بغداد ـ نجلاء الطائي
شاركت رئيس لجنة الثقافة والإعلام البرلمانية ميسون الدملوجي في المؤتمر الذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس لحماية التراث الثقافي العراقي في المناطق المحررة من تنظيم "داعش". وقدمت الدملوجي في كلمة لها في المؤتمر الذي حضرته مديرة "اليونسكو" ايرينا بوكوفا في باريس، شكرها وتقديرها للمنظمة على دعمها للعراق ولاسيما في إدراج الأهوار والمدن الأثرية في لائحة التراث العالمي، مبينة أن كل شبر في العراق يستحق أن يكون في هذه اللائحة لما يمتلكه العراق من شعب قادر على خلق الحضارات على مر التاريخ.
وأشارت الدملوجي إلى أن العراقيين حريصون جدا بكل مكوناتهم وأطيافهم للحفاظ على موروثهم الحضاري الذي يمثل ركناً أساسياً من هويتهم الوطنية وعزمهم على ترميم ما دمره تنظيم "داعش"، وإعادة اللحمة الوطنية في العراق عموما وفي محافظة نينوى خصوصا التي تميزت عبر التاريخ بالتنوع الديني والإثني والقومي والمذهبي التي مثلت تعايش الأقوام فيها بسلام عبر آلاف السنون. ودعت الدملوجي منظمة "اليونسكو" إلى أن تكثف تواجدها في العراق لإعادة مكتب العراق إلى مقره في بغداد، مشددة على ضرورة اعتبار اللجان المعنية في مجلس النواب شريكاً استراتيجياً لعمل المنظمة للاستفادة من خبرات المنظمة والدول الأعضاء في تشريع القوانين ذات العلاقة.
وكشفت الدملوجي عن أن المؤتمر تناول في اعماله حالة الموروث الثقافي في المدن المحررة وأقامت ورش العمل لتقييم الأضرار وسبل الحماية من عمليات التهريب، والتعددية الدينية وصيانة الجوامع والكنائس ودور العبادة، وصيانة المتاحف وتقييم حجم الخسائر في المخطوطات التاريخية. هذا ووصل وزير التربية محمد إقبال عمر الصيدلي، الخميس، إلى العاصمة الفرنسية باريس، وذلك للمشاركة في المؤتمر الدولي لحماية الآثار في المناطق المحررة من الإرهاب في العراق والذي تنظمه "اليونسكو".
وذكر بيان للوزارة ، أن "مشاركة إقبال جاءت بناء على الدعوة الموجهة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، مبينا أن "وفد جمهورية العراق يضم كذلك ممثل عن رئيس الجمهورية ، ووزير الثقافة السيّد فرياد راوندوزي". وأوضح البيان، أن "المؤتمر شهد مشاركة نحو 80 شخصاً في مجموعة من جلسات العمل المعنيّة بحماية المواقع الأثريّة ومنع تعرّضها لعمليّات النهب، وركز المشاركون على نحو خاص على مواقع التراث العالمي في العراق مثل موقع نمرود وآشور (القلعة الشرقيّة) والحضر".
وأشار البيان إلى أن إقبال سيلقي كلمة خاصة بالمؤتمر يستعرض فيها الواقع الراهن وكيفية الحفاظ على الآثار العراقية من النهب والتدمير"، ويذكر أن انطلقت في وقت سابق أعمال المؤتمر في مقر منظمة "اليونسكو" في باريس والخاص بحماية الاثار والممتلكات الثقافية العراقية بحضور وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية لوران فابيوس والمدير العام لليونسكو ايرينا بوكوفا وممثل العراق الدائم لدى "اليونسكو" الدكتور محمود الملا خلف، بالاضافة إلى وفدي وزارتي الثقافة والسياحة والآثار، فضلا عن ممثلي الدول الأعضاء في "اليونسكو" وعدد كبير من الخبراء والدبلوماسيين.
وأعلن بيان صدر عن وزارة الثقافة والسياحة والاثار أن هذا المؤتمر يأتي ضمن سلسلة من الاجتماعات المتواصلة، نظمتها الوزارة بالتنسيق مع وزارة الثقافة، وبالتعاون مع "اليونسكو" لدق ناقوس الخطر امام الرأي العام العالمي وتحشيد الجهود الدولية لحماية الاثار والممتلكات الثقافية العراقية من جرائم "داعش"، ومنع المتاجرة غير المشروعة بالاثار العراقية وإلزام الدول لا سيما دول الجوار باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع مرور الآثار العراقية عبر أراضيها.
وأضاف البيان أن المؤتمر استهل بكلمة وزير الشؤون الخارجية والتنمية الدولية، التي اشارت إلى ضرورة حماية الإرث العراقي، وأن فرنسا ستقدم كل ما بوسعها لتعزيز الجهود الرامية لتحقيق هذا الهدف، وطالب جميع المندوبين لدعم الخطط، التي تساعد على ذلك. وأشار إلى خطورة الوضع في العراق وما يتطلبه الأمر من تفعيل القانون الدولي لحماية الاثار العراقية بنفس الاهمية التي تقتضي حماية الإنسان.
وألقت مدير عام "اليونسكو" إيرينا بوكوفا كلمة أشارت فيها إلى الخطر، الذي يتعرض له التراث العراقي، لافتة إلى أن العراق يواجه مأساة انسانية لم يشهد لها التاريخ، وأنه عانى على مدى عقدين من الزمن من مخاطر وتحديات عديدة ، مضيفةً إلى أن "اليونسكو" قد وجهت نداءا إلى كافة الدول للحيطة والحذر ومتابعة وحماية اية قطعة اثرية مسروقة من العراق، لاسيما وأن مجلس الأمن الدولي كان قد اتخذ قرارا مهما يقضي بحماية الآثار العراقية والسورية . وناشدت بوكوفا جميع الدول التي وقعت على اتفاقيات "اليونسكو" بتنفيذ بنودها، مختتمةً كلمتها بدعوة كافة دول العالم لدعم وتفعيل خطة الطوارئ التي اطلقتها "اليونسكو" واتخاذ الاجراءات السريعة لحماية الاثار العراقية، مشيرةً إلى أن العراقيين لن ينسوا من وقف معهم.
وفي السياق ذاته عقد اجتماع الطاولة المستديرة لمناقشة الوضع الراهن للتراث الثقافي في العراق، قدم خلالها مدير عام دائرة المتاحف قيس حسين رشيد عرضا مفصلا عن أهمية الموروث التراثي العراقي وعملية إعمار وصيانة المتاحف والنجاح الحاصل بملف استرداد الآثار العراقية وممتلكاته الثقافية ودرج المواقع الأثارية على لائحة التراث العالمي ودور "اليونسكو"، مؤكداً أن العراق قد تعرض موروثه الثقافي والإنساني والحضاري إلى كارثة حقيقية بسبب جرائم "داعش" التي لا تزال تفترس آثارنا بفكين مدمرين، عاثت بالأرض فسادا لاسيما في محافظة الموصل التي تحتوي على ١٧٩١ موقعا اثريا و٢٤٠ موقعا تراثيا، مستعرضاً قيام "داعش" بسرقة الكنوز وتفكيك القطع الأثار الكبيرة لتهريبها من أجل تمويل عملياتها المتطرفة.