الرياض - العرب اليوم
أطلقت الفنانة السعودية مها الملوح سلسلة من الأعمال الفنية المبهرة، تحت عنوان " غذاء للفكر"، ضمنتها رؤيتها وتحليلها لظواهر شهدها المجتمع السعودي خلال الثمانينات، شكلت وصاغت أجيالاً ونتج عنها تيارات اجتماعية وفكرية مختلفة.
وبتنويعات على "غذاء للفكر" وتحت عنوان "أما بعد"، تقدم الملوح معرضها في بينالي البندقية المقام حالياً، وذلك في غاليري سلمى فرياني، ويعد عملها المشاركة السعودية الرسمية في البينالي.قالت مرة في التعليق على أعمالها: "أستمد من وطني الإلهام لأعمالي الفنية، من الصور والأفكار المتناقضة. الفن الجيد برأيي يجبرك على التمهل لتتأمل وتفكر بما يدور حولك".
في عرض "أما بعد" تستخدم الملوح صواني الخبز الخشبية تملأها بأشرطة الكاسيت الوعظية، وتلجأ لتلوينها لتكون كلمات وجملاً تكررت كثيراً في تلك الأشرطة. يمثل عنوانها جملة تكررت كثيراً في تلك الأشرطة وربما أيضاً يشير إلى المرحلة التالية من الفكر المقدم على هذه التسجيلات. الماضي كما تقدمه الملوح هنا له شقان؛ ماضٍ تحن له وتحمل له ذكريات حميمة من خلال صواني الخبز الخشبية وذكريات الطفولة ورائحة الخبز الطازج الذي يجمع أفراد العائلة معاً، وهناك أيضاً ماضٍ أطلق مشاعر سلبية وغير حياة الكثيرين وليس للأفضل.في معرض تعليقها على مشاركتها في بينالي البندقية قالت الفنانة: "دعيت لأعرض عملي مع 120 فناناً من 51 بلداً تم اختيارهم من قبل المنسقة الفنية كريستين ماسيل. بينالي البندقية أكبر فعالية فنية عالمية وفرصة نادرة للفنانين لعرض أعمالهم، ولهذا فأنا أشعر بالامتنان لدعوتي للمشاركة هذا العام".
ما يبهر في أعمال الملوح هو وضوح رسالتها وبساطتها وأيضاً عمقها، عبر استخدام مفردات بصرية تمثل الماضي كما نراه الآن بكل تأثيراته الحالية، تثير الفنانة مشاعر متضاربة يختلط فيها الحنين للماضي مع نقده.وبعيداً عن العموميات، غذاء للفكر، السلسلة الفنية الماضية في التطور، تستخدم صواني الخبز الخشبية التي كانت تستخدم منذ 30 عاماً، وبدلاً من الخبز اختارت الفنانة غذاء آخر قد لا يكون له ما للخبز من فوائد، فاستخدمت شرائط الكاسيت التي راجت في الثمانينات وحملت محاضرات ودروساً دينية أثرت في كثيرين ومثلت غذاء لفكر اتخذ موقفاً حاداً من المجتمع وقيمه. الغذاء كقيمة وكوسيلة فنية تتخذه الفنانة أداة للتعبير، ترى أن الغذاء "يجمع الناس، وأن صواني الخبز التي تحولت على يدها لنموذج وأداة فنية بصرية كانت تحتوي على الخبز اللذيذ وأصبحت من خلال أعمالها أداة لحمل الشرائط الصوتية القديمة التي جمعت أناساً كثيراً حولها".وفي السلسلة نفسها قدمت الملوح أبراجاً من آنية الطهي مثلت أيضاً نظرتها للتطور العمراني وتأثيره على التراث والمعمار المحلي، ولعل من أجمل ما أبدعته الفنانة عمل "المعلقات"، التي استخدمت فيها أيضاً أواني للطهي، صفت منها أشكالاً متباينة على جدار، ومثلت أيضاً بالنسبة لها تعليقاً على تراث وعادات مضت وموقفاً من "إلغاء الماضي"، كما علقت خلال حديث معها في جدة.