باريس ـ مارينا منصف
اشتمل معرض "تورنابوني"، عند افتتاحه في فبراير/ شباط، في حي ماريه في باريس، على أعمال أحد أروع الفنانين في فترة ما بعد الحرب في إيطاليا، وهو الفنان ألغيرتو بويتي.
ويعدّ المعرض الذي يغلق في 8 أبريل/ نيسان، فرصة تستحق الرحلة ولا يجب تضييعها، وأمضى بويتي فترة قصيرة في مهنته، وتوفي بسبب ورم في المخ في عمر 53 عامًا عام 1993، واعتقد بويتي أن الفن يمكن أن يكون في كل شئ، وقدم رسومات بالقلم الرصاص للطوابع، فضلًا عن الخرائط المزخرفة، بواسطة عائلات أفغانية، ويتم تمثيل كل دولة من خلال علمها الوطني.
وقدم بويتي 200 خريطة إلا أن أفضلهم هي التي تعرض حاليًا بطول 6 أمتار، وصنعت بواسطة 7 عائلات من اللاجئين الأفغان، في بيشاور في باكستان، بمناسبة نهاية فترة وجود بويتي في أفغانستان. وتعدّ أحد أسباب عمق المعرض وجودته قوة العلاقة، بين مؤسس معرض تورنابوني، روبرتو كاسيمونتي، والفنان بويتي، وكان روبرتو يزور الفنان كل شهرين ويشتري قطعتين أو ثلاثة من أعماله، ويتذكر نجله ميشيل كاسيمونتي، الذي يدير العمل حاليًا "اشتري والدي ذات مرة 3 خرائط، بمبلغ 40 ألف يورو"، ويتم بيع هذه الخرائط حاليًا في المزاد، بما يزيد عن 2 مليون دولار، وذهب كازيمونتي الإبن مع والده، لزيارة بويتي لأول مرة عام 1991، ويقول "كنت مجرد متفرج على أعمال، كانوا في نفس العمر تقريبًا، وكنت في عمر العشرين وطالب حينها، ولكن في الأتيليه يمكنك رؤية فنان حقيقي، كان لديه طاولة مغطاه بالصور، ويجري بعض الأبحاث، بينما يقوم الأخرون بالتصنيع".
وكان الفنان في "أعمال بيرو" في السبعينات رجل وامرأة من بين أصدقاؤه، وطلب منهم ملء نصف ورقة كبيرة باستخدام قلم حبر جاف، وأنشأ الرجل سلسلة من الكتل، مكونة من خطوط صلبة بينما قامت المرأة بعملها بخطوط أكثر خفة ومرونة، وكان بويتي سعيد، بهذه النتائج الثنائية، وكان بويتي يؤمن بقوة الاثنين معًا.
وأشار بويتي إلى وجود حوار مستمر بين ذواته الداخلية، حتى أنه نجح في تدريب نفسه على استخدام اليدين اليمنى واليسرى ببراعة، ومن الدلائل على اهتمام بويتي بالأرقام والحروف والرموز ملصق رائع، يرجع إلى عام 196 اشترك فيه 16 فنان من جيله، وقدم كل فنان 3 أو 4 رموز من أصل 8، فضلًا عن تقديم شبكة رائعة من الطوابع الأثيوبية، والتي قدمتها عدد من المجلات في عام 1984، على ورقة بمقاس 150×100 سم من إبداع بويتي، ومساعد له بقلم رصاص لين.
وتعتبر مجموعة Muro أو Wall من الأعمال التي تعكس شخصية بويتي، وتحتل المجموعة المعرض الثاني، وتعرض لأول مرة في باريس، ولا تزال المجموعة في ملكية عائلة الفنان، وتمثل هذه المجموعة أعمال الفنان من عام 1972 حتى وفاته، وتقول ابنته أغاتا التي تدير أرشيف الفنان في روما، والتي كتبت السيرة الذاتية لوالدها، وتترجم حاليا إلى الإنكليزية، "أنها طفولتي، وتعد مثالًا على موقفه تجاه عمله والأخرين، لقد كان أقل الناس احتفالا بذاته"، ويضم المعرض مجموعة صور ثلاثية الأبعاد، قدمها للفنان سول لي ويت ورسوم بالقلم الرصاص، بواسطة ابنته أغاتا، والتي تعد أول الأمثلة على تجاربه مع الطوابع البريدية والصور، التي التقطها لنفسه والأخرين، إضافة إلى إعلان الصحف عن وفاة الفنان بيكاسو.
ويعتبر المعرض الثاني في سلسلة، تضم 3 معارض بدأت في معرض تورنابوني في لندن، ويكون المعرض الأخير في فينيسيا في مؤسسة "سيني" خلالا لبينالي من 12 مايو/ أيار، إلى 12 يوليو/ تموز 2017، ويأتي المعرض باسم Minimo/Massimo برعاية لوكا ماسيمو باربيرا الباحث في أعمال بويتي و Hans Ulrich Obrist، ويضم المعرض أعمال الفنان الكاملة بعدة أحجام تترامح بين الصغير إلى الضخم.