بغداد - نجلاء الطائي
أكد وزير الثقافة والسياحة والآثار فرياد رواندزي، أن ظاهرة التطرف بكل أسبابها العميقة وتجلياتها المتنوعة، تحتاج إلى تحليل عميق ودراسات موضوعية ونقاش متنوع وواسع لا ينحصر بالجانب الفكري فقط، بل بالجوانب السياسية والاقتصادية والتربوية والتعليمية والثقافية والنفسية والدينية، وذلك كي يتم التمكن من معالجة جذورها قبل التعامل مع ظواهرها، ومن خلال تفكيك هذه المنظومة ومفرداتها وعوامل وجودها ومنعها من الظهور والبقاء ولتعيد إنتاج نفسها.
جاء ذلك خلال القائه لكلمة العراق في ندوة (التطرف وأثره السلبي على مستقبل التراث الثقافي العربي)، والتي ينظمها الأزهر الشريف بالتعاون مع جامعة الدول العربية في مدينة نصر.
وأشار رواندزي في كلمته إلى الأسباب الكامنة وراء ظاهرة التطرف قائلًا: إن فكر التطرف أينما وجد لا يأتي اعتباطاً، إنما مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمنظومة معقدة وواسعة تغذي الإرهاب والتطرف وفق فكر ممنهج يدعو إلى الانعزال والانغلاق بدعوة إن كل جديد هو كفر ومناف للمبادئ والقيم والثوابت، وكل قديم هو وثنيات وأصنام، ولعل التطرف الديني السياسي، والذي لا يمكن إنكار تواجده في مجتمعاتنا فكرًا وثقافة، يتغذى من خلال هذه المنظومة والمرتبطة أيضًا وللأسف الشديد بعدد من حكومات ومراكز دينية ومنابع مالية لا تنضب، وهي نصيرة للمنظومة المذكورة ورديفة لها.
وأشار الوزير العراقي، في معرض كلمته إلى العلاقة بين الحاكم والمواطن وما شابها من استبداد والتي ساعدت على انتشار التطرف بين الشباب، حيث قال: إن علاقة الحكومات والحاكم بالمواطن شابها لاستبداد وسوء استخدام السلطة وتفشي الفساد الإداري والمالي وتغافل المبادئ السامية لحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية وبناء مجتمع على أساس التنمية المستدامة والإصلاح الرامي إلى انتشال الإنسان من الفقر والعوز وغياب المشاريع التي يكون فيه المواطن ومنهم الشباب على وجه الخصوص هدفاً لها وبعكس ذلك فإن الإدارة السيئة للحكومات أطاحت بأحلام الشباب وبالتالي نرى "أي الشباب" ينحرف نحو منظومة الإرهاب التي تتخذ من التطرف منهجًا وفكرًا وممارسة، فوجد الشباب أمامه التطرف الديني ينفث فيه آلامه وآماله المحبطة وكراهيته للمجتمع والناس والتراث والثقافة وأي منتوج إنساني أنتجه عبر الحضارات.
ولفت الوزير إلى ضرورة صيانة وحماية التراث الثقافي لشعوبنا وجعله عاملًا للتفاعلات الإيجابية بين جماعات التنوع التي تعني منطقتنا بها وأن يتحول إلى جسور لربط الثقافات المختلفة للشعوب العربية وغير العربية، الإسلامية وغير الإسلامية لأن الموروث الثقافي للمنطقة هو وليد عصره ولا يمكن أن يكون أسير المزاجات والايديولوجيات المتطرفة في هذا الزمان ولا في أي زمان ومكان آخر.
يذكر أن العراق يشارك بوفد رفيع المستوى يضم إضافة إلى السيد وزير الثقافة والسياحة والآثار فرياد رواندزي، السيد رئيس ديوان الوقف الشيعي علاء الموسوي والسيد رئيس ديوان الوقف السني عبد اللطيف الهميم ومستشار رئيس الوزراء الشيخ عبد الحليم الزهيري.