دبي - جمال أبو سمرا
نشر حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قصيدة ترحيبية بشهر الخير شهر رمضان، بعنوان "أهلاً رمضان"، حملت نصاً روحانياً متكاملاً كأجمل ما يكون السبك، قدّم فيه دُرراً من السيرة النبوية وقبسات من نهجها المُبارك، فرمضان شهر العبادة والتقى، بنوره تدين الأرواح وتشهد، فهو شهر الإيمان والمرتل من القرآن، اختصه الله بنزول كتابه الحكيم، في ليلة خيرٍ من ألف شهر، هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، تتجدد آياته المحفوظة، صالحة لكل زمان ومكان:
أقبـــــــــــلْ كأجمَـــــل مــــــــــا يكــــــــــونُ المَوعِــــــــــدُ
وأنشـــــــــــــرْ ضيــــــــــاءَكَ للأنـــــــــــــامْ لِيَهتـــــــــــــدوا
رمضــــــــــــانُ يا شـــــــــــــهرَ العبــــــــــــادةِ والتُّقــــــــــــىَ
لاقَتــــــــــــــــــــكَ أرواحٌ بنـــــــــــــــــــوركَ تشـــــــــــــــــــهدُ
بِـــــــــــكَ أنـــــــــــزَلَ اللـــــــــــهُ الكتـــــــــــابَ مُبارَكــــــــــاً
آياتُــــــــــــــــــــــــهُ أنوارهـــــــــــــــــــــــا تَتَجَـــــــــــــــــــــــدَّدُ
غـــــــــــارٌ بـــــــــــهِ الهــــــــــادي محمــــــــــدُ أوحــــــــــداً
يــــــــــــأتي لــــــــــــهُ مَلَــــــــــــكٌ هُــــــــــــداهُ مؤكَّــــــــــــدُ
لَمَّـــــــــــا أتـــــــــــىَ جبريـــــــــــلُ بـــــــــــالآيِ الـــــــــــذي
حمَـــــــــــــــلَ البلاغَـــــــــــــــة جـــــــــــــــذوةً تتوقَّــــــــــــــدُ
ويقـــــــــــولُ إقـــــــــــرَأ يـــــــــــا محمــــــــــدُ بإســــــــــمِهِ
رَبِّـــــــــــي ورَبُّـــــــــــكَ مـــــــــــنْ يُطـــــــــــاعُ ويُعبَــــــــــدُ
يوظف الشيخ محمد في "أهلاً رمضان" قصة الإعجاز القرآني الذي تحدى به الله ذوي الفصاحة وأرباب النُهى، نور سماوي ولوح محفوظ رحمة للعالمين، لا يأتي الفصحاء بمثله وكذلك الإنس والجن، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً:
وبـــــــــــهِ تحـــــــــــدَّىَ اللــــــــــهُ أربــــــــــابَ النُّهــــــــــىَ
فــــــــــي أنْ يجـــــيءَ بمثلـــــــــهِ مـــــــــنْ ألحـــــــــدوا
نــــــــــــــــورٌ سمـــــــــــــــاويٌّ يشـــــــــــــــعُّ هدايَـــــــــــــــةً
يفنــــــــــــــىَ الزمــــــــــــــانُ وعلمـــــــــــــهُ لا ينْفَـــــــــــــدُ
لايبلــــــــــــــغُ الفصَــــــــــــــحاءُ مـــــــــــــنْ إعجـــــــــــــازهِ
لـــــــــــوْ آيـــــــــــةً عجـــــــــــزوا وعنــــــــــهُ تَبَلَّــــــــــدوا
مـــــــــــا الأمـــــــــــرُ هـــــــــــذا أيُّ قصَّــــــــــةِ فتنــــــــــةٍ
حَلَّـــــــــــتْ تقـــــــــــومُ لهـــــــــــا قُرَيــــــــــشُ وتقعُــــــــــدُ
ويُحَــــــــــــــرِّكُ النَّبَــــــــــــــأُ العظيـــــــــــــمُ سُـــــــــــــؤالَهمْ
مــــــــــــاذا يريــــــــــــدُ بمـــــــــــا يقـــــــــــولُ محمـــــــــــدُ
أيريـــــــــــدُ مُلكـــــــــــاً ســـــــــــوفَ نعقِــــــــــدُ تاجــــــــــهُ
ولــــــــــــــهُ الزَّعامــــــــــــــةُ والمَقـــــــــــــامُ الأمجَـــــــــــــدُ
أمْ أنَّهـــــــــــــــا إمـــــــــــــــرأةٌ نُزوِّجهــــــــــــــا لــــــــــــــهُ
أمْ شــــــــــــــاءَ مــــــــــــــالاً فالـــــــــــــدَّراهمُ توجَـــــــــــــدُ
أوْ مـــــــــــا بـــــــــــهِ مــــــــــرَضٌ فــــــــــإنَّ علاجَــــــــــهُ
مـــــــــــا يبتغـــــــــــي حيـــــــــــثُ الأطبَّــــــــــأ تُقصَــــــــــدُ
وليتـــــــــركِ الـــــــــدَّعوىَ التـــــــــي يـــــــــدعوا بهـــــــــا
ولعمِّـــــــــــــــهِ بجميـــــــــــــــعِ ذلـــــــــــــــكَ حَــــــــــــــدَّدوا
يتابع سموه رواية السيرة العطرة، ورفْض النبي الكريم إغراءات قريش، وما واجهه إزاء ذلك من حصار وما لاقاه من أذى، فكان صابراً مصابراً على الحق، لا يضيره جُحودهم للهدى، بالحكمة والموعظة الحسنة يدعوهم، وبأخلاقه الرفيعة يوجههم، فاستنفدوا السُبل، ولم يكن إجماع رأيهم الأخير إلا الحبس أو القتل، فاختاروا من أربعين قبيلة أربعين فارساً، وخططوا لقتله ليتفرق دمه بين القبائل، ولا يحيقُ المكر السيئ إلا بأهله، فربه أنجاه من مكرهم وعدوانهم، فهو نور مُبارك به اهتدت الأمم:
لــــــمْ يَــــــرضَ مــــــا عرضــــــوا ولـــــمْ يأبـــــهْ بهـــــمْ
فتبـــــــــــــــــــادروهُ وحاصــــــــــــــــــروهُ وهــــــــــــــــــدَّدوا
فـــــــــــــي دارِ نــــــــــــدوتهمْ وفــــــــــــي أســــــــــــواقهمْ
صخَــــــــــــــبٌ وتســــــــــــــفيهٌ وحقــــــــــــــدٌ أســـــــــــــوَدُ
يتــــــــــــــآمَرونَ عليـــــــــــــهِ شـــــــــــــارَكَ جَمعَهـــــــــــــمْ
إبليـــــــــسُ يَفْصِـــــــــلُ فـــــــــي الحَــــــــديثِ ويَشــــــــهَدُ
جَحــــــــــــدوا الهُــــــــــــدىَ وتصـــــــــــايحوا لـــــــــــدمارهِ
فـــــــــــي كُـــــــــــلِّ زاويـــــــــــةٍ جمـــــــــــوعٌ تُحشَــــــــــدُ
والــــــــــــــرأيُ كـــــــــــــانَ بحبســـــــــــــهِ أو قَتلـــــــــــــهِ
والقتــــــــــــــلُ حَــــــــــــــلُّ الظـــــــــــــالمينَ الأوحَـــــــــــــدُ
مــــــــــــــــنْ أربعيـــــــــــــــنَ قبيلـــــــــــــــةٍ قُرَشـــــــــــــــيَّةٍ
جمعـــــــــــــوا لـــــــــــــهُ فرســـــــــــــانهمْ وتَرَصَّـــــــــــــدوا
بيـــــــــضُ السُّــــــــيوفِ تريــــــــدُ شخصــــــــاً واحــــــــداً
مـــــــــــنْ بعــــــــــدِهِ النَّــــــــــورُ المبــــــــــاركُ يخمــــــــــدُ
يقدم ختامها مسكاً، عبر لغة قوية شفافة المضامين، تحمل نور رمضان، ورياحين الإيمان، التي نشرها نبي الهدى ورسول الله إلى العالمين، المُهاجر إلى الله وبالحق، من اهتدت بهداه الخلائق، وطاب المورد من نبع صافٍ زلال ومُبارك، يصوغها من نفحات الجود وهبوب رياحه المرسلة، التي تغشى الناس في شهر الرحمة تسعد وتفرح به النفوس، تبلغ أعلى درجات صفائها، تشرح النفس بالذكريات، ولنا في الرسول أسوة حسنة، فقد كان فيه قدوتنا ورسولنا الكريم، أجود بالخير من الريح المرسلة، وأكرم ما يكون، فهو الشهر الفضيل، الذي تجد فيه النفوس متسعها بالسماحة والإيمان والعبادة والخير، وتشحن القلوب من نفحاته طاقتها:
واللـــــــــــــــهُ مُكمـــــــــــــــلُ نـــــــــــــــورهِ ومُتِمِّـــــــــــــــهِ
والنَّصـــــــــــــرُ مــــــــــــنْ رَبِّ الخلائــــــــــــقِ يُعقَــــــــــــدُ
أنجــــــــــــــاهُ خالقـــــــــــــهُ وهـــــــــــــاجرَ وإهتـــــــــــــدتْ
بهـــــــــــــــداهُ أمَّتـــــــــــــــهُ وطـــــــــــــــابَ المــــــــــــــوردُ
رمضــــــــــــــانُ هـــــــــــــذي ذكريـــــــــــــاتٌ هِجْتَهـــــــــــــا
إنِّـــــــــــي بوجهـــــــــــكَ حيــــــــــنَ تُقبِــــــــــلُ أســــــــــعَدُ