أنقرة - جلال فواز
يسعى بعض الفنانين إلى تمثيل العالم بأكبر قدر من الواقعية، إلا أن المصور التركي أيدن بوكتاس، يسعد بالقيام بعكس ذلك حيث نجح في طي قواعد الواقع برؤية بصرية مذهلة، وولد بوكتاس في العاصمة التركية أنقرة، وانتقل لاحقًا إلى اسطنبول حيث عمل في مجال الأفلام والإعلانات والرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد، وأعاده اهتمامه بمجال البناء البصري مرة أخرى، إلى طفولته التي قضاها في قرائة كتب الخيال العلمي.
وأشار إلى مؤلفين مبدعين مثل "Isaac Asimov" و "H.G. Wells" ككتاب مفضلين له، وساعدت هذه الروايات بوكتاس على تفتيح عقله على هياكل غريبة من الفضاء بما في ذلك الثقوب السوداء، والأكوان المتوازية والجاذبية، واستمر تأثير الأدب، في التأثير على رؤية بوكتاس للجمال على مر السنين، وكانت نقطة التحول قبل 10 سنوات، عندما قرأ هيبرزباس التي كتبها ميشيو كاكو، ويستند الكتاب إلى رواية إدوين أبوت الرومانسية عام "1884 Flatland: A Romance of Many Dimensions"، والتي سحرت بوكتاس بالفضاء وما الذي سيحدث في حال تكون ثقب أسود.
وحاول بوكتاس استكشاف هذه الأسئلة من خلال التصوير الفوتوغرافي مع الانحراف قليلاً عن الواقع إلى أبعاد مختلفة مذهلة، ونجح بوكتاس في صوره في خلق تأثير درامي مؤثر لا محالة في المشاهد، وأثبتت مجموعته الأخيرة من صور "Flatlands II" أن العملية صعبة وتستغرق وقت طويل، حيث يبدأ بوكتاس بإجراء بحث شامل يستغرق شهرين عن المكان الذي سيصوره، ونجح بوكتاس في تصوير ولايات أريزونا وتكساس وكاليفورنيا ونيو مكسيكو في المكسيك حتى أن بعض الأماكن التي صورها مثلت اكتشاف جديد.
ويستغرق التصوير الفعلي 10 آلاف ميل، من السفر وشهر آخر لاكتمال الأمر باستخدام طائرات من دون طيار لالتقاط هذه البقع الواسعة، من الأراضي، وبعدها تأتي مرحلة تركيب الصور وهي عملية صعبة ويستغرق الأمر شهرين لاستكمال 20 صورة، وكانت النتيجة أكثر دراماتيكية عن أي شيء نتوقع رؤيته في الواقع، وكان بوكتاس على وعي بذلك عند اختيار مواقعه، موضحًا أنها كان يبحث عن أماكن تقدم له وسائل لخلق ملمس، لا يمكن تصوره في الحياة اليومية، وبالتالي قرر الابتعاد عن المواقع المزدحمة التي استخدمها في مشروعه الأول "Flatlands"، واتجه بدلا من ذلك إلى مساحات فارغة من جنوب غرب أميركا، حيث التقط صور للحقول مترامية الأطراف والأراضي الصحراوية، والأنماط الخطة التي تشبه المتاهة في الهياكل المعقدة، ما أضاف بعد من الخيال العلمي لهذه البيئات.