بغداد - نجلاء الطائي
فشل المثقفون في العراق في الاتفاق على أهم حدث ثقافي حصل في عام 2016، فمعظم الأحداث، بحسب أراء فنانين ومبدعين ، مرّت مرور الكرام، ولم تأخذ صداها الذي ينتظرونه مقابل ركود تمر به وزارة الثقافة العراقية، نتيجة التقشف الحكومي الكبير وعجز ميزانية الدولة، وأبرز حدث ثقافي حصل في عام 2016 كان تصويت اليونسكو على إدراج الأهوار والمناطق الأثرية في العراق على لائحة التراث العالمي، بعد تصويت جميع الأعضاء بالموافقة.
وقررت المنظمة الموافقة على ضم الأهوار والمناطق الأثرية في العراق على لائحة التراث العالمي، بعد تصويت جميع أعضائها بالموافقة، وأضافت المنظمة، أن "قرار الضم شمل 3 مدن قديمة و4 أهوار في العراق" بعدما حظي الطلب الذي تقدم به البلاد بدعم دول "الكويت ولبنان وإيران وفرنسا وكازاخستان وفنلندا وإندونيسيا والبرتغال وتونس وتنزانيا وفيتنام واليابان والبيرو"
وأوضحت السفارة العراقية في أن "هذا الإنجاز يعد إضافة مهمة لقائمة التراث العراقي ونجاحا كبيرا تحقق بفضل دعم مكتب رئيس الجمهورية ورئاسة الوزراء وقيادة وزارة الخارجية العراقية بالتعاون مع أعضاء الوفد العراقي الذي ضم عددا كبيرا من المتخصصين والخبراء في مجالات متنوعة ومن وزارات وهيئات عراقية متخصصة"، وكان عضو الوفد العراقي المشارك في اجتماعات لجان منظمة اليونسكو الـ40 التي عقدت في مدينة إسطنبول التركية ليث شبر أعلن، الأحد، عن بدء مناقشة الملف العراقي بشأن ضم الأهوار والمواقع الأثرية إلى لائحة التراث العالمي، وعرضت الفرقة الوطنية للتمثيل، على خشبة المسرح الوطني وسط العاصمة بغداد، مسرحية (مكاشفات) التي تجسد الصراع الأزلي بين الديكتاتورية والضحية، حيث تُحاكم الديكتاتورية ورمزها الحجاج الموجود في كلّ زمان ومكان، وفي إسقاط واضح على واقعنا العراقي والعربي الراهن، مسرحية "مكاشفات" أعدّها الفنان الراحل قاسم محمد قبل عقدين، وقد اقترح حينها على الفنان غانم حميد إخراجها وقد حاول فعلا عام 1998، بعد أن أجازها وتبناها المركز العراقي للمسرح إلا أن النظام السابق منعها بعد ستة عشر يوماً من التدريبات لتبقى طي الإدراج طيلة 20 عاما، وسعى المخرج غانم حميد في العرض الذي نهض به في دوري عائشة والحجاج الفنانان القديران شذى سالم و ميمون الخالدي، إلى خلق محاكاة بين الماضي والحاضر، من خلال مفاهيم: الشعب، والمعارضة، والسلطة الديكتاتورية، عبّرت عنها مونولوجات، وديالوجات العرض بلغة شعرية بليغة، تحمل عناصر متعة وتشويق ثقافيتين تفتقر لها إعداد كبيرة من أعمالنا المسرحية.
وأعلنت وزارة الثقافة العراقية أسماء الفائزين بجائزة الإبداع لعام 2015 في دورتها الأولى في مجالات سبق لها ان حددتها من اجل التنافس بين المبدعين العراقيين وقد تم اختيار فائز واحد عن كل مجال منها ،من خلال اللجنة المركزية العليا للجائزة، وقد حصد الرسام الكبير طالب مكي جائزة أفضل رسم، وحصد القاص والروائي محمد الكاظم جائزة أفضل نص سردي فيما نال الناقد الدكتور محمد صابر عبيد جائزة أفضل نقد تطبيقي وحصد المخرج المسرحي كاظم نصار جائزة أفضل إخراج مسرحي فيما نال عبد الإله النصراوي جائزة علم الاجتماع، ووزع على الفائزين الخمسة أوسكار الجائزة الذي يمثل عملاً نحتياً مصنوعاً من البرونز على شكل زهرة، وهو من أعمال النحات العراقي زيد عدنان، إضافة إلى جائزة نقدية بقيمة 5000 دولار لكلّ فائز ، في حفل أقيم في فندق فلسطين وسط بغداد، وقطعت وزارة الثقافة وعدًا على نفسها منذ الإعلان عن جائزة الإبداع العراقي في العام 2016 ، في رفع شأن المبدعين من خلال تبنيها وإشرافها على الجائزة ، بما تحمل من معنى حقيقي لقيمتها الجمالية وذائقتها الحسية للجمهور والمثقفين على وجه الخصوص .
وانطلقت النسخة الثانية لجائزة الإبداع العراقي لعام 2016 ، والتي شملت تسعة فروع في الأدب والموسيقى والسينما والفن التشكيلي والدراسات الإنسانية والتمثيل والترجمة والتصوير الفوتوغرافي، بتشكيل فريق عمل ترأسه وزير الثقافة والسياحة والآثار فرياد رواندزي المشرف على الجائزة بحضور أيقونة المسرح العراقي الدكتور سامي عبد الحميد وأعضاء اللجنة العليا لجائزة الإبداع الدكتور صالح الصحن و ناجح المعموري و نصير فليح والمستشار الثقافي للوزارة الدكتور حامد الراوي، وخلصت اللجنة إلى تشكيل لجان فرعية تأخذ على عاتقها رأي المثقفين والفنانين من أصحاب الخبرة والتجارب.
وطرح وزير الثقافة فكرة ﻻقت استحسان أعضاء اللجنة العليا لجائزة الإبداع العراقي، تمثلت في كتابة نظام داخلي للجائزة التي تمنحها الوزارة سنويا ليكون رديفا للقانون الذي ينظم عمل الجائزة في المستقبل، وذلك لأجل توحيد الجوائز السابقة التي كانت تمنحها دوائر الوزارة، وجعلها جائزة مركزية واحدة تليق بالمثقف والمبدع العراقي، وتكون ذات قيمة معنوية واعتبارية.
وشارك العراق في مهرجان الفجر الدولي للسينما والمسرح في العاصمة الإيرانية طهران في شهر شباط بمسرحية (سيكزوفرنك) الصامتة من تمثيل الفرقة الحرة وإخراج حسين ياسر ، وشاركت الفرقة الوطنية للفنون الشعبية التابعة لدائرة السينما والمسرح في مهرجان القرين الدولي الثاني والعشرين في دولة الكويت الشقيقة حيث قدمت الفرقة التي يقودها الفنان فؤاد ذنون مخرجاً ومصمماً، مجموعة من الرقصات الفنية الفلكلورية والتراثية على مسرح عبد الحسين عبد الرضا، وقدمت الفرقة رقصات عراقية من أقليم كردستان والبصرة والرمادي والعمارة والناصرية والمناطق الغربية والشرقية والجنوبية والشمالية من خلال إثنتي عشرة لوحة مع فواصل موسيقية فلكلورية متنوعة. وتم تكريم الفرقة بلوح إبداع المهرجان لمديرها الفنان فؤاد ذنون.
واحيت فرقة (انغام الرافدين) للجالغي البغدادي أمسية غنائية في ثاني أيام الأسبوع الثقافي العراقي في صفاقس عاصمة الثقافة العربية/2016، وارتدى السراي خلال تقديمه للحفل (سدراة فيصلية) أهل بغداد، ليعرف الجمهور التونسي بأحد الرموز البغدادية قائلا: "أتعرفون ما تسمى تلك، إنها السدارة التي يلبسها العراقيون في بغداد، لذلك يبقي العراقي رأسه مرفوعا حين يمشي، فظل مرفوعا أبدا"، كما عرف الجمهور بفرقة أنغام الرافدين وهي فرقة معنية بالتراث العراقي الغنائي المتمثل بالمقام العراقي والأشكال المتنوعة المتفرعة منه، وبدأت الفرقة بعد ذلك أغانيها بقيادة الفنان طه غريب قارئ المقام وعازف الجوزة، والفنان صباح هاشم قارئ المقام وعازف آلة السنطور، والفنان ستار ناجي قارئ المقام وعازف آلة العود، والفنان قيس عبد الرزاق قارئ المقام وضارب آلة الرق، والفنان صباح كاظم ضارب الإيقاع، وتم استضافة الفنان المطرب قاسم إسماعيل لتقديم عددا من المقامات والبستات العراقية، التي تفاعل الجمهور معها طربا وغناء فطالبوا بالمزيد من أغاني ناظم الغزالي، لتستمر الحفلة إلى وقت أطول من المقرر.
واختتمت فعاليات مهرجان بابل الثالث للثقافة والفنون في المدينة الأثرية، في 21 أيار 2016، بتكريم عدد من المبدعين بجائزة بابل للأبداع الإنساني، في حين أكد مدير المهرجان انه سيستمر في الأعوام المقبلة وسيشمل فعاليات أوسع، وشهد المهرجان حضوراً مكثفاً من المفكرين العرب والأجانب والعراقيين فضلا عن الفنانين من اغلب بقاع العالم، بالإضافة إلى عرض الفلم الكبير(محمد رسول الله) للمخرج الإيراني العالمي مجيد مجيدي ومعارض تشكيلية لفنانين عراقيين كبار بينهم الفنان التشكيلي مؤيد محسن.
وضمت هذه السنة موت عدد من نجوم عراقية بارزة، ومنهم زها حديد (65 عاما)، المهندسة المعمارية البريطانية-العراقية التي فارقت الحياة بأزمة قلبية بعدما دخلت التاريخ كأول امرأة تفوز بجائزة "بريتزكر" التي تعد بمثابة "نوبل" للهندسة المعمارية في 2004، وأول امرأة أيضا تنال الميدالية الذهبية الملكية للهندسة المعمارية في 2015، والفنانة الكوميدية امل طه (60عاما) الفنانة العراقية، ممثلة كوميدية من مواليد 1956، من محافظة ذي قار، التحقت بكلية الفنون الجميلة، قسم الفنون المسرحية، عام 1974، و تخرجت منها سنة 1978، ويوسف العاني (89 عاما)، الفنان المسرحي العراقي الكبير الذي لقب "فنان الشعب" فارق الحياة في مستشفى بالعاصمة الأردنية بعد معاناة طويلة مع المرض، وأخيرا جلال خورشيد ..من المطربين العراقيين البارزين الذين ظهروا أواخر ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي، وقدم أغاني لاقت نجاحا في الشارع العراقي. .
ويشكل انطلاق المظاهرات الشعبية العارمة التي غطت معظم المحافظات العراقية، ومشاركة الشباب فيها، خصوصا المثقفين، حدثا مهما بالنسبة لكثيرين، باعتبارها خطوة لأجل التصحيح والقضاء على الفساد خصوصا المثقفين، حدثا مهما بالنسبة لكثيرين، باعتبارها خطوة لأجل التصحيح والقضاء على الفساد والمحاصصة المستشري في البلاد، ويقول الناشط المدني جاسم الحلفي: "أهم حدث هذا العام هو المظاهرات الشعبية الكبرى التي انطلقت أواسط هذه السنة، وشكل فيها الشباب والمثقفين حضورا لافتا بتطلعاتهم إلى دولة مدنية والرافضين للطائفية والانقسام والمتصدين للفساد والمفسدين والداعين إلى إعادة البناء السياسي من بناء على أساس المحاصصة إلى بناء على أساس المواطنة، ببعدها الوطني، كونها امتدت على جميع المحافظات العراقية، عدا المحافظات التي يسيطر عليها (داعش)، ورفع علم العراق في تلك المظاهرات في تأكيد على رمزية الدولة"، وأيده الإعلامي والكاتب عماد جاسم قائلا: "المظاهرات الشعبية التي عمت البلاد تعد الحدث الأبرز ثقافي وإعلاميا، لأن أصل أي تغيير في البلاد تقوده النخب المثقفة فيه، ونحن مستمرون حتى تحقيق مطالب ساحات التحرير في كل أنحاء العراق"، ويرى الدكتور حامد الراوي، المستشار الثقافي لوزارة الثقافة والسياحة والآثار العراقية، أن توسيع جوائز الإبداع لجدب أعداد كثيرة من الفنانين بشكلها المختلف والإصرار على إدخال عنصر التنافس للحصول على الجوائز العربية"، في وقت كان المثقفون والفنانون وعموم الجمهور يطمحون إلى إنشاء دار سينما أو صالة مسرح جديدة تضفي إلى أيامهم بعض الحضور والعودة إلى أيام الفن والثقافة السابقين، لكن أيا من ذلك لم توفره وزارة الثقافة، عدا ما يحسب لها من محاولة محاسبة بعض الطارئين والمفسدين فيها من مديري عموم وغيرهم من الموظفين.