لندن ماريا طبراني
خرج رجل الثلج الأوتزي, أخيرًا عن صمته, بعد أن رفض الحديثة ولو بكلمة واحدة بعد لقاء الموت العنيف منذ 5300 سنة, وباستخدام الأشعة المقطعية، استعاد العلماء بنجاح "أفضل تقريب" لأعماق صوت رجل العصر الحجري القديم, وقام الفريق بصياغة الحبال الصوتية والحنجرة والفم للمومياء بنجاح، مما سمح لهم بإنتاج ما قد يكون الحروف اللينة للأوتزي بشكل رقمي.
وأعلن كبير باحثي علم اللارينغو في مستشفى سان ماوريتسيو في بولزانو رولاندو فوتوس: "لا يمكننا أن نقول أننا قد أعدنا بناء صوت أوتزي الأصلي، لأنه يغيب عنا بعض المعلومات الهامة عن المومياء", وأضاف: "ولكن مع اثنين من القياسات لطول كل من الجهاز الصوتي والحبال الصوتية، كنا قادرين على إعادة تقريب موثوق به إلى حد ما لصوت المومياء وهذه نقطة انطلاق لمزيد من الأبحاث", وتابع, "عرضت العمل الأربعاء 21 أيلول/سبتمبر خلال مؤتمر كبير للاحتفال بالذكرى ال25 لاكتشاف مومياء في جبال الألب في وادي أوتز جنوب تيرول", حيث اكتشف الأوتزي على يد اثنين من المتنزهين في عام 1991، وقدم طوال الـ25 عامًا الماضية تحليل لباحثين أعطى لمحة عما كانت عليه حياتنا في 3300 قبل الميلاد، خلال العصر النحاسي, ومنذ أن تم سحبه من قبره الجليدي، قرر العلماء أنه على الأرجح تم قتل هذا الأوتزي عن طريق إطلاق سهم على كتفه, وقد ارتدت المومياء ملابس مصنوعة من جلد الأغنام والماعز والبقر، ووجد 61 وشمًا على جسده مع مزيج من الفحم والأعشاب.
وقال واحد من الباحثين، فرانشيسكو أفانتزيني لـCNN في وقت سابق من هذا العام عندما أعلن الفريق عن المشروع الجديد: "بالطبع، نحن لا نعرف ما اللغة التي تحدثوا بها قبل 5000 سنة، ولكن يجب أن نكون قادرين على إعادة صوت رنة الصوت من حرف العلة، ونأمل خلق محاكاة للحروف الساكنة أيضا", ولسماع صوت أوتزي، استخدم الفريق المعلومات المادية حول حنجرته، وزاوجوها مع بيانات الطاقة الصوتية التي يمكن أن تولدها, فيما استخدمت عرب صوتية لتكرار ذلك, وأتاح المسح المقطعي للباحثين تحريك ذراع الأوتزي رقميا، إلى جانب جمجمته وإعادة بناء الفقرات والعظام التي تدعم اللسان، دون أن يتسببوا في أي أضرار للجثة الهشة.
وذكر فرانشيسكو أفانتزيني، أخصائي الأنف والحنجرة ومعالج التلفظ في المستشفى العام في المدينة: "كان علينا التعامل مع وضع الأوتزي، والذي يغطي ذراعه حنجرته. وفي مشروعنا، هذا هو أسوأ وضع يمكن تخيله. علاوة على ذلك، فإن العظم اللامي، أو عظام اللسان، كانت متحركة وبغير موضعها".
وعلى الرغم من أن الأشعة المقطعية سمحت لهم بخلق أجزاء من جسم الأوتزي، كان على الفريق الاعتماد على النماذج الرياضية والبرامج التي تحاكي كيف تعمل المقاطع الصوتية من أجل الحصول على فكرة عن كثافة وتوتر الحبال الصوتية وسمكها وتكوينها، كما قال بييرو كوزي، وهو باحث في معهد العلوم المعرفية الإلكترونية والتكنولوجيا.
ومع كل تلك المعلومات، يتوقع العلماء أن تردد صوته يتراوح بين 100 هرتز و 150 هرتز، وهو ما يتماشى مع متوسط تردد صوت الذكور, وقدمت الأوتزي بالفعل للعلماء ثروة من المعلومات عن الحياة أثناء العصر البرونزي في وسط أوروبا, وفي البداية، كان يعتقد أنه تجمد حتى الموت في عاصفة ثلجية، ولكن الأشعة المقطعية قد كشفت أنه توفى بعنف مع وجود رأس من السهم الصوان في كتفه، حيث تمزقت أحد الأوعية الدموية الرئيسية, في حين أن جسده يحمل جروح وكسور في العظام جراء الموت العنيف، بينما يرجح أنه كان إما صياد أو محارب قتل في اشتباك مع قبيلة منافسة، كما وجدوا أنه كان يعاني التهاب في المفاصل, وكان حاملا أيضا لطفيلي يسمى الدودة السوطية، كما كان مصابا ببكتيريا هيليكوباكتر بيلوري المشتركة، الأمر الذي ساهم في تسليط الضوء على الهجرات الجماعية في الماضي.
وأظهر الحمض النووي له أنه كان ميالا للإصابة بأمراض القلب، وهو ما قدم أيضا لمحة عميقة في سلالته, وأوضحت دراسة حديثة أن والديه ينتمون لعائلات من مناطق مختلفة جدا من أوروبا, في حين أن سلالة والدته يبدو أنها تنحدر من عائلة جبال الألب، ووالده يأتي من خط وراثي موجود في السويد وبلغاريا, وبين تحليل معدته أنه كان يأكل وجبة من لحم الغزال، وعل جبال الألب، وحساء الشعير والخبز, كما يجري استخدام ثلاث أنواع من الأشعة المقطعية ثلاثية الأبعاد لجسم أوتزي لطباعة نسخة ثلاثية الأبعاد طبق الأصل من جسده.