فيلم الجدار الأخير للمخرج حيدر الجزائري

شارك العراق، ضمن النسخة الجديدة من مهرجان الكاميرا العربية السينمائي في مدينة روتردام الهولندية، بفيلم الجدار الأخير للمخرج حيدر الجزائري، والذي يندرج ضمن الأفلام القصيرة.

وتدور أحداث فيلم الجدار الأخير والذي تبلغ مدته 20 دقيقة في غرفة ريفية لأم عراقية شيدتها لكي تزوج ابنها، حين اخترق تنظيم داعش الحدود العراقية وأصبح على تخوم مدن عراقية كثيرة مقترباً من المدينة التي يسكنها، فأحس الابن أن مقاومة الحركات المتطرفة واجب وطني، وبدونه سوف تسقط مدن عراقية كثيرة، فيلتحق بالمقاومين ويصاب في كتفه بشظايا كان لا بد من أن يخسر يده لكي يسلم جسمه من الأذى، لكنه يرفض أن تقطع يده وهو يعاني بين حلم الزواج وحلم الدفاع عن الوطن، ويريد أن ينجز الجدار الأخير لغرفة الزوجية، يتوصل الأطباء إلى إمكانية إجراء عملية وفيها نسبة ضئيلة من النجاح خشية أن يسري التسمم إلى جسمه ويخسر حياته، وبعد نجاح العملية يذهب سعيداً إلى بيته لكي ينجز بناء الجدار الرابع لغرفة الزوجية، فيحصل انفجار في المنطقة وتنطفئ الأحلام!

وأوضح المخرج حيدر الجزائري: "لقد غطت أكاديمية السينما في هولندا "أكاديمية الملك وليام جامعة روتردام" جانباً هاماً من متطلبات الإنتاج وكذلك العمليات الفنية اللاحقة، إذ لم تكن الأكاديمية تعتقد بأنني سوف أسافر للعراق لتصوير الفيلم في مواقعة الحقيقية"، مضيفًا: "كان يمكن أن أدخل البلاتو وأنفذ المشاهد في هولندا، لكنني من أجل صدق الواقع كنت مصراً للذهاب إلى العراق، ولكي يحقق طالب سينما مثلي فيلماً بعشرين دقيقة وهي مدة زمنية غير قليلة، وفي ظروف فنية وإنسانية صعبة، تفرض علي دفع مبالغ للممثلين وفي الأقل توفير الطعام والتنقلات لهم ونقل المعدات في مواقع تصوير متباعدة عن بعضها، بينما لو صورت الفيلم في هولندا لما تحملت هذه الكلفة الإنتاجية في التنقلات والطعام، هذه مشكلة حقيقية تضاف إلى المشاكل الاجتماعية".

ومن المشاكل التي واجهت تجربة المخرج أضاف حيدر الجزائري: "عندما ذهبت إلى العراق ومع كل معاناة الوصول عن طريق دولة الكويت ومعي معدات التصوير، باشرت ببناء البيت وتصوير البناء وهو ضمن سياق الحدث في السيناريو، أدركت أهمية الواقع وانعكاسه على جماليات الفيلم وصدق تعبيره، ما لا يستطيع الديكور خارج وطن الأحداث تحقيق هاتين الميزتين "الجمالية وصدق التعبير"، ولكن بالمقابل كانت ثمة عوامل سلبية في التجربة، هذه السلبية تتمثل في العادات والتقاليد، وعلى سبيل المثال "من الطبيعي أن تكون العلاقة الإنسانية بين الأم وأبنها بطلي الفيلم أن يمسك أحدهما الآخر أو يلمس الشاب يد أمه، أن تعانقه أمه قبل الذهاب للمعركة" وهذا ما لا يجوز أن تحصل مثل هذه العلاقة على المستوى الاجتماعي حتى وأن كان على سبيل التمثيل، مما اضطرني ذلك أن أبحث عن أم ممثلة وابنها ممثل وأسند لهما الدورين حتى أستطيع ويستطيعان أن يتصرفا كأم وابن، ولو كان الابن ممثلاً والأم ممثلة وهي ليست أمه الحقيقة لتعذر علي تحقيق هذه العلاقة الإنسانية في الفيلم، كانت هذه العلاقة وإسناد الدورين إلى أم وابنها الممثل ساعدني أيضاً في حميمية العلاقة سينمائيا".

وتحدّث الجزائري عن المخاطر التي واجهتهم في التصوير قائلًا: "تمثلت بظروف الإرهاب وتوقعات هجوم الإرهابيين على أية منطقة يختارونها وبشكل خاص لو عرفوا بوجود تصوير فيلم ويتحدث عن الإرهاب ومقاومته، وبعد أن أنجزنا التصوير حصلت إنفجارات في المنطقة التي صورنا بها بالذات".

وبحسب رأي المخرج قاسم حول فإنه يقول : شاهدت مشاهد من الفيلم وشعرت بأن حيدر الجزائري مخرج واعد وأظن أن فيلمه فيه من المشاهد المؤثرة التي تتجاوز أفلام الأكاديميات التي تتسم عادة بالجانب التجريبي. أنها تجربة لمخرج محترف، ساعدته خبرته في المنطقة العربية وفي العراق وفي دبي في تأكيد حرفيته، ومن هذا المنطلق فإن أكاديمية الملك وليام السينمائية الهولندية فتحت له ولأول مرة أفق السفر وتصوير الفيلم كما لو كان فيلماً حرفياً وهو كذلك وأظن بأنه سوف يأخذ مكانته في مهرجانات السينما في العالم، ومن الملاحظ أن المخرج حيدر الجزائري عمل مساعد مخرج في قناة "سما دبي" لقرابة العام، وكان أحد مؤسسي القناة العراقية في مدينة البصرة بعد سقوط النظام السابق، اكتسب خبرة عملية أهلته كي يلتحق بأكاديمية الملك وليام الهولندية، ومؤهل لأن يخوض تجارب روائية كمخرج وأيضاً كمونتير.

وحاز فيلم الجدار الأخير على الجائزة الأولى لأفضل فيلم قصير في مهرجان شاندلار السينمائي في أميركا، وتم اختياره في قائمة أفضل عشرة مشاريع تخرج لعام 2016 من بين أكثر من 300 مشروع تخرج، كما ترشح الى جائزة دريمبل برايز 2016.