أبوظبي ـ العرب اليوم
يمكن اعتبار جلسة "اللوفر أبوظبي: حوارات الفنون (النشوء)" التي استضافها "فن أبوظبي 8"، أمس الأول، استثنائية، بعد أن كشفت عن أهمية اللوفر أبوظبي، كمتحف عالمي لكل الحضارات الإنسانية، ثم الإعلان عن أعمال عالمية نادرة ستنضم إلى مقتنياته بعد افتتاحه، ثم النظرة البديعة إلى العمل الفني باعتباره رسالة ثقافية، يمكن أن نواجه بها تحديات العصر.
المتحدث الرئيسي في الجلسة التشكيلي الإيطالي "جوسيبي بينوني - مواليد 1947"، ومديرها "جان فرانسوا شارنيه" المدير العلمي لوكالة متاحف فرنسا، الذي استعرض في مستهل حديثه، تجربة بينوني، الذي ارتبط بمقومات الحركات الفنية المناهضة للحركات التقليدية، مطلع الستينيات، ثم عرض للجمهور سيرة بينوني الفنية، منذ ولادته في مدينة غارسيو الإيطالية، حتى تخرجه في أكاديمية الفنون الجميلة بمدينة تورينو، عام 1970، متعرضاً للوحاته ومنحوتاته، المعروضة في جملة متاحف وحدائق عالمية.
بعدها، تحدث بينوني عن تجربته الفنية، الملتصقة بالطبيعة، باعتبارها نموذجاً ملهماً، وعرض نحو 68 عملاً، من مجموعته النحتية الكلاسيكية، معظمها من جذوع الأشجار الضخمة التي أصابتها العواصف، أو الصواعق، وكيفية الاشتغال عليها، كي تبدو وكأنها تنمو من جديد، مثل العمل الذي تم تنفيذه عام 2003، وقدّم من خلاله 3 منحوتات شجرية على شكل (فازة الورد) وقد تقمصت في تكوينها الجسد الإنساني، وقال في ذلك: ثمة عامل الحياة الواجب حضوره في العمل الفني، وبخاصة هذا العمل الذي أخذ شكل الجسد، وكيف يستنشق الهواء والغبار، وكان من أهم أعمالي النوعية لعروض الحدائق، ثم عرض عملاً نحتياً لصخرة وقطع حجرية تم استخراجها من البحر، وعلق قائلاً: "قمت في هذه المنحوتة بشيء مماثل لما يقوم به النهر وإبراز تأثيرات عوامل حركة المياه على الحجر، الصامت، المتحرك داخلياً جراء التقنية النحتية".
وكان لافتاً أن يعرض بينوني، عملاً نحتياً من البرونز، وهو عبارة عن غصن شجرة متصل بشكل يشبه يد الإنسان، تخرج منه تعرجات الماء الساقطة على الأرض، كما قدّم عملاً يعود للعام 1999، وعرض في حديقة تنيوري بباريس، لشجرة متشكلة على الأرض وكأن أغصانها تنظر إلى فضاءات المكان، وقال: "إن التفاهم بين شجرة ميتة، وأشجار حيّة في الحديقة، يعكس ضمناً ثنائية الحياة والموت، في إطار من تقنية الحفر والتركيب والصقل".
عرض بينوني العديد من أعماله النادرة، كمجموعة الجذوع المفرغة من الداخل، مع التركيز على الضوء المنعكس على العمل الفني، ثم منحوتات من أشجار الكرز، المصقولة بالبرونز، منتقلاً إلى جملة من أعماله التي ستكون من ضمن مقتنيات اللوفر أبوظبي لاحقاً، ومنها عمل ينبع من فكرة بصمة الأصبع، موضحاً أن فكرة وجودنا مؤكدة من بصمة اليد، باعتبارها الهوية الفردية لكل منا، ثم تحدث عن بصمة المغفور له الشيخ زايد، وقال: "أستطيع صنع عمل فني لهذه البصمة، ويكون امتداداً لرؤية أعمال فنية مصنوعة من البورسلين والسيراميك، من البصمة التي تحيط بها تموجات دائرية محفوفة بدقة متناهية".
أما آخر عمل تحدث عنه بينوني، من ضمن المقتنيات المرتقبة للوفر أبوظبي، فهو عبارة عن فازة مصنوعة من معادن محلية مكسوة بتربة من الإمارات، مع خليط من الألوان والأتربة، وهو ما يمثل في النهاية تكوينا يكشف روح الهوية وجمال التعايش.