أنقرة ـ جلال فواز
استخدم الرومان بوابة الجحيم في مدينة هيرابوليس القديمة في تركيا منذ فترة طويلة، لطقوس التضحية التي كان فيها الكهنة يمشون خلال المدخل حاملين ثيرانهم الصحية، حيث كان يعتقد أنّها مدخل إلى العالم السفلي، ستموت الثيران خلال الطقوس، لكن الكهنة سيعودون دون أن يتعرّضوا إلى الأذى - ويعتقد العلماء الآن أنهم يعرفون السبب، وأن غرابة الجيولوجيا وتخطيط المعبد يفسّر الظاهرة الغامضة، فتم الكشف عن مستويات قاتلة من ثاني أكسيد الكربون على مستوى الأرض التي لم تستطع الحيوانات الأضاحي الهروب منها، ولكن لم تؤثّر على سادتهم.
وقام الباحثون في جامعة ديسبورغ - إيسن في ألمانيا بقياس تركيزات ثاني أكسيد الكربون (CO2) في ساحة مدينة هيرابوليس القديمة، والمدينة في منطقة نشطة بشكل خاص من حيث الجيولوجيا، مع الينابيع الحرارية والصدوع العميقة تحت المدينة مما تسبب في أبخرة من الصخور من الأرض، وقد بنيت "بوابة الجحيم" التي تصدر منها هذه أبخرة مباشرة في جدران الساحة.
ووجد الخبراء أن مستويات الغاز المحتمل أن تكون قاتلة المحمولة في هذه الأبخرة كانت أقل خلال النهار، عندما تتسبب أشعة الشمس في تبديدها، وطوال الليل، تتشكل هذه الغيوم في بحيرة من ثاني أكسيد الكربون في قاعدة الساحة المغلقة، وكانت المستويات مرتفعة بشكل خاص عند الفجر، عندما تصل التركيزات 15 بوصة (40 سم) فوق أرضية الساحة إلى 35 في المائة، وهذا سيكون أكثر من كاف للتسبب في خنق الحيوانات والناس حتى الموت ولكن البشر، بحكم طولهم يمكن أن يبقوا رؤوسهم فوق المستويات القاتلة من الغاز، وقال عالم الأحياء والبركان هاردي بفانز، الذي قاد البحث "كانوا يعرفون أن التنفس القاتل يصل فقط إلى أقصى ارتفاع معين."
وتأسست مدينة هيرابوليس القديمة حوالي 190 قبل الميلاد من قبل الملك اليوناني بيرغاموم، يومينس الثاني، واستولى عليها الرومان في 133 قبل الميلاد، وتحت حكم الرومان ازدهرت المدينة، فكانت هناك معابد، ومسرح وكان الناس يتوافدن للاستحمام في الينابيع الساخنة التي يعتقد أن لديها خصائص الشفاء، وظل الموقع يعمل بكامل طاقته حتى القرن الرابع الميلادي وأصبح مقصدا هاما للحجاج للمثقفين الوثنيين الأخيرين، ويعتقد المؤرخون أن المسيحيين نهبوا الموقع في القرن السادس الميلادي، وأضافت العديد من الزلازل أضرار إليه، واليوم باموكالي هو معروف جيدا بالمدرجات الترافرتين البيضاء المذهلة والتي نتجت عن الينابيع الساخنة، ولقد زار المؤرخ اليوناني القديم سترابو البلوتونيوم، على اسم بلوتو، إله العالم السفلي، في هيرابوليس منذ حوالي 2000 سنة، وأشار إلى أن الكهنة تمكنوا من وضع رؤوسهم في البوابة إلى الجحيم دون أن يعانوا من أي آثار سيئة، ويعتقد سترابو أن وضعهم تسبّب هذه حصانتهم، وقد نشرت النتائج الكاملة لأبحاثهم في مجلة الآثار والعلوم الأنثروبولوجية.