دمشق - العرب اليوم
تنزف الريشة بالألوان في مخيم اليرموك، لتستقر على اللون الرمادي، وتسرد حكاية مخيم يقع على أطراف العاصمة دمشق، شهد على كل أشكال القتال على مدى أكثر من سبعة أعوام من الحرب السورية، وقد قرر طلاب وفنانون تشكيليون سوريون، بالتعاون مع جمعية «نور»، رسم ألوان الحياة في المخيم الذي يتبدى في جنباته الدمار واللون الرمادي، واختاروا اسم «عشب» للتعبير عن الحالة، إذ ينبت العشب غالبًا عند زوايا المدن المدمرة.
ويعكف ما بين عشرين وخمسة وعشرين رسامًا على تجسيد واقع مخيم اليرموك يوميًا، لرصد تبعات الحرب عبر الريشة واللون، وقراءة الحرب والحياة معًا، في لوحات تتنبأ بواقع أفضل، وبعد استعادة مخيم اليرموك من سيطرة المسلحين التي استمرت أعوامًا، يسعى الرسامون لأن يكونوا أول المسيطرين بالفن والإبداع على واقعها، يحدوهم الأمل في أن تشكل أعمالهم دافعًا لأمل بحياة مستقرة ومزدهرة.
ويقول المشرف على مشروع «عشب»، عبدالناصر ناجي، إن اقتراح الاسم انبثق من ألوان الحياة، ويضيف قائلًا لـ«رويترز»: «رغم كل هذا الدمار الحياة مستمرة، ومهما عمل الإرهاب فنحن موجودون، والحياة مستمرة.
رسمنا أكثر من 20 لوحة، وسنرسم مزيدًا من اللوحات. نريد أن نعمل قدر المستطاع اللوحات الملونة.
والألوان والرسومات هي التي ستعبّر عن الواقع أو عن الشيء الذي سيحدث».
وقد اختار الفنانون التشكيليون أن يكونوا أول من يبدأ بوضع حجر الأساس للعودة إلى المخيم، من خلال رسومات تعكس الواقع كما تراه الريشة، من خلال ثورة ألوان يشارك فيها رسامون من المخيم وخارجه.
ويقول ناجي، إن الفكرة شجعته على استنباط الصور، على الرغم من انتقاد البعض لهذا المشروع الذي لا يشكل أولوية بالنسبة لعودة النازحين ومتطلبات العيش، واجتهدوا في مسعى لإنجاز لوحاتهم خلال فترة عيد الأضحى، وذلك لعرضها في مهرجان يقام بعد العيد، من دون انتظار مردودها المادي واحتمال عرضها للبيع.
ويقول ناجي في هذا الإطار «ليس هناك شيء للبيع مبدئيا.
لم نقترح هذه الفكرة لأننا نريد أن نعمل معرضا في المخيم بعدما ننتهي"، والرسامون متطوعون لا يتلقون بدلًا ماديًا، ومعظمهم فنانون تشكيليون وطلاب كليات الفنون الجميلة، ومتطوعون من جمعية «نور» التي تكفلت بمصاريف اللوحات والمواصلات.
وقد راقت الفكرة للطالب في كلية الفنون الجميلة أمجد جودة، من أهالي مخيم اليرموك، الذي قال لـ«رويترز»: «الفكرة حلوة، لن ندخل باسم مبادرة “عشب” بين الركام"، وقبل سبعة أعوام، خرج أمجد من مخيم اليرموك بعد دخول المسلحين إليه.
ولدى العودة اليوم وجد أن كل ما في المخيم قد تبدلت معالمه، ما حفزه على تصوير المشهد بريشة الفنان.
ويوضح أمجد «رجعت بعد سبع سنوات... طبعا عندما خرجت لم يكن المخيم هكذا.
كانت فيه حياة"، أما الطالب المشارك أشرف اليوسف، فيسعى إلى تطويع اللون ليتناسق والحياة الجديدة في المخيم، ويقول: «تلاحظ أن اللون الأخضر ودرجاته موجود باللوحة.
استعملت الرمادي الذي يدل على الدمار، والأخضر على اسم فعالية “عشب”، وأشتغل على مشروع اسمه “دشمة الملك”.
هذه الدشمة كان فيها أربعة عناصر من الجيش، وصمدوا بهذه الدشمة ضد المجموعات، وكانت محاصرة. سموها “دشمة الملك” وسموها “القسطنطينية”؛ لأنها صمدت كثيرًا».