جدة – العرب اليوم
عرضت قناة MBC تجربة ميدانية في فقرة "ترند" من برنامج "MBC في أسبوع" عن معنى "العلمانية" و "الليبرالية" لدى الشارع السعودي، وكانت الصدمة الكبرى بنفور بعضهم من الإجابة، فيما آخرون ذهبوا إلى إلصاقها بالمظهر الخارجي للأشخاص، ونسبها أحدهم (أي الليبرالية والعلمانية) إلى عصر غابر كـ "عصر القرون الوسطى"، كما أن بعضهم لم يستطع نطق "الليبرالية" بالشكل الصحيح لها، ما دعاه إلى التهرب من اللقاء.
وطرحت سؤالا على عدد من المثقفين حول المسؤولية التعليمية والتثقيفية، وما الجهة المسؤولة عن الجهل بهذين المصطلحين؟، وكيف يمكن للمجتمع أن يستوعب المصطلحات الكبرى كمصطلحي "العلمانية والليبرالية".
عزا الدكتور عبدالله الكعيد الجهل بهذين المصطلحين إلى "عدم اكتمال نضج المجتمع فكرياً، وعدم حاجتهم إلى معرفة معانيها ومنهجيتها"، مشيراً إلى أنه "ليس مطلوبا من المثقفين توعية المجتمع بهذه المفردات لأنهم لن يتقبلوها بأي حال، لاعتبارهم أن هذه المفردات تغريبية ليس لها علاقة بالمجتمع ولا بالعقيدة كما يعتقدون، علما أن هذه المفردات شوهت من قبل تيارات معروفة ألصق بهذه المفردات صفات تنافي القيم المجتمعية".
ويعتقد الكعيد أنه ليس من الضرورة أن يعرف المجتمع مقومات وأسس الليبرالية وكيف نشأت ومتى، ولكن يجب إيضاح الفارق ما بينها والعلمانية "فمنهج العلمانية فصل الدين عن الدولة والحياة، ولكن الليبرالية منهج وخط سلوكي معين سواء في المجالات السلوكية والثقافية والاقتصادية وغيرها، وبهذا لا يمكن إقران المفردتين ببعضهما كما يقولون"، موضحا أنه "ليس الهدف أن نظهرها على السطح ليتبناها المجتمع، بل يجب ترك هذا الميدان الذي لا يتقبله المجتمع لمن يريد البحث والتنقيب".
وشدد الكعيد على وجوب التركيز على تأصيل قيم العمل والتآخي والوحدة الوطنية وترك المصطلحات التي "أغلق المجتمع الباب في وجهها منذ زمن طويل إلى الوقت فهو كفيل بإيضاحها لهم".
و اعتبر المشرف العام على مركز الملك فهد الثقافي بالرياض محمد السيف أن هذه المصطلحات شوهت من قبل بعض التيارات الإسلامية بشكل كبير وفسرت على غير معناها لتمثل صورة معاكسة أو مخالفة لما تحويه من أفكار، وأصبح كل من يخالف الأفكار العامة عرضة للاتهام بها، مشيرا إلى أن "الإعلام يتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية تثقيف المجتمع حول هذه المصطلحات وغيرها، ومن ثم يأتي الدور على المجتمع وتثقيف الفرد لنفسه".
وألقى الدكتور زيد الفضيل اللوم على ضعف الوعي التعليمي وشبه اختفائه لدى الأغلبية من أبناء المجتمع وعدم امتلاكهم أساسيات التعامل مع الأحداث وذلك حتى بعد تخرجهم من المرحلة الجامعية التي تستوجب تشكل الوعي التعليمي في أقصى درجاته ولكنها أشبه ما تكون عالقة في المرحلة المتوسطة ولم يختلف سوى انتقاله من مرحلة عمرية إلى أخرى، وهذا ما سبب "ضمور الوعي التعليمي".
وساند الناقد علي الشدوي الفضيل في رؤيته موضحاً أنه "ثمة شبكة من المفاهيم تشكل خلفية الإنسان المعرفية، فحين يتصرف، أو يفكر، أو يتحدث، فهو يسلم بوجود طريقة معينة بوصفها "شبكة من المفاهيم"، وتُبنى هذه شبكة من الحياة ومن التعليم ومن القراءة وغيرها".
ويعزو الشدوي غياب التصور الدقيق للمفاهيم إلى مجموعة من الأسباب "أولها التعليم، فحين يكون التعليم تلقينيا ومعتمدا على الحفظ لن يترك مجالا للمفاهيم لكي تتبلور"، مضيفا أن "المؤسسات الثقافية الأخرى حين تكون برامجها تقليدية فلن تجد مجالا للمفاهيم".
وشدد الشدوي أن "خطورة الجهل تكمن في فئة من المجتمع تحرف المفاهيم عن معناها فبدلا من أن تكون مفاهيم علمية أو فلسفية تحولها إلى مفاهيم أيديولوجية"، معتقدا أن "مفهومي: الليبرالية والعلمانية تعرضا في مجتمعنا إلى تشويه يحتاج جهدا إلى تعديله وتصحيحه".