مسقط -عمان اليوم
تعد قرية مسفاة العبريين بولاية الحمراء واحدة من كنوز عمان التراثية والسياحية الفريدة وذلك لما تتميز به من ثراء تراثي وتارخي نادر فبدءا من موقعها الفريد حيث تقع في حضن الجبل وعلى ارتفاع أكثر من 1000 كيلو متر إلى جمعها ما بين البيئة العمانية القديمة التي تتدرج ما بين الجبل والهضبة والسهل والوادي وما بين القلعة والفلج وما بين الطبيعة المناخية الرائعة التي تجعل الأجواء جميلة في درجة حرارة معتدلة طوال العام إلى سكانها وأهلها الطيبين الذين هم نموذج للشعب العماني الأصيل الذي يتميز بالطيبة والبساطة والشهامة والكرم ، ومما زاد المسفاة طيبا اللمسة الجمالية التي طالة البلدة في كثير من الأشياء من تطوير البيوت القديمة لتصبح نزلا تراثية جميلة بلمسة حضارية تأخذ من يقيم بها إلى الزمن الجميل والحياة العمانية الطبيعية البسيطة التي لم يمسها هوس ولا صخب الحياة المدنية الحديثة ولكن في أجواء من النظافة والسلامة والأمن والأمان والطمأنينة فتصبح لمن يزورها رحلة ليس للاستجمام والراحة فقط وإنما أشبه برحلة إنسانية في عالم الطمأنينة والسلام النفسي وغسل الروح من أدران صخب وحياة المدنية والتكنولوجيا المليئة بالضجيج والزحام والتكنولوجيا وهدر محركات السيارات والأجهزة والمعدات والأصوات المرتفعة مع ضجيج البشر الذي أصبح ذا صخب طابعا متوازي مع منظومة الحياة التي يعيشها.زرت المسفاة مؤخرا واستمتعت بكل هذا وأكثر فما بين الطبيعة التي تجمع ما بين الجبل والسهل والهضبة والوادي وما بين الطبيعة الجبلية والزراعية وما بين الأشجار والنخيل والنباتات وأشجار الفاكهة وما بين المنحدرات الجبلية والمدرجات الزراعية، وكذلك بين التراث والثقافة والنزل التراثية، ومابين اللمسة الحضارية التي وضعها أهالي وسكان البلدة بلمسات فنية جميلة وتطوير النزل التراثية لتصبح مكانا جميلا للإقامة مع المقاهي والمطاعم الحديثة التي جمعت ما بين الأسماء العمانية والأجنبية ممع جعل منها مكانا جميلا للراحة والاستجمام، مع حرص من جانب لآخر على تقديم كافة المأكولات والمشروبات العمانية التي صنعت في بيوت البلدة وبأيادي أبناءها مما يجعلك وكأنك ضيف محبب وصديق لأبناء القرية وغير هذا وذاك الكثير، ولكن ومن بين كل هذه الأشياء اكتشفت كنزا دفينا تراثيا تاريخيا حضاريا ثقافيا هناك فأردت أن أسلط الضوء عليه بعيدا عن بقية الأشياء الأخرى التي سأعود وأكتب عنها لاحقا.. هذا الكنز هو «بيت المسفاة للمقتنيات التراثية، والذي يقام بجهود شخصية لصاحبيه عبدالله بن زاهر العبري وشقيقه عبد الرحيم واللذان تمكنا من خلال جهود ذاتية خالصة من جمع العشرات بل المئات بل وتصل إلى الآلاف من القطع والمقتنيات التراثية التي استخدمت في البيئة العمانية قديما وعلى مدى مئات السنين وتغطي تلك المقتنيات التراثية الثمينة كل مناحي ومجالات الحياة من أدوات المأكل والمشرب وأدوات الزينة والملابس والحلي ومن أدوات الزراعة والفلاحة وكذلك الأسلحة وأدوات التجارة والحرف والصيد وأدوات الموسيقى والفنون وكل جوانب الحياة، كما وتتفاوت هذه المقتنيات من حيث العمرفمنها ما يمتد عمرها إلى سنوات أو ما يمتد عمرها إلى مئات السنين حيث يوجد منها مقتنيات يعود عمرها إلى أربعمائة سنة.يقول عبدالرحيم بن زاهر العبري، الشريك المؤسس وصاحب بيت المسفاة للمقتنيات التراثية ومديره: بدأنا العرض الفعلي للمقتنيات التراثية وافتتاح البيت قبل نحو عامين، ولكن الفكرة كانت من قبل ذلك حيث كان لدينا بعض المقتنيات التراثية التي لا بأس بها والتي رثناها عن الأسرة من الأباء والأجداد والتي أردنا أن يعم النفع بها على الجميع لأنه قد لا يتاح لكثير من الناس مثلها كما أن بعضها عرضة للإندثار وكذلك فإن كثير من الأجانب الذين يأتون إلى السلطنة قد لا يعرفون عن تاريخ السلطنة التراثي والثقافي ولا عن هذه الأشياء شيئا علاوة على أنه حتى الجيل الجديد من أبناءنا قد لا يعرف عنها ومن ثم ففكرة هذا البيت التراثي فكرة وطنية خالصة بهدف الحفاظ على تراثنا وإيصال المعلومات عنه لللآخرين من سياح وحتى الجيل الجديد من شبابنا وكذلك التنويع السياحة في القرية.
بالقرب من قلعة روغان
وأوضح عبدالرحيم قائلا: بدأنا العمل الفعلي بشراء هذا البيت المكون من ثلاثة طوابق واخترنا أن يكون في موقع متميز جدا حيث يطل على المسفاة من الأمام ومن الخلف تقع في ظهره قلعة روغان التي يرجع تاريخها إلى ما قبل الإسلام حيث يعود تاريخها إلى 1500 سنة وتحديدا منذ أيام الفرس والتي تعني الزيت وتتميز بموقعها الإستراتيجي في القرية من الناحية العسكرية.. وبعد أن رممنا البيت مع الحفاظ على طابعه التراثي الذي يعد جزءا أصيلا من الفكرة وعملناه على شكل بيت تراثي أو متحف وحرصنا في ترميم البيت على الحفاظ على الصبغة التراثية الموجودة والأشياء الجبلية ومن ثم بدأنا تباعا عرض هذه المنتجات التي جمعناها سواء عن طريق ما ورثناه عن الأباء والأجداد أو ما قمنا بشراءه حيث نذهب إلى أقصى الولايات في حالة ما عرفنا أن هناك مقتنى ويمكن شراءه، كما خاطبنا بعض الأسر التي لديها بعض من هذه النوعية من المنتجات وتريد المساهمة في هذا العمل الوطني وعرضها في البيت أو حتى بيعها وقد نجحنا في إرجاع الكثير من تلك المقتنيات.
وقال: من التحديات والصعوبات التي واجهتنا في الترميم صعوبة نقل الأشياء داخل القرية حيث لايوجد وسيلة نقل حديثة بسبب طبيعتها وحاراتها الضيقة ولكن لجأنا للحل عن طريق نقلها عن طريق الحمير مثلا، وبعد الانتهاء من الترميم بدأنا العرض تباعا.. وعن المقتنيات قال تضم الكثير منها الفخاريات والفضيات والخشبيات والأسلحة التقليدية والأدوات التي كانت تستخدم في الطبخ مثل الدلال والحلل والأطباق والأواني (التي تسمى محليا الصفر) وأيضا بعض الوسائل التي بدأت تظهرفي وقت ما مضي كوسائل تكنولوجيا حديثة والآن ينظر لها على أنها قديمة مثل أجهزة التلفاز والراديو والتسجيل (الكاست) البدائية وحتى البيانو والأدوات الموسيقية، وأيضا هناك غرفة للأدوات الزراعية من الفأس والقفير وغيرها الكثير، وأشار إلى أن تلك المقتنيات تتراوح أعمارها فمنها ما يعود إلى عشرات أو حتى مئات السنين ومن أقدمها مناديس قديمة تعود إلى ما قبل 400 سنة من زمن دولة اليعاربة، كما تمكنا من الحصول على الكثير من القطع القديمة جدا .
وقال: هناك أقبال كبير الآن على زيارة البيت ونحن نروج له عن طريق جميع وسائل التواصل الاجتماعي من انستجرام وتويتر وفيس بوك وواتس أب وسناب شات وغيره ولأجل الحفاظ على المكان مع توفير مصدر دخل بسيط يمكن من خلاله تطويره دائما وأيضا شراء ما قد نراه متاح أمامنا لشراءئه لاحقا ولذلك جعلنا رسوم دخول البيت مبلغ رمزي بسيط عبارة عن ريالين عمانيين فقط، ويشمل شرح من المرشد السياحي عن مقتنيات البيت التراثية وكذلك الحياة العمانية القديمة وتطورها مع عرض موجزعن تاريخ السلطنة والمسفاة، وبالنسبة لمن يقيمون في نزل المسفاة للضيافة تكون الزيارة مجانا، و لله الحمد فالمكان يلقى إقبالا كبيرا. وأشار العبري إلى أن جائحة فيروس كورونا أثرت على الإقبال السياحي و بالتالي على القرية وكذلك بيت المسفاة للمقتنيات التراثية ولكن مؤخرا ازدادت الحركة السياحية في المسفاة نوعا ما وبالتالي زاد الإقبال على زيارة البيت وخاصة من الموطنيين والمقيمين على أرض السلطنة وخاصة يومي الجمعة والسبت حيث عطلة نهاية الأسبوع. وأختتم عبد الرحيم العبري مؤكدا على مناشدة الجهات المسؤولة بدعم هذه المشاريع الوطنية ودعم الشباب العماني عموما.أما عبدالله بن زاهر العبري الشريك في بيت المسفاة للمقتنيات التراثية وصاحب نزل المسفاة للضيافة فقال: الآن السياحة التراثية والتي تسمى بالسياحة البنفسجية تكشل عصب السياحة لأن الأوروبي - حيث أن أغلب زورانا في السلطنة قبل كورونا من السياح الأوروبيين- يأتي هربا من صخب المدينة ومدنيتها واسمنتها وضجيجها إلى هذه القرى التراثية طمعا في الحياة البسيطة والطبيعة.
وقال عبدالله العبري: سعداء بأن نقوم بمثل هذا العمل الوطني في سبيل خدمة الوطن العزيز عمان وأن نصل لهذه الدرجة وهذا المستوى وجمع هذا الكم من المقتنيات التراثية الثمينة، ولكن وبكل صراحة تواجهنا بعض الإشكاليات والعراقيل والبيروقراطية في الإجراءات مما يعوق جهودنا وعملنا، وأضاف قائلا: يفترض من الجهات الحكومية المسؤولة عن السياحة في حالة ما لم يكن لها دور أو دعم لهذه الجهود التي يقوم بها المواطنيين والأهالي بجهود ذاتية خالصة أنه وعلى الأقل تبسط الإجراءات وأن تقدر الجهد المبذول من قبل الأهالي وأن تدعمهم ولو بالقول الحسن بكلمة شكر في هذه القرية أوغيرها، وألا تكون عائقا وعقبة تعوق جهودهم للتطوير السياحي، فنحن نشعر بأننا لو تقدمنا خطوة يرجعونا خطوتين، حيث يأتي مسؤول مزاجي ويستخدم الإجراءات كسلاح يصوبه ضدنا فيعطل ما نقوم به بالروتين الحكومي والبيروقراطية الرتيبة والمملة.
وتسائل عبدالله العبري عن زيارة وكيلة وزارة التراث والسياحة لشؤون السياحة مؤخرا إلى المسفاة وقال أنا كشخص يعمل في مجال السياحة وعلى مدى سنوات أشعر أن هذه الزيارة ليس لها جدوى وذلك لأنها جاءت بالليل وبدون سابق ترتيب مع القائمين على السياحة وفي مقهى لأنه قد يقول البعض أن الزيارة بدون علم للتفتيش، ولكن نقول لهم نحن لسنا جهات حكومية لتأتي تفتش علينا إذا كنا نعمل أم لا؟ وإذا كان ذلك كذلك فيجب أن تقوم به مع الموظفين التابعين للوزارة، وإذا كانت حجة التفتيش ولكن أعتقد أن دور الوزارة أكبر وهومناقشة خطط ورؤى سياحية واللقاء مع مطوري السياحة ومناقشتهم والتعرف على مشكلاتهم وأن يتم أخبارهم مسبقا بموعد الزيارة حتى يرتبوا جدولهم وأعمالهم وأفكارهم للحوار والنقاش حتى يكون اللقاء والحوار مثري ومن ثم السياحة تثري فعلا ولا ترثي.وقال العبري: الحمراء مقصد سياحي مهم والمسفاة جزء منها على مدار العام ونحن كعاملين في المجال ومستثمرين فيه نقولها بكل صراحة نحن لا نعرف ما هو التوجه ولا ما هي الضوابط ولا حتى ما هو المطلوب منا لأن السياحة لا تخاطبنا ولا تتعامل معنا ولا يوجد تواصل معنا بالشكل المطلوب، وأبسط ما نعانيه أنه لا يخاطبنا ولا أحد يسمعنا.
وتسائل عبدالله العبري قائلا: «بالمنطق بعد 50 عاما من النهضة هل يقبل أن جبل شمس بجانبيه الشرقي والغربي الذي يعد معلم عماني بارو لا توجد به دورة مياه عامة ولا توجد به خدمات ولا توجد شبكة اتصالات جيدة ولا يوجد أي خدمة أومقوم حديث ونحن نتحدث عن السياحة تثري أي إثراء في هذه الأجواء.. يعني هل يمكن أن يأتي الناس كسياح لكي لا تجد خدمات، فالسياحة ليست بالأمان والسلام فقط وإنما بالخدمات أيضا، فإذا جاء السائح الأجنبي ولم يجد الخدمات المطلوبة والأساسية وعاد إلى بلده فإنه سيتحدث عن تجربته وبالطبع سيتحدث عن عدم وجود الخدمات وهذا سيؤثر سلبا على السياح ولن يأتي لنا مرة ثانية كما سيؤثر على من كان يفكر في المجيء لأنه كما يقال «الحديث الشفوي وحديث الأشخاص لبعضهم عن تجاربهم يكون تأثيره أقوى.
قد يهمك ايضًا:
16 في المائة نسبة الإنجاز في مشروع تشييد شبكات المياه في ولاية الحمراء العُمانية