لندن كارين إليان
حجبت محتويات مخطوطة سلدن لمدة تزيد عن 500 عام بواسطة طبقة من الجص الأبيض, الأمر الذي أدى إلى اخفاء تفاصيل حضارة مفقودة عاشت في المكسيك قبل وصول الإسبان، وأظهرت تقنية تصوير جديدة سمحت للمؤرخين باختراق المادة العلوية والكشف عن وجود سلسلة صور توضيحية أسفل المخطوطات، وتوفر لمحة في التاريخ والثقافة عن الحضارة المكسيكية المبكرة والتي عرفت باسم الميكستيك، وتم فحص مخطوطة سلدن التي تعود إلى عام 1560 وهي واحدة من أقل من 20 مخطوطة مكسيكية نجت من فترة ما قبل كولومبوس،
وشك الخبراء لفترة طويلة في أن المخطوطة تكونت من وثيقة أكبر عمرًا, لكنها مخبأة لتوفير سطح جديد للكتابة، وتم تغطية المخطوطة التي يبلغ طولها 16 قدم بالجص الأبيض المصنوع من الجبس والطباشير قبل أن يتم طيها إلى مخطوطة مكونة من 20 صفحة، وفي عام 1950 تم كشط بعض الجص ليكشف عن صورة مبهمة في الأسفل ولكن لم يفعل أي شيء لاكتشاف ما تحتها خوفا من الإضرار بها.
واكتشف باحثون من جامعة ليدن في هولندا بالعمل مع مؤرخين في مكتبات بودليان في جامعة أكسفورد حيث تظهر المخطوطة طريقة جديدة للرؤية من خلال الجص، ونشرت نتائج الدراسة في مجلة Archaeological Sciences، واستخدم الباحثون تقنية تعرف باسم التصوير الطيفي للكشف عن الخطوط العريضة للصور التوضيحية في الوثيقة الأصلية، وأوضح لودو سنيغيرس عالم الآثار في جامعة ليدن الذي قاد العمل, "لأول مرة يمكننا الكشف عن الصور المطبوعة دون الإضرار بالعنصر الأصلي، وما يثير الاهتمام أن النص الذي وجدناه لا يتطابق مع مخطوطات الميكستيك المبكرة الأخرى، وما وجدنا كان فريدًا من نوعه ولا يقدر بثمن لتفسير البقايا الأثرية من جنوب المكسيك".
وحلل الباحثون 7 صفحات من المخطوطة وتضم بعض الصفحات أكثر من 20 حرفًا جميعهم في نفس الاتجاه، وعثر على مشاهد مماثلة في مخطوطات الميكستيك الأخرى والتي تمثل عادة الملك ومجلسه، وتم تحليل الرموز المخبأة تحت وثيقة سلدن وظهر بينها خليط من الرموز النسائية والذكورية، ما ترك العلماء في حيرة حول ما يصوره النص، وتضمن صور أخرى أشخاص يمشون بالعصى والرماح وسيدة ذات شعر أحمر وأغطية للرأس ورموز تجسد نهر، وكشفت الصور عن ظهور شخصية بارزة بشكل متكرر في الوثيقة ويمثلها شكل منقوش يضم حبل ملتوي وسكين، ويبدو الاسم يشبه شخص ورد في مخطوطات مكسيكية أخرى مثل مخطوطة بودلي ومخطوطة زيوش نوتال والمحفوظة في المتحف البريطاني، ويعتقد أن هذه الشخصية من الأسلاف الهامة المتصلة بمواقع آثرية في Zaachila و Teozacualco في المكسيك، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من التحليل للتأكد من أنه هو نفس الشخص.
وبين رئيس قسم علوم التراث في مكتبات بودليايان ديفيد هويل والذي شارك في البحث, "يعد التصوير الطيفي واعدًا في مساعدتنا للبدء في إعادة بناء قصة المخطوطة الخفية واسترداد معلومات جديدة حول تاريخ الميكسيك، وكشف أن هذه تقنية جديدة وتعلمنا دروسًا قيمة حول كيفية استخدام التصوير الطبقي في المستقبل على حد سواء بالنسبة لهذه المخطوطة الهشة, وبالنسبة لمخطوطات أخرى لا حصر لها".