغربي، رغم أنها لا تختلف كثيرًا من مدينة إلى أخرى ، وحتى إن وجد الاختلاف فهذا لا يهم طالما العيد هو مناسبة تقرب البعيد وتجعل جسرًا للتواصل بين الأهل والأسر والأصدقاء وتزرع الحب والسعادة في نفس كل فرد من أفراد المجتمع .