بغداد – نجلاء الطائي
أعلن منسق بعثات التنقيب الأجنبية في العراق عبد الامير الحمداني، استئناف البعثة الفرنسية عملها في موقع "تلو الاثري"، شمال الناصرية، (375 كم جنوب العاصمة بغداد) ضمن الموسم الثاني لعملها، وأكد أن العمل يأتي في إطار عقد يمتد لخمس سنوات مع وزارة السياحة، فيما اشار الى ان أعمال التنقيب تجري بالتنسيق مع المتحف البريطاني.
وقال عبد الامير الحمداني، إن "بعثة التنقيب الفرنسية برئاسة سيباستيان راي استأنفت العمل في "موقع تلو" الاثري الذي يضم مدينة كرسو الاثرية في ناحية النصر، (65 كم شمال الناصرية)"، مبيناً أن "البعثة ستواصل عملها للموسم الثاني ضمن عقد موقع مع وزارة السياحة والآثار السابقة لمدة خمس سنوات".
وأضاف الحمداني، أن "البعثة الفرنسية تجري أعمال التنقيب بالتنسيق مع المتحف البريطاني في موقع تلو الاثري الذي يعود تاريخه الى فجر السلالات السومرية حقبة حكم سلالة لكش الاولى 2500 عام قبل الميلاد".
وتضم محافظة ذي قار كمًا كبيرًا من المواقع الأثرية وبعد إجراء عمليات المسح الأثري للمحافظة في أعوام 2005 و 2008 و 2010 التي أجرتها مفتشيه أثـــــار ذي قار ".
وقد وصل عدد المواقع الأثرية إلى ما يقارب من 1200 موقع أثري . وعند زيارة الدكتور هنري رايت أستاذ آثار الشرق في جامعة شيكاغو في الولايات المتحدة الأميركية إلى الناصرية في تموز 2003 قال بأن علماء الآثار في الغرب يطلقون على الناصرية أسم متحف الآثار العالمي " لما تضم من عدد كبير من المواقع الأثرية المهمة .مشيرًا الى أن عدد المواقع في ذي قار هي أكثر من أثار فرنسا و ايطاليا مجتمعتين .
أما الحقبة التاريخية لهذه المواقع الأثرية فهي مختلفة تبدأ في أولى بدايات القرى الزراعية وعصر دويلات المدن السومرية الأولى في غضون ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، عندما كان بلاد وادي الرافدين مقسم إلى مدن ودويلات عامرة بمبانيها ومعابدها وأسوارها. وقد كشفت عمليات التنقيب التي أجريت لهذه المواقع عن أسرار وحلقات تاريخية غاية في الأهمية وعثرنا على آثار قيمة فنية وأدبية وثقافية ودينية وهذه المدن وأطلالها شاخصة إلى يومنا هذا .
وكانت مفتشية الآثار في محافظة ذي قار أعلنت، في الـ( 26 ايلول 2016 )، استئناف بعثة التنقيب الايطالية عملها في تل (أبو طبرية) جنوبي الناصرية، (375 كم جنوب العاصمة بغداد) ضمن الموسم السادس لعمل البعثة، وفيما أكدت أن العمل يأتي في إطار عقد يمتد لخمس سنوات، أشارت الى استعداد بعثة فرنسية للعمل في موقع تلو الاثري الذي يضم مدينة كرسو الاثرية في ناحية النصر، شمال الناصرية.
وتعد بعثة التنقيب الفرنسية التي تعمل في موقع تلو الاثري رابع بعثة تعمل في محافظة ذي قار منذ عام 1990 ، إذ سبقتها بعثة أميركية من جامعة نيويورك بقيادة أليزابيث ستون قامت بالتنقيب في محيط مدينة أور التاريخية نهاية 2011 وبعثة ايطالية برئاسة فرانكو دي اغستينو تعمل في موقع أبو طبيرة الأثري (8 كم جنوب الناصرية) منذ مطلع عام 2012 ، وبعثة تنقيبية بريطانية بقيادة عالمة الأثار من جامعة مانشستر جين مون، باشرت عام 2013 بالتنقيب في موقع (خيبر) الأثري الذي يعود إلى عصر فجر السلالات ويقع بالقرب من ناحية البطحاء (40 كم غرب الناصرية)، فيما قامت فرق تنقيب محلية بالتنقيب في عدد محدود جداً من المواقع الاثرية في محافظة ذي قار.
وتضم محافظة ذي قار، مركزها مدينة الناصرية، أكثر من 1200 موقع آثاري يعود معظمها إلى عصر فجر السلالات والحضارات السومرية والأكدية والبابلية والخمينية والفرسية والساسانية والعصر الإسلامي، وتعد من أغنى المدن العراقية بالمواقع الآثارية المهمة، إذ تضم بيت النبي إبراهيم (ع) وزقورة أور التاريخية، فضلاً عن المقبرة الملكية، وقصر شولكي ومعبد (دب لال ماخ) الذي يعد أقدم محكمة في التاريخ.
وهناك مواقع أثرية عديدة في ذي قار خالية من أي أسم محلي ويسمى فقط التل أو الايشان أو الجميد , وذلك بسبب وقوعها بمناطق نائية خالية من استيطان أو لصغر الموقع وانخفاضه . وقد اكتشفت مفتشيه آثار ذي قار مواقع أثرية عديدة لأول مرة فهي لم تثبت بجريدة الوقائع العراقية، ولم يصل إليها أي أحد.
وظلت المواقع الأثرية في ذي قار طيلت القرون الماضية محمية وخالية من أي تجاوز، وذلك بسبب أن سكان المواقع القريبة لها تسرد الأساطير والأرواح التي تحمي تلك المواقع واللعنة التي تلاحق كل من يتجاوز على الموقع الأثري , وربما هذه الأساطير حافظة على حماية المواقع الأثرية لقرون عديدة إلا إن التنقيبات التي حدثت في عشرينات القرن الماضي واكتشاف الذهب والقطع الأثرية ساهم في ظهور لصوص الآثار والمهربين , لكن تطورت عمليات السرقة للمواقع الأثرية بشكل واضح أثناء الحرب العراقية الإيرانية بسبب الظروف الاقتصادية وتنامي دور العصابات المنضمة وقيام سلطة صدام آنذاك بالمتاجرة في الآثار وتهريبها.