بغداد ـ نجلاء الطائي
اختتم مؤتمر التنسيق المعني بحماية التراث الثقافي في المناطق المحرّرة في العراق والذي نظّم لمدة يومين داخل مقر "اليونسكو" في باريس. وخلص المؤتمر إلى وضع خطة عمل طارئة على المدى المتوسط والبعيد من أجل الحفاظ على مواقع البلد الأثريّة التي تعود لآلاف السنين وما فيها من غنى وتنوّع، بالإضافة إلى المتاحف والتراث الديني والمدن التاريخيّة.
وكان وزير الثقافة والسياحة والآثار فرياد رواندزي طالب في كلمة ألقاها، الخميس 23/شباط، منظمة "اليونسكو" بتفعيل لجنة التنسيق الدولية لصون التراث الثقافي العراقي (IC C) التي كانت قد تأسست عام 2003، من أجل تقديم المشورة إلى المدير العام لـ"اليونسكو"، بشأن التدابير الواجب اتباعها لتعزيز التعاون الدولي وتحسينه لصون التراث العراقي.
واتفق مسؤولون عراقيون ونحو 80 عالم آثار جاءوا من جميع أنحاء العالم للمشاركة في الاجتماع على إنشاء لجنة توجيهيّة مشتركة بين "اليونسكو" والعراق تتمثّل مهامها في تنسيق ودعم المبادرات العديدة على الصعيدين الوطني والدولي لإعادة ترميم التراث الثقافي في العراق. وقالت المديرة العامة لـ"اليونسكو"، إيرينا بوكوفا، "إنّ مدى الدمار كان أعظم من المخاوف"، ووصفت اجتماع باريس بأنّه نقطة الانطلاق في عمليّة ترميم طويلة للتراث والتي من المحتمل أن تستغرق عقوداً من العمل.
وأضافت "إنها نقطة تحول بالنسبة إلى الشعب العراقي، كما أنّها نقطة تحوّل في فهم العالم لدور التراث في المجتمعات الواقعة تحت الصراع". وقالت بوكوفا: "بدأت "اليونسكو" بالفعل جهودها العمليّة على أرض الواقع من أجل دعم العراق في جهوده لحماية التراث والممتلكات الأكثر عرضة للخطر، بالإضافة إلى تسوير وحراسة المواقع"، في إشارة إلى إرسال بعثات طارئة إلى مدينتي نينوى والنمرود، قبل نحو ثلاثة أشهر وبعثة تقييم الدمار الحاصل التي أرسلت مؤخراً إلى موقع التراث العالمي في آشور.
من جهته أكد وكيل وزير الثقافة والسياحة والآثار، قيس رشيد، أن المتطرفين تسببوا بأضرار جسيمة في المواقع الأثريّة الهامة على الصعيد العالمي، حيث دمّروا ما يعادل 70% و80% من الآثار في مدينتي نينوى والنمرود على التوالي، كما قاموا بحفر الأنفاق بطرق ممنهجة في مدينة الموصل وغيرها من المواقع بحثاً عن الآثار بغية بيعها على الانترنت والسوق السوداء
وركّز وزير الثقافة فرياد رواندزي على الحاجة الملحّة إلى وضع حدّ للإتجار بالآثار العراقيّة، مستشهداً بالقرار رقم 2199 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والذي ينص على حظر جميع أشكال الإتجار الثقافي في العراق وسورية، مشدداً على ضرورة إيقاف تمويل حركة "داعش". وتخلّل الاجتماع جلسة لممثلي الدول الأعضاء لدى "اليونسكو" والبالغ عددهم 195 دولة عضواً، لاطلاعهم على أعمال المؤتمر بهدف حشد دعمهم وجمع التمويل اللازم من أجل تنفيذ أولويّات الحماية الاستراتيجيّة والتي جرى تحديدها خلال الاجتماع. وهذه الأولويات هي: المواقع الأثريّة والمتاحف والقطع الأثريّة فيها، ومواقع التراث العالمي، والمواقع المدرجة على القائمة الإرشاديّة المؤقتة (والمتوقع ترشيحها في ما بعد لإدراجها على قائمة التراث العالمي)، والمخطوطات التاريخيّة، والمباني التاريخيّة، والتراث المدني العمراني والتراث الديني.
يُذكر أن العديد من الإجراءات التي تمّ وضعها اعتبرت طارئة لا سيما ما يعني منها بالحاجة إلى تقييم شامل للدمار وحماية وتسييج المواقع المعرضة للخطر. ومن جهته قال وزير التربية محمد إقبال عمر: "حاول "داعش" طمس ثقافتنا وهويتنا وتنوعنا وتاريخنا بالإضافة إلى ركائز حضاراتنا ولكنّ كل محاولاته باءت بالفشل، وإنّني من هنا أدعو العالم إلى الوقوف بجانبنا ومساعدتنا." وتم تنظيم المؤتمر بالتعاون بين "اليونسكو" ووزارة الثقافة العراقيّة، وبتمويل من الحكومة اليابانيّة وذلك في إطار مشروع الصون والحفاظ على مجموعات المتاحف والتراث الثقافي المعرّض للخطر في العراق.