لندن - سليم كرم
تعدّ السريالية تيارًا مؤثرًا ومهمًا في حياة مصر السياسية والثقافية الحديثة، وعلى الرغم من أهميتها، لاقت جحودًا وإنكارًا من المؤرخين والنقاد بصورة لا تتناسب مع ما قدمه، مبدعوها من إنجازات وأعمال خالدة ورائعة.
وافتتح متحف تيت ليفربول في لندن، السبت، معرضًا يحمل عنوان "السريالية في مصر: الفن والحرية 1938 – 1948"، ويأتي هذا المعرض بخلاف المعرض الذي تناول الحركة السريالية المصرية، والذي نظمته وزارة الثقافة المصرية بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون والثقافة، والذي عرض في قصر الفنون بدارالأوبرا وفي متحف القومي للفنون في كوريا الجنوبية.
وأوضح المتحف أن هذا المعرض يعتبر الأول عن "الفن والحرية"، وهي جماعة من الفنانين والكتاب كان مقرها في القاهرة، وجاء المعرض بالتعاون مع مؤسسة "مون بلان" الثقافية، وجامعة ليفربول، وفيما يخص بريطانيا، هنا ربما تكون قصة جون بايبر، الوحيدة فهو من أشاد برسم "Windsor Castle"، خلال الحرب العالمية الثانية، حيث القلاع المائية، حين كانت المنازل تهدم.
ويمكن رؤية أعماله على نوافذ الزجاج الملونة في كاتدرائيات ليفربول وكوفنتري لا تزال بالتأكيد من بين أكبر مساهماته في الفن الإنجليزي، ولكن ساخرة الملك تجمع معنى هذا المسح الغريب في متحف " Tate Liverpool"، حيث أحد لوحاته التي تبرز المناظر الطبيعية الإنجليزية والرومانسية الجديدة، وتلال منطقة ويلتشاير الناعمة وصولا إلى ساسكس داونز، وتشيلترنس حيث عاش لمدة 60 عاما، فهو فنان حرب تنقل إلى العديد من الأماكن.
ولفترة من الوقت كان بايبر مرتبطًا بجمعية السبعة والخمسة التابعة للفنان بن نيكولسون، وأنتجوا نقوش "نيكولسونيان" بألوان أحادية اللون مسطحة، وهنا أيضًا، قال إنه يكافح من أجل المساهمة بأي شيء من تلقاء نفسه، وهو يخلط الرمال مع الطلاء لإعطاء تلميح بحري.
وأراد بايبر الحفاظ على هذه التجريدات الفنية في النهاية، فالأمر أكثر من مجرد ممارسة للفن، وحاول شرح كل شيء على لوحاته، ولكنه في النهاية كان يعود إلى التقاليد الإنجليزية، وفيما يخص مصر، لا توجد أبواب بين هذا العرض والعرض القادم، فلا شيء يمكن أن يعيدك للغرابة المحضة للسيريالية في مصر، لتظهر جماعة تسمى "الفن والحرية" والتي لم تدم طويلان كما أن لها جذور سياسية، حيث بدأت في عام 1938، وعانت من اضطهاج النازية والفاشية في مصر، حيث ظهر هذا على أحد اللوحات، حيث بحيرة مرعبة وبها جثة تغرق، وكذلك تحليق نادر للطيور فوقها، وواحدة تتعلق بالفئران السوداء الشريرة، بعد تفجير المحور في الأسكندرية عام 1941.
واشتبك الرسامون والشعراء والمثقفون مع الشرطة في مقاهي القاهرة، وواحدة من الصور الأكثر إثارة للاهتمام هنا هي "كوبس دي باتونس" 1937، للرسام اليوناني المصري مايو، حيث الهراوات تسقط على حشد من الشخصيات، وقد درس مايو في باريس، وكان لذلك أثر على رسمله السيريالية ذات الطابع العالمي.
وتظهر السريالية النساء كمتمردات شجعان، وصورهم كذلك الرسام إتيان سفيد، الذي فر من المجر إلى القاهرة خلال الحرب، ووصل إلى قلب الحياة المزدوجة في القاهرة، حيث التماثيل الفرعونية والحداثة.
مايو هو الأشهر هنا، ويليه الفنان إيمي نمر، ذو الأصول الأوروبية ولكنه مولود في القاهرة، فلوحاته صادمة بدقة، حيث مرأة عارية يتم اصطيادها في شبكة مثل السمكة، كما أن المعرض أيضا التصوير الفوتوغرافي من قبل إيدا كار ولي ميلر، جنبًا إلى جنب مع أعمال جورج حنين، عضو مؤسس للفن والحرية وألبرت كوزري.