القاهرة - العرب اليوم
أثار قرار وزارة الآثار المصرية بنقل مواقع أثرية من مكانها إلى متاحف جديدة، جدلاً في الأوساط الأثرية في مصر، بعدما رفض عدد من الآثاريين هذه القرارات بدعوى أنها تهدد الأثر وتدمره، بينما يدافع آخرون عن القرار بحجة حمايتها، وتجددت حالة الجدل حول نقل الآثار من أماكنها الأصلية عقب تداول أنباء عن نقل مقبرة حديثة مكتشفة في محافظة سوهاج (جنوب القاهرة)، إلى المتحف المزمع إنشاؤه في العاصمة الإدارية الجديدة، (شرق القاهرة).
يأتي ذلك بعد أيام قليلة من الانتقادات التي وجهت للوزارة بسبب عزمها نقل حمام أثري من العصر البطلمي في شمال سيناء إلى متحف شرم الشيخ (جنوب سيناء) الذي يجري إنشاؤه حالياً.
وقالت مصادر في وزارة الآثار لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوزارة بدأت بالفعل تقطيع مقبرة (توتو) في منطقة الديابات بمحافظة سوهاج، بعد توثيق المقبرة، وتقسيم جدرانها إلى أجزاء عدة على شكل مربعات؛ تمهيداً لنقلها إلى المخازن، وبعدها إلى متحف العاصمة الإدارية الجديدة».
اقرا ايضا:
معرض النماذج والمستنسخات في إيطاليا يستقبل 30ألف زائر
وكانت وزارة الآثار قد أعلنت في أبريل (نيسان) الماضي، عن اكتشاف مقبرة توتو وزوجته تا شريت إيزيس، التي كانت تشغل منصب عازفة الصلاصل (الشخشيخة) الخاصة بالآلهة حتحور، وتحوي جدران المقبرة مجموعة من الرسوم والنقوش الملونة.
وأعرب الدكتور محمد صالح، أستاذ الآثار وعضو اللجنة الدائمة للآثار المصرية السابق، على صفحته على موقع «فيسبوك»، عن أسفه وحزنه لهذا القرار، متسائلاً: «كيف وافقت اللجنة الدائمة على مثل هذا القرار الخاطئ؟، ولماذا لم تستخدم آلاف القطع المعروضة في المخازن بالمتحف بدلاً من تقطيع المقبرة».
وقالت الدكتورة مونيكا حنا، رئيسة وحدة الآثار والتراث في الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحدث الآن يذكّرنا بما فعلته البعثات الأجنبية العاملة في مصر في عصور سابقة، حيث كانت تقطع المقابر وتنقلها إلى متاحفها»، مشيرة إلى أن «نقل الآثار له شروط، من بينها أن يكون الأثر عرضة لخطر داهم»، لافتة إلى «قرار نقل حمام تل الحير الأثري في شمال سيناء إلى متحف شرم الشيخ بحجة تعرضه لمخاطر الرياح». وأضافت أن «الحديث عن تأثير الرياح غير منطقي؛ فجميع الآثار المصرية عرضة للرياح»، مشيرة إلى أن «نحو 20 أستاذاً للآثار في الجامعات المصرية وقّعوا على خطاب أُرسل إلى رئيس الجمهورية لوقف قرار النقل حمام تل الحير؛ لأنه تدمير للمنطقة الأثرية من دون مبرّر حقيقي».
وكانت اللجنة الدائمة للآثار المصرية قد أصدرت أخيراً قراراً بنقل حمّام تل الحير الأثري من موقعه بمنطقة تل الحير في شمال سيناء إلى متحف شرم الشيخ؛ مما أثار حالة من الجدل، التي تصاعدت حتى وصلت إلى ساحة البرلمان، حيث تقدمت نادية هنري، عضو مجلس النواب المصري، بطلب إحاطة إلى الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، للمطالبة بوقف قرار نقل الحمام الأثري.
ويرجع حمّام تل الحير إلى العصر البطلمي، ويقع في منطقة تل الحير الأثرية بسيناء، على بعد 20 كم من قناة السويس، وهو مبني من الطوب الأحمر على مساحة 465 متراً، ويضم بئراً عمقها ستة أمتار.
من جانبه، قال الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار ومكتشف حمّام تل الحير، إن «نقله يعد تدميراً للأثر، وسابقة لم تحدث من قبل». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أنه «أول اكتشاف لبعثة مصرية بعد عودة سيناء، وهو الحمّام الوحيد المكتمل من بين 22 حماماً أثرياً مماثلاً على مستوى الجمهورية»، موضحاً أن «منطقة شمال سيناء فيها خمسة حمّامات أثرية من الطراز نفسه».
ولم تصدر وزارة الآثار المصرية أي بيانات رسمية بشأن نقل الحمّام أو المقبرة، لكن بعض مسؤوليها شرحوا مبرّرات نقله لوسائل الإعلام.
وتعقيباً على الأمر، أوضح غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية للترميم في وزارة الآثار، بأن «قرار النقل جاء لدرء الخطورة عن الحمّام الأثري». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخطورة متمثلة في الطريق المؤدية لمدينة العريش جنوب الحمّام، التي ترتفع عن مستوى سطح الحمام بمسافة ثلاثة أمتار، وشمالاً يوجد تل الحير الأثري الذي يرتفع عن الحمّام بمسافة أربعة أمتار؛ مما يجعله وسط مصيدة رياح شديدة تعرّضه للدّمار».
في سياق متصل، أعلنت وزارة الآثار المصرية، أمس، الانتهاء من أعمال ترميم وصيانة معبد بطليموس الثاني عشر غرب مدينة سوهاج، كما أعلنت عن اكتشاف بقايا مبنى أثري يعود للعصر الروماني اليوناني في تل الفرما بشمال سيناء، ويرجح أنه كان يُستغل مقراً لمجلس الشيوخ في تلك الفترة.
قد يهمك ايضا: